مسلسل النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون طويل لا ينتهي، وعلى الرغم من القرار التأديبي الصادر بحقها لا تزال مستمرة في أداء عملها وكأن شيئاً لم يكن، وتسرّب أخباراً عن ادعاءات ستتقدم بها في المرحلة المقبلة تجاه كثيرين. هذه السلطة الممنوحة لها تعود الى أن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري يشكل رافعة و”سندة ظهر” لها بسبب انتمائهما الى “التيار” نفسه. فـ “قاضية البلاط” لا تهاب القانون ولا القضاء مع العلم أن ملفها حافل بمخالفاتها القانونية وتجاوز صلاحياتها المكانية، وبدلاً من ممارسة عملها كمدعي عام جبل لبنان باتت تُعرف بـ”المُغرّدة” عبر “تويتر” الذي تستخدمه بطريقة مفرطة عن طريق نشر القدح والذم والافتراءات التي لا تُعد ولا تُحصى بحق الكثيرين، الى جانب تضليل الرأي العام وإثارة النعرات الطائفية، متناسيةً أن القاضي ممنوع عليه الادلاء بتصريحات خصوصاً السياسية منها.
من ينسى تغاضيها عن القضايا التي تمس برئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أو حلفائه السابقين إبتداءً من ملف الكهرباء والفيول المغشوش وصولاً الى “القرض الحسن” الذي لم تتحرك فيه مع العلم أن رائحة فساده منتشرة في غالبية المناطق اللبنانية؟ لتبقى “القاضية المُغرّدة” تستعرض ملفات معينة وتمنع وصولها الى خواتيمها لمخالفتها الأصول الاجرائية، وتتشبه في أفعالها بالكيدية الباسيلية والعونية التي تحركها تجاه البعض، والتي أوصلت البلد الى ما بعد جهنم نتيجة سياسات “التيار” ومصالحه الضيقة. فمن يصدق أن هذه القاضية لم يسلم أحد من شرها واتهمت نصف المسؤولين الحاليين والسابقين بتهمة تبييض الأموال العامة وبجرائم الاثراء غير المشروع والاحتيال وإساءة الأمانة، فيما رفضت في المقابل المثول أمام القضاء عدّة مرات وقام “المطبلون” في “التيار” بمساندتها وتنظيم وقفات إحتجاجية “تعاطفاً” معها على الرغم من صدور قرار بحقها في السابق يقضي بكف يدها عن الملفات بناءً على طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عوديات؟ والسؤال متى ستوضع هذه القاضية المتمردة على السلطة القضائية عند حدّها؟
المحامي مجد حرب رأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “القاضية عون لا يجب أن تكون مدعي عام جبل لبنان بل لا يجب أن تكون قاضي سير، وحملة التعاطف الصغيرة معها مفهومة نوعاً ما، لكن تقنياً وقانونياً غير مفهومة، فهي لم تعد الى عملها لأنها تريد تطبيق القانون بل لأسباب سياسية”، مشيراً الى أن “أي قاضٍ عندما يعتبر أنه في معركة ضد المسؤولين الكبار وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة سيلاقي عطفاً معيناً، لكن يجب أن لا ننسى أنه عندما كان التيار متفقاً مع هؤلاء السياسيين لم يفتح أي ملف، وخلال الفترة الانتخابية كانت هذه القاضية بمثابة مجموعات الطلائع تبعث رسائل الشائعات وتضعها على تويتر وبعدما يدعون عليها تتوقف، ما جعل النتيجة الملموسة فعلياً لتصرفاتها ضد سلامة بمواجهة إعتباطية وقانونياً لا أساس لها”.
ولفت الى أن “قرار المجلس التأديبي جاء بسبب مخالفتها للأصول الاجرائية وموجب التحفظ، بحيث كانت أداة سياسية بيد فريق معيّن وقامت بتوقيف الكثيرين من السياسيين الى جانب الصحافيين وغيرهم”، قائلاً: “لننتظر القرار النهائي الذي سيصدر، والقاضي الذي سيأتي مكان عون في حال أكمل بالدعاوى ضد المتهمين عن الانهيار الاقتصادي في لبنان سنقول بأن المجلس التأديبي أخذ القرار الصائب لأن عون كانت تخالف القوانين، وفي حال لم يكمل بهذه الملفات سنقول بأن المجلس التأديبي صرف عون لأنها مست بمصالحه، مع العلم أنني أشك بهذا التصرف نظراً الى القضاة النزيهين الموجودين داخل المجلس التأديبي”.
ووصف القاضية عون بأنها “أكثر قاضٍ خدم من إدعى عليهم سياسياً من جهة وبالقانون من جهة أخرى، تحديداً عندما يكون القاضي يخالف الأصول الاجرائية ويضرب ملفه بأكمله، فقد رفضت أن تبلغ بطلبات التنحي وطلبات الرد المقدمة من الحاكم رياض سلامة ونتيجة مخالفتها لهذه الأصول بات لسلامة في الدرجة اللاحقة حجة بيده ليتهرب من القضاء”.
وأوضح أن “القاضية عون عندما كانت لديها كل ملفات الفساد وفي وقت كان الشارع يتحرك بسبب إنفجار 4 آب، وبيدها ملف القرض الحسن الذي تقدمنا به بالاضافة الى ملفات الأدوية الايرانية التي كانت بمثابة السم الذي يدخل الينا في ذاك الوقت، فضّلت أمام كل هذه الملفات الادعاء على خمس شخصيات لأنها طالبت بحقها الشرعي المتمثل في التأكد من أهلية الرئيس السابق ميشال عون، لا سيما وأنه كان يحكمنا وعمره تجاوز الـ 85 عاماً وقالوا له كان هناك 3700 طن من النيترات داخل المرفأ وحين أجابنا كان متأخرا جداً، وعندما طالبت هذه الشخصيات بالتأكد من أهليته إدعت عليها وأرعبتها”.
واعتبر حرب أن “هناك قسماً من الشعب يعتقد أن القاضية عون مظلومة بقرار صرفها من الخدمة، لكن فعلياً هي عبّدت الشعب اللبناني العجل”.
ورأت مصادر مطلعة أنه “يتوجب على وزير العدل حل هذا الملف في أسرع وقت لأن أي قرار تأديبي بحق أي قاضٍ بامكان وزير العدل توقيفه عن مهامه ريثما يصدر القرار النهائي، فكيف في حالة كهذه قاضية صرفت من الخدمة بقرار تأديبي؟ مع العلم أنهم تأخروا في إصدار قرار كهذا بحقها لأن كل تصرفاتها مخالفة للأصول وللأخلاق القضائية”. وقالت: “باتت هناك جمهورية مستقلة في جبل لبنان تجعلنا نعتقد أننا أصبحنا في زيمبابوي”.