الاعلام الأميركي والتعتيم على الإبادة الجماعية

حسناء بو حرفوش
اعتصامات للطلبة في جامعة كولومبيا احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على غزة (رويترز)

يبدو أن السلطة المؤسسية والاعلامية الأميركية لا توفر جهداً لقمع الدعوات والتظاهرات الداعمة للفلسطينيين بدلاً من التركيز على وقف الإبادة الجماعية، حسب مقال لإليزابيث فوس في موقع consortiumnews الإخباري الأميركي.

الكاتبة سلطت الضوء على “التعتيم الاعلامي الذي ظهر جلياً من خلال التطورات في الجامعات وفي الكونغرس هذا الأسبوع حيث تبين أن الأولوية القصوى للحكومة ليست حماية الطلاب أو حياة المدنيين في غزة، بل حماية قدرة إسرائيل على مواصلة ارتكاب الجرائم من دون عوائق.

وكانت احتجاجات جامعة كولومبيا ألهمت أكثر من 40 صرحاً جامعياً مناهضاً للإبادة الجماعية في جميع أنحاء البلاد وفي دول أخرى. وبينما انتقد بعض الاعلاميين التظاهرات ودعا الى قمعها، غابت المقارنة الأكثر ملاءمة: قاعة كولومبيا التي شهدت احتجاجات كانت نفسها قبل 56 عاماً موقعاً لحملة قمع الشرطة لتحرك طلابي تاريخي ضد حرب فيتنام. وتحيي جامعة كولومبيا نفسها هذه الذكرى التي تعود الى العام 1968 على موقعها على الانترنت. ومع ذلك، سارعت شرطة نيويورك الى التحرك ومداهمة القاعة ليلة الثلاثاء بناء على طلب مباشر من رئيس جامعة كولومبيا.

وقامت شرطة نيويورك بحملة قمع وحشية ليلة الثلاثاء على جامعة كولومبيا وكلية مدينة نيويورك، اعتقل خلالها نحو 300 شخص. وفي أعقاب الاعتقالات في مدينة نيويورك، تلحظ رد فعل الاعلام بحيث ركزت دانا باش مثلاً وهي كبيرة المراسلين السياسيين لشبكة سي إن إن، على الهواء على أن الاحتجاجات تعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين في أوروبا، زاعمة أن بعض اليهود يشعرون بعدم الأمان في الولايات المتحدة. وهي الكلمات نفسها التي يكررها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويغفل ادعاء باش سياق الاحتجاجات المشروعة السابقة المناهضة للحرب والتي تتطابق تقريباً مع الحركات الطلابية السلمية إلى حد كبير في العصر الحالي. كما تبرر وحشية الشرطة التي أعقبت ذلك بساعات واستمرت منذ ذلك الحين. وورد أيضاً أن الشرطة سمحت للمحتجين الصهاينة بمهاجمة جامعة كاليفورنيا بعنف لساعات من دون تدخل ليلة الثلاثاء، قبل استخدام القوة المفرطة التي شملت إطلاق الرصاص المطاطي على الطلاب من مسافة قريبة.

وركزت باش وبقية المتحدثين على مشاعر الصهاينة في الولايات المتحدة، من دون التطرق الى الرعب في غزة، ما يزيد من تجريد المدنيين هناك من إنسانيتهم لأن ما يحصل على الأرض في غزة يفوق الخيال. كما لا يذكر الاعلاميون حقيقة أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يحظى بحماية من الولايات المتحدة التي تعوق توجيه التهم إليه من المحكمة الجنائية الدولية.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد: فالتعتيم لا يقتصر على وسائل الاعلام والشرطة التي تحاول إسكات الطلاب. فقد أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون التوعية بمعاداة السامية الذي من شأنه أن يغيّر التعريف الحالي لمعاداة السامية ليشمل انتقاد إسرائيل باعتباره خطاب كراهية. ويجادل النقاد بأن لغة مشروع القانون غامضة، ويقال إنها ستسمح لوزارة التعليم الفديرالية بتقييد التمويل والموارد الأخرى للجامعات التي يُنظر إليها على أنها تتسامح مع ما يسمى بمعاداة السامية، ناهيك عن حظر الخطاب على منصات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الاستشهاد بخطاب الكراهية. وقد شجب العديد من جماعات حقوق الانسان مشروع القانون. وبات واضحاً أخيراً أن البعض يهتم بتغطية ممارسات إسرائيل أكثر مما يركز على احترام القانون الدولي وحماية حياة المدنيين أو الطلاب وحرية التعبير.. ويغيب عن هؤلاء أن استطلاعات الرأي تظهر أن الشارع الأميركي يصوت بأغلبه لوضع حد للإجرام في غزة”.

شارك المقال