خياران والقرار أبعد من غزة

زاهر أبو حمدة

اختار الاحتلال التوقيت الخاص به لتنفيذ عملية الاغتيال. هنا التوقيت مهم لأنه يرتكز على تحضير مسرح العمليات بعد الاعلان عن مناورات عسكرية في الجنوب والشمال وقبرص. وكذلك أخذ الضوء الأخضر الأميركي بعد “مناقشة فيديو آمنة” بين رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغبي ونظيره الأميركي جيك سوليفان، وشارك في النقاش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وهذا يعكس ما كشفته هيئة البث الاسرائيلية “مكان”، عن تفاصيل متعلقة بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، فجر اليوم الثلاثاء، من بينها أن العملية كانت مخططة ليوم الأحد لكنها أجلت، من دون ذكر الأسباب. وقالت الهيئة إن جيش الاحتلال باشر منذ الأسبوع الماضي، باستعدادات للعدوان وأصدر وزير الأمن الاسرائيلي يوآف غالانت، تعليماته إلى كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية بإعداد خطة لتصفية كبار القادة العسكريين في حركة “الجهاد الإسلامي”، في اليوم نفسه الذي أطلقت فيه قذائف صاروخية من القطاع رداً على استشهاد الأسير خضر عدنان. وأعطت المستشارة القانونية لحكومة الاحتلال غالي بهراف ميارا، الأذن للمباشرة بتنفيذ العملية من دون الرجوع الى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، كما جرت العادة في حروب وعمليات اغتيال سابقة.

وطالما أن الاحتلال استعد تماماً لرد الفعل بعد عمليات الاغتيال لأهم القادة العسكريين في “سرايا القدس”، فهذا يعني أن عنصر المفاجأة انتفى، وأصبحت لديه القدرة على التعامل مع المتغيرات الميدانية. لذلك أمام المقاومة في غزة خياران: الرد السريع لتثبيت قواعد الاشتباك، أو الاستمهال بالرد حتى يكون مباغتاً وله فاعلية أكبر.

في الخيار الأول، سيكون القرار موحداً وهذا ما عبّرت عنه غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، وفيه الكثير من الكبرياء. أما الخيار الثاني، فيشمل التجهيز الكبير لمعركة طويلة باختيار التوقيت المناسب للمقاومة. ومن دون انفعالات عاطفية، فالأفضل هو الخيار الثاني لأن الاحتلال أراد الرد على إطلاق الصواريخ، لكن العنوان للصواريخ الفلسطينية كان المسجد الأقصى أو الأسرى. حالياً، الغرفة المشتركة سترد وهذا مضمون الفعل، وحبذا لو اقترن الرد بمسيرة الأعلام في القدس واغتيال الشاب ديار عمري في بلدة صندلة في أراضي الـ48 والاعتداءات في الضفة. هكذا هي وحدة الساحات وتوحيد الجبهات. وبالتالي يمكن انتظار مسيرة الأعلام في القدس بعد أيام واستغلالها ليكون عنوان المعركة أشمل وأوسع وأعمق.

ويمكن القول إن هذه المعركة لن تشمل فصيلاً واحداً إنما الفصائل كافة ومعها جبهات أخرى كسوريا ولبنان وهذا ما ألمح إليه نتنياهو، أي أنه جاهز لضرب إيران وحلفائها في معركة متعددة الجبهات. وهنا تكون طبيعة الرد أهم من الرد نفسه؛ فالمرة الماضية كانت المفاجأة بصواريخ من لبنان، أما هذه المرة فلا يُعرف كيف ستكون المفاجأة؟ وعليه ربما تتدحرج الأمور نحو حرب شاملة وطويلة. لكن ما تشير إليه المعطيات الآن أن الأمور متجهة نحو ما هو أقوى من معركة وأقل من حرب.

شارك المقال