تكاليف “ثأر الأحرار” وترميم الردع

زاهر أبو حمدة

انتهت جولة قتالية كانت أهم أهدافها بالنسبة الى الاحتلال ترميم قوة الردع أمام غزة خلال العدوان الأخير على القطاع. فشلت في ذلك حسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لكن مما لا شك فيه أن معركة أخرى ستقع، لأن الاحتلال منذ معركة “سيف القدس”، قبل عامين، يحاول انتزاع كل مكتسباتها لا سيما ربط غزة بالقدس والضفة الغربية.

استطاعت المقاومة الفلسطينية تحقيق إنجازات في معركة “ثأر الأحرار”، لكنها أخفقت أيضاً في منع مسيرة الأعلام في الحرم القدسي، والافراج عن جثمان الشيخ خضر عدنان. في المقابل، استطاعت الفصائل وفي مقدمها حركة “الجهاد الاسلامي” إدارة المعركة بعد امتصاصها الصدمة المتمثلة في عمليات الاغتيال المباغتة للقادة الثلاثة، ومن ثم ثبتت قدرتها على الرد وفي العمق لأكثر من مرة وفي توقيت متنوع واستهداف مناطق حساسة ومهمة داخل إسرائيل. وهنا نقطة مهمة على صعيد التأثير في نظام الإنذار والقبة الحديدية، فأكثر من 70 في المئة من الصواريخ الفلسطينية تجاوزت الأنظمة الدفاعية لا سيما مقلاع داود. اما الأهم فهو تثبيت المطلب الرئيس أي فرض وقف عمليات الاغتيال.

وعلى الرغم من أن الصواريخ شلت الحياة اليومية في إسرائيل، وهذا كان له شأن في تسريع وقف العدوان، إلا أن بنيامين نتنياهو تمكن من لم شمل حكومته، وإحراج المعارضة وسط إعلانها عن استمرار التظاهرات ضد التعديلات القضائية.

وسط كل ذلك، تبدو تكاليف “ثأر الأحرار” كبيرة بالنسبة الى غزة، وهي كذلك بالنسبة الى دولة الاحتلال ولو اختلفت نوعيتها أو صورها. ولأن ترميم الردع الاسرائيلي أصبح مشروعاً للحكومة، فالاستهداف القادم سيكون لشمال الضفة لا سيما نابلس وجنين. وهنا يمكن أن تكون العملية العسكرية الجديدة ضد الخلايا المقاتلة، وهذا ما طالب به ايتمار بن غفير. اما بالنسبة الى القدس، فأقرت شرطة الاحتلال مسيرات استفزازية يوم الخميس، في المدينة المقدسة تنظمها الجمعيات الدينية، ويتوقع أن يشارك فيها بن غفير ووزير الهجرة والاستيعاب أوفير سوفير من حزب الصهيونية الدينية، ورئيس لجنة التعليم عضو الكنيست يوسي تايب من حركة “شاس” وأعضاء آخرون في الكنيست. وتؤكد الاجراءات الاسرائيلية لتمرير مسيرة الأعلام، أن الاحتلال ماضٍ في مخططاته التهويدية والتقسيمية للمسجد الأقصى، علماً أن تنظيم المستوطنين لمسيراتهم، واقتحامهم بالمئات باحات الأقصى، وأداءهم لبعض الطقوس التلمودية، وإصدار الدعوات والترانيم الدينية، ورفع الأعلام الاسرائيلية، تعطي إشارات لا تقبل كثيراً من الشكوك الى أن الاحتلال يسابق الزمن لفرض الأمر الواقع. فالهدف الأكبر هو تثبيت قواعد جديدة في الصراع تبدأ في القدس ولا تنتهي في غزة.

شارك المقال