بحكم الفراغ

لينا دوغان
لينا دوغان

بعد أن توصل كل من الثنائي الشيعي والمتقاطعين الى إسميْ المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، عقدت الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، حصل بنتيجتها أزعور على 59 صوتاً وفرنجية على 51. وعلى وقع الانقسام السياسي العمودي في البلاد، فشل مجلس النواب مجدداً في اختيار رئيس جديد بعد التصويت الذي جرى عقب اكتمال النصاب الدستوري.

الجلسة الساخنة، لم يحصل فيها لا سليمان فرنجية المرشح الذي يدعمه الثنائي الشيعي، ولا جهاد أزعور المدعوم من القوى المسيحية ومجموعة من التغييريين و”اللقاء الديموقراطي”، على العدد الكافي من الأصوات للظفر بكرسي الرئاسة، لا بل وانتهت في دورتها الأولى عقب انسحاب نواب من “حزب الله” وحلفائه ليعطلوا بذلك نصاب الثلثين المطلوب لإجراء دورة ثانية من التصويت يمكن لمرشح أن يفوز فيها بدعم 65 نائباً.

النواب أنفسهم كذلك اللبنانيون توقعوا أن لا تفضي جلسة 14 حزيران إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل الانقسام السياسي وحتى الطائفي الذي يسيطر على مجلس النواب وكل القوى في البلد. ولأن هذه الجلسة سريعة ولن تفضي الى شيء استبقها بعضهم بالقول إن رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما أدرك عدم قدرة أي فريق من الفرقاء الذين يمثلون مجلس النواب على تأمين النصاب المطلوب لانتخاب رئيس جمهورية، أدرك أن الحوار هو الوحيد لتمرير هذا الاستحقاق المهم والدستوري، إلا أن مبادراته لم تلقَ أي تجاوب من باقي الفرقاء، لكنه يعود ليؤكد أنه بعد جلسة 14 حزيران سيعود كل الفرقاء إلى نقطة الصفر التي انطلق منها بري منذ سبعة أشهر وهي الحوار لتمرير هذا الاستحقاق وعكس ذلك هو مضيعة للوقت.

وبالفعل رفع الرئيس بري الجلسة في الدورة الثانية، وكان له تصريح أعاد فيه الدعوة الى الحوار من منطلق أن أعين الأشقاء العرب والأصدقاء في كل أنحاء العالم علينا، وهم ينتظرون منا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدده، وأن بداية البدايات لذلك هي الإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار من دون شروط ، قائلاً: “كفى رمياً بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ”.

فعلاً عدنا الى نقطة الصفر، لكن هل سيكون هذا الصفر هو فعلاً الحوار الذي عاد وطرحه الرئيس بري، أم أننا أمام صفر حلول خصوصاً أن الموفد الفرنسي جان ايف لودريان القادم الى بيروت آتٍ أيضاً بطروح على رأسها الحوار والتوافق؟

فرنسا الثابتة على خط الوصول بلبنان الى تسوية رئاسية في القريب العاجل، غيّرت موفدها وعلى ما يبدو حمّلته مبادرة ليست بجديدة بالمعنى الفعلي للكلمة، لكنها تحمل في طياتها رؤىً وطروحاً جديدة، وهي أي فرنسا انتظرت أجواء جلسة 14 حزيران لتبني على الشيء مقتضاه، وترسل كبير المفاوضين في الملف اللبناني الذي من المتوقع أن يجلس مع كل الأطراف ويسمع لها، وأيضاً يجمعها على طاولته في السفارة الفرنسية، والتي من الممكن أن تكون نواة طاولة الحوار التي ربما ترعاها فرنسا بالاتفاق مع بقية الدول خصوصاً السعودية في المستقبل.

اذاً، سيستمع لودريان الى كل الأطراف اللبنانية من دون استثناء، علّها لا تدخله كما فعلت بنا في لعبة الأرقام وعملية النسب التي ربح فيها فرنجية عند هذا الفريق وخسر عند الآخر، والعكس صحيح مع أزعور، علّها تنتبه الى أن الدول تحاول أن تجمعنا ونحن نختلف ونضيع في لعبة أرقام. ليتها لاحظت أن قمة الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي تناولت ملفات كبرى كان آخرها الملف اللبناني، ليتها تستدرك المرحلة وإلا فإن الفراغ سيطول وقطار التفاهمات الكبرى سيمضي من دون أن نستطيع اللحاق به.

شارك المقال