صيف سياحي: ايرادات من دون استحقاقات

لينا دوغان
لينا دوغان

دخلنا فعلياً موسم الصيف ورسمياً موسم السياحة في لبنان والذي من المتوقع أن يكون واعداً ويراهن عليه كل اللبنانيين في كل القطاعات العامة والخاصة، بحيث تشير التوقعات الى أن العام 2023 يشهد دفعاً إيجابياً كبيراً لناحية أعداد القادمين إلى لبنان، وتؤكد المؤشرات أن هذا العام سيكون أفضل من العام 2022 على صعيد القطاع السياحي.

إجازات اللبنانيين المقيمين في الخارج بدأت، وبدأوا بالتوافد تباعاً لزيارة أهلهم في لبنان، وأيضاً وكما يبدو واضحاً للجميع، أخذ الملف الرئاسي إجازته المفتوحة إلى أجل لا يعلمه الا الله والراسخون في السياسة، ولا ندري إن كان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان واحداً منهم، خصوصاً أننا ننتظر منه زيارات أخرى. باختصار لا تلوح في الأفق القريب أي بادرة أمل من شأنها ملء هذا الفراغ القاتل. ولأن المواقف المحلية على حالها، والأمور ستبقى في دائرة المراوحة، في الداخل وبعد انتهاء عطلة العيد هناك شبه انقطاع عن أي مبادرة للحل باستثناء الدعوة الى الحوار، ولأن الحوار دونه رافضون ومعرقلون فلا توقعات مرتقبة.

صحيح أن جولة لودريان على القوى السياسية أسهمت في تهدئة الوضع السياسي، بعد دعوته الجميع بصورة غير مباشرة الى الحوار والتوافق والتفاهم، إلا أنه لم تمضِ أيام قليلة، على مغادرته بيروت، حتى عادت الاصطفافات السياسية الى ما كانت عليه قبل مجيئه الى لبنان، باستثناء موقف “اللقاء الديموقراطي” الذي تحدث عن الحوار الحقيقي، كطريق وحيد للوصول الى الرئاسة بعيداً عن جبهات الرفض.

الدعوات الى الحوار والتلاقي والتفاهم تدور في حلقة مفرغة، وفكرة الحوار والدعوة إليها لا يمكنها الا أن تبنى على أسس متينة، لكن طالما هو “حوار” يعترض عليه البعض ويؤيده البعض الآخر، فلا داعي لطرح هذه الورقة الخاسرة من الأساس، وأن يكون “حوار” على أساس أن لدينا مرشحاً لنتحاور بشأنه فهذا لم يعد حواراً، وهنا يقف الطرفان: الثنائي يحاور على شخص مرشحه سليمان فرنجية، وبطبيعة الحال “القوات” و”الكتائب” ومن تقاطع معهما يرفضون هذا الاستدراج الى طاولة حوار لا تسبقها لجنة تنسيق لاعداد جدول أعمال يتم الحديث فيه من الصفر عن مواصفات الرئيس.

أما عن المشهدية في شهر تموز فهي كالتالي: إستحقاق يسلم إستحقاقاً، فمن جمود الملف الرئاسي ندخل الى ملف حاكمية مصرف لبنان، بحيث تشير مصادر الى أن الحاكم حسم أمره برفضه التجديد أو حتى التمديد التقني لتسيير المرفق العام، كما رفض أن يكون المستشار الأول لدى مصرف لبنان، وبات محسوماً أن النائب الأول وسيم منصوري سيتولى المهمة الصعبة، وهذا ما يقوله قانون النقد والتسليف. كما أنه لا يمكن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بالأصالة، من دون وجود رئيس للجمهورية، لكن هذه النقطة ستكون موضع بحث بين القوى السياسية كافة، خصوصاً أن حاكم مصرف لبنان تنتهي ولايته في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد، وليس سراً أن مركز حاكمية مصرف لبنان هو بأهمية رئاسة الجمهورية إن لم يكن يفوقها أهمية.

وهكذا من الشغور في الملف الرئاسي وصلنا الى الشغور في أكبر مركز مالي، المصرف المركزي، وستتوالى الشواغر طالما الفراغ قائم وكلٌ متمسك بموقفه.

الموفد الفرنسي الذي غادر بعد مروحة واسعة من اللقاءات غير المريحة، بدا أنه توصل الى نتيجة لم تحمل الكثير من الايجابية لكثرة ما فيها من تناقضات وخلاف داخلي عميق، وهذا بالتأكيد سيؤثر سلباً في التقرير الذي سيرفعه الى رئيسه ليتحدث عن عقم الحل في لبنان، وما دام هذا العقم ناتجاً عن رؤى وتوجهات متصادمة وتصفية حسابات، وإرادات غير قابلة لأن تلتقي تحت أيّ سقف، فنحن باقون هكذا في فراغات طويلة، ولودريان سيتحول مع الوقت من موفد الى سائح يزورنا في اجازات الصيف والشتاء.

شارك المقال