خذوا بالنصائح ولا تفوّتوا الفرص!

سياسة 16 أيار , 2023 ـ 12:01 ص
        اخر تحديث قبل: 3 أسابيع
مجلس النواب وكرسي بعبدا

 

ما إن عاد السفير السعودي وليد بخاري الى لبنان حتى عادت الحركة الى الملف الرئاسي، لكن العودة هذه المرة لها بصمة خاصة، إذ ليست لتحريك الملف فحسب، بل لتقول للمسؤولين في لبنان: كل المنطقة حولكم تريد مصلحة بلادها إلا أنتم، ونحن كسعوديين نريد مصلحتكم ومصلحة كل العرب في القمة التي تعقد في الرياض، فهل أنتم على دراية بأنكم يجب أن تتفقوا لكي تتوصلوا الى اسم مرشحكم لرئاسة الجمهورية وإلا تبقون خارج منظومة الايجابيات والمرحلة الجديدة في المنطقة؟

صحيح أن الطرف الفرنسي هو الأكثر حماساً لحل الملف الرئاسي في لبنان، والطرف الأميركي لا يعطي هذا الملف أولوية، لكن الجهات السعودية تتصرف من منطلق الحرص والنصيحة للبنان، وعلى المسؤولين في البلد أن يأخذوا هذه النصيحة في الاعتبار وأن يذهبوا الى جلسة لانتخاب رئيس بمرشحين واضحين.

حركة السفير السعودي تملأ حيزاً مهماً من المشهد السياسي اللبناني، واستكمل لقاءاته مع القيادات السياسية كافة، وأكد بعدها أن الحلول المستدامة تأتي من داخل لبنان وليس من خارجه.

وفي كل لقاء كان السفير بخاري يعيد تأكيد ثوابت الموقف السعودي الذي يدعو الى انجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت وبتوافق اللبنانيين وذلك من أجل تفادي المزيد من الانهيار، كما أن المملكة ليس لديها أي مرشح للرئاسة ولا فيتو على أي مرشح ولا دعم لأي مرشح، لكنها، يضيف بخاري في لقاءاته، تبحث عن شركاء استراتيجيين وأجندة الرئيس والتي هي عربية الاتجاه بالتأكيد وعلى رأس هذه الأجندة اتفاق الطائف، وهي تتمنى توافق اللبنانيين وتعتبر الاستحقاق الرئاسي استحقاقاً سيادياً لبنانياً يعود القرار فيه الى اللبنانيين أنفسهم.

الفرقاء السياسيون منهم من اختار رئيسه ورشحه، ومنهم من لا يزال يبحث عن اسم لرئيس بين عدة أسماء ليرشحه، لأنه لم يتم الاتفاق في ما بينهم عليه ولا زالوا في طور التحضير للقاءات ربما تعقد قريباً بعد رفضها سابقاً من كلا الطرفين، وما عجل في تسريع حلحلة عقد هذه اللقاءات، حصول حراك سياسي وديبلوماسي قاده السفير بخاري سبقته حركة قطرية وضغط من المجتمع الدولي لانجاز الاستحقاق الرئاسي.

هذا الحراك على خط المعارضة، أما على خط الداعمين للمرشح فرنجية فيظهر تفاؤل الرئيس نبيه بري بانتهاء الشغور الرئاسي الشهر المقبل وحدد أيضاً مهلة لذلك وهي قبل ١٥ حزيران.

وقد حسم بري الجدل حول مسألتين: أولاهما، لا جلسة ثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل التأكد مما ستفضي إليه، وقال: "لن أدعو إلى جلسة ليست مؤكدة جدواها ونتيجتها. الجلسة الوحيدة التي سأدعو إليها هي انتخاب الرئيس لا العودة إلى المهزلة التي شهدناها في الجلسات الماضية وإهدار الوقت". والمسألة الثانية توقعه انتخاب الرئيس الشهر المقبل، "إذ لم يعد جائزاً استمرار الشغور أكثر مما مرّ حتى الآن. يقتضي انتخاب الرئيس في حزيران. الوضع لا يحتمل تأجيلاً أكثر، ونحن على أبواب استحقاق آخر داهم هو تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان"، مشدداً على أنه "لا يمكن تعيين حاكم جديد ما لم يسبقه انتخاب رئيس للجمهورية الذي له الكلمة الأولى في تعيينه وتعيين قائد الجيش"، ما يضع حداً لكل ما يتردد عن إمكان لجوء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى تعيين خلف لرياض سلامة.

يدور الحديث عن الاستحقاق الرئاسي في الكواليس والعلن، فكما الرئيس بري يعود السيد حسن نصر الله ليؤكد دعمه لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وذلك بعد القرار السعودي بعدم التدخل في أسماء المرشحين، والمعارضة التي تعمل على الذهاب موحدة الى المجلس النيابي باسم مرشح من الممكن أن يكون جهاد أزعور، يرى مراقبون أن جلسة فرنجية - أزعور غير ممكنة الحصول وبالتالي لن ينتخب رئيس قبل ١٥ حزيران والتسوية لا تزال بعيدة، فيما يعتبر آخرون أن الموقف السعودي غير واضح حتى الساعة والقوى السياسية غير مستعدة لأن تخطو دعسة ناقصة قبل اتضاح الموقف السعودي والخليجي على الرغم من الدعم الفرنسي الواضح لفرنجية، وأن انتخاباً من دون تغطية خارجية اقليمية دولية خصوصاً من السعودية والدول الخليجية إضافة الى تغطية مسيحية لن يكتب لها النجاح والقوى السياسية تتلهى بلعبة الأسماء وحرقها، ويعتبرون أيضاً أن لبنان ليس أولوية على الأجندة الدولية ولا الاقليمية حتى الساعة لكي يضغط باتجاه تسوية رئاسية على الرغم من الاتفاق الايراني - السعودي، ولا الأطراف الداخلية قادرة على الاتفاق في ما بينها وفرض تسوية على الخارج بسبب خلافاتها السياسية ومصالحها المتناقضة، وحتى أن اتفاق ايران والسعودية لم يترجم بعد في لبنان بصورة واضحة وجدية مع أنه انعكس في ساحات متعددة.

من البديهي أن يطغى حدث القمة العربية على ما عداه في ظل ترتيب العلاقات بين عدد من الدول العربية، لذا كما بات واضحاً من المستبعد حدوث أي تطور رئاسي قبل حلول موعد القمة، يعني الى حين انعقادها الملف الرئاسي في حالة جمود، حتى أن هناك توقعات بأن ينضم شهر أيار إلى الشهر الذي سبقه في مواصلة المراوحة، مع فارق بسيط أنه سيشهد مبادرات محلية بدأت تشق طريقها وقد تتظهر في نهاية أيار، لكن ليس بالضرورة أن يكون مصيرها انتخاب رئيس للجمهورية.

على كل حال، وكما يقول المثل: "اذا فاتك السوق فتمرغ في ترابه"، وفي تفسيره أنه ربما علينا ألا نفوّت الفرص أكثر ونأخذ بالنصائح بصورة جدية ونفهم الحرص علينا فعلياً، وبالتالي نطبق ما علينا من واجبات تجاه بلدنا وأهله، خصوصاً أن الفرص لا تتكرر والوقت يداهمنا ولم يعد أبداً لصالحنا.

شارك الخبر

مواضيع ذات صلة:

Contact Us