4 آب… الجريمة المنسية

حسين زياد منصور

لا تزال قضية انفجار مرفأ بيروت معلقة ومنسية، أو الأدق هو تناسي المعنيين بالملف، ضرورة استكمال التحقيقات للوصول الى نتيجة تثلج صدور أهالي الضحايا، الذين لم يكلوا أو يملوا من المطالبة بمعرفة الحقيقة، ومن كان السبب في مقتل أبنائهم، ومن أوصل نيترات الأمونيوم إلى العنبر رقم 12 في المرفأ، ومن كان السبب في عرقلة ازالتها من هناك ومن ثم التسبب بانفجارها.

واليوم، مع اقتراب الذكرى الثالثة لتفجير المرفأ، لا يزال الأمل موجوداً لدى أهالي الضحايا، على الرغم من اليأس الذي أصاب بعضهم وخوفهم من ضياع التحقيقات بعد الصراع الأخير بين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والقاضي طارق البيطار، ومن ثم توقفها، بعد سماعهم الكثير من الوعود والتطمينات خارجياً وداخلياً، بضرورة الوصول الى نتيجة ومعاقبة المسؤولين.

ويشير عدد من الأهالي الى أن مساعيهم ونضالاتهم منذ 3 سنوات ستستمر ولن يتوقفوا حتى معرفة كل التفاصيل المتعلقة بالجريمة منذ دخول النيترات حتى الانفجار، ومستمرون في ما يقومون به على الرغم من كل عمليات الترهيب والضغط والقمع التي تحصل بحقهم، وكنا قد شهدنا تحركاتهم ومطالبتهم بلجنة تحقيق دولية من أجل الوصول الى العدالة في هذا الملف، في الوقت الذي يعاني فيه التحقيق اللبناني من العرقلة ولم يصل الى أي نتيجة تؤدي الى محاسبة المتورطين حتى الآن.

عباس: مصرون على إبقاء القضية حية

يؤكد المحامي علي عباس عضو “المرصد الشعبي لمكافحة الفساد” والمدعي الشخصي في ملف انفجار المرفأ في حديث مع “لبنان الكبير” أن التحقيقات متوقفة، وحالة من الجمود تحيط بالملف، بانتظار تعيين الهيئة العامة لمحكمة التمييز كي تبت في الملف ودعاوى مخاصمة الدولة. وفي الوقت نفسه لم تحصل أي حلحلة كي يستكمل القاضي البيطار تحقيقاته، وبالتالي الملف متوقف كلياً، أي لا تحقيقات تحصل، وهو ما يدفع أهالي الضحايا الى التحرك، على الرغم من أن هذه التحركات خجولة لأن الناس بدأت تيأس وتشعر أن لا أمل فعلاً في التغيير وتحقيق العدالة في البلد.

ويقول: “نحن مصرون على إبقاء هذا الموضوع حياً، لأن المنظومة تراهن على ذاكرة اللبنانيين الضعيفة كي تنسيهم هذه الجريمة الكبيرة المرتكبة بحقهم، وهي جريمة كبيرة ضد الانسانية وأعتبرها جريمة حرب، والرهان على الوقت، كما راهنت في السابق على مختلف الجرائم مثل جرائم الحرب الأهلية وسرقة المال العام. لذلك، نحن هدفنا وواجبنا كمحامين وأنا كمدعٍ شخصي في ملف انفجار مرفأ بيروت، أن نبقي هذه القضية حية وأن نظهر للناس حجم الجريمة المرتكبة والمطالبة بضرورة تحرير التحقيق وفك أسره للوصول الى نتيجة”.

ويضيف: “يحاول اليوم أهالي الضحايا ويسعون الى فتح طرق غير طريق القضاء اللبناني، ورأينا ما حصل في قضية المصارف كيف تدخل القضاء الأجنبي عندما لم يقم القضاء اللبناني بواجباته، وهو ما يحصل اليوم في ظل بعض المساعي لتدخل القضاء الدولي أو لجان تحقيق دولية ووضع يدها على الملف باعتبار هذه الجريمة لا يمكن أن تمر من دون عقاب”.

ويشير عباس الى “تفريغ الملف من مضمونه اليوم بعد اخلاء سبيل جميع الموقوفين ونحن نعلم في العدلية، أن الملفات الجزائية التي لا يبقى لديها موقوفون تصبح بطيئة، لذلك القاضي البيطار اليوم أمام خيارين، الأول: الاستقالة وهو ما نرفضه ولا نقبله على اعتبار هذه الخطوة هي تراجع وتسليم للملف، اما الثاني: فهو الضغط على القضاء والطبقة السياسية الموجودة لفك أسره ومن ثم استكمال التحقيقات وألا يكون هناك أي غطاء لأحد، ففي ظل جريمة كهذه لا يجب أن تصل المحاسبة الى حد معين والباقي يفلت ويكون عنده غطاء سياسي، الجميع يحضر للتحقيق ومن سيكون بريئاً سيخرج ومن هو متهم سيحاسب”.

ويعتبر أن الوضع في حال بقي على هو عليه الآن، “بمثابة جريمة ثانية ترتكب بحق الضحايا وأهاليهم وكل بيروت، لذلك سيبقون في الشارع لمنع حصول ذلك”.

وعن التحركات التي تحصل وإن كانت خجولة نوعاً ما، يؤكد أن “هذا لا يعني أن الناس التي لم تتحرك راضية عما يحصل أو نسيت القضية، بل الجميع لديه غضب واستياء مما وصل اليه الملف، لذلك قد نشهد في أي لحظة عودة جميع الأهالي الى الشارع للمطالبة بالحقيقة”.

نون: أكثر من 70 امضاء للعريضة

ويشدد الناشط وليم نون شقيق أحد ضحايا تفجير مرفأ بيروت لـ “لبنان الكبير” على أن التحقيقات لا تزال متوقفة، لذلك كانت تحركاتهم في الفترة الماضية أمام قصر العدل، وأنهم سيواصلون التحرك بصورة دائمة أمامه حتى استئناف التحقيقات.

ويوضح أنهم زاروا عدة مرات القاضي سهيل عبود وقضاة مجلس القضاء، لكنهم لم يحصلوا على كلام منهم لأنهم متحفظون جداً، لذلك لم يعودوا لزيارة أحد مرتبط بالقضاء، فكان من الأفضل الضغط عليهم للوصول الى ما يريدونه ومعرفة الى أين سيصل الملف.

وعن لجنة تقصي حقائق دولية، يؤكد نون أن “الأمور ماشية”، وأنهم حضروا عريضة منذ يومين، وهم في صدد استكمال جولتهم على الكتل النيابية للحصول على تواقيعها، متوقعاً الوصول الى أكثر من 70 امضاء.

وعن الكتل التي وقعت، يذكر نون “الاشتراكي” و”القوات” و”الكتائب” والمستقلين، ومن المتوقع أيضاً “التيار الوطني الحر”، لافتاً الى أنهم سيمرون على الجميع لمعرفة من سيتجاوب معهم.

شارك المقال