مشاكسات جنوبية حرفت الأنظار عن سواها من أحداث خلال الساعات الماضية، تحديداً بعد إعلان الجيش الاسرائيلي أمس أن قواته قصفت منطقة في لبنان أطلق منها صاروخ عبر الحدود. وبحسب هذا البيان فان صاروخاً أطلق من داخل لبنان إنفجر داخل الأراضي الاسرائيلية ما إستدعى الرد عليه بالمثل، مع العلم أن الجيش اللبناني أكد عدم إطلاق أي صواريخ من الجنوب بإتجاه إسرائيل، الا أن الاوضاع في الجنوب متشنجة بصورة مستمرة ودائماً ما نسمع عن إسقاط “حزب الله” مسيّرة إسرائيلية كانت تقوم بنشاطها “الروتيني” والعكس صحيح. وخلال الأسبوعين الماضيين تصاعد التخوف في الجنوب خصوصاً بعدما إكتشف الجانب الاسرائيلي وجود خيام تابعة لـ”حزب الله” على الحدود، وكل هذه الأحداث تضر بسيادة لبنان وأمنه وإستقراره وتعرضه لخطر هو في غنى عنه.
وتدخلت قوة “اليونيفيل” الى جانب الجيش اللبناني أمس، وأعلنت في بيان أن رئيس بعثتها وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو “على اتصال بالسلطات في لبنان وإسرائيل، وآليات الارتباط التي نتطلع بها تعمل بصورة كاملة لمنع المزيد من التصعيد”، لافتة الى أن “هذا الحادث يأتي في وقت حساس وفي منطقة شهدت توترات في وقت سابق من هذا الأسبوع”. وحضت “الجميع على ممارسة ضبط النفس وتجنب أي إجراء قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد”.
كما إجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب. وأدانت وزارة الخارجية القصف الاسرائيلي الذي طال الأراضي اللبنانية في محيط كفرشوبا امس، معتبرة إياه “خرقاً للقرار ١٧٠١ واعتداء على السيادة اللبنانية”. ودعت “الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف خروقها وتعدياتها المستمرة بوتيرة تصاعدية أخيراً للأراضي والأجواء والمياه الاقليمية اللبنانية”.
وفي هذا السياق، أكدت أوساط “حزب الله” عبر “لبنان الكبير” أن “الحزب لا ينوي القيام بعملية، وفي حال أراد الجانب الاسرائيلي أن يستثمر هذا لا يمكننا السكوت، لكننا لن نصل الى مكان ونفتح معه معارك أو مواجهة الا اذا لم ترتكب غلطة محرزة”، معتبرةً أن “هذه الحادثة هي بمثابة تحايل مدروس في قواعد الاشتباك وهذه الطريقة التي يعمل عليها الاسرائيلي، ونحن نريد التركيز على الداخل وهم يريدون أن ننشغل بالحدود”.
وأشارت هذه الأوساط الى أن “هناك قراراً بأن أي مشاغبة سيمارسها الاسرائيلي عليها أن تستمر لفترة طويلة بحيث نكون حريصين على استدامتها أي أن لا يقوم بما يريد ساعة يشاء ويغلق الملف ساعة يشاء أيضاً، فنحن من نقرر قواعد اللعبة وليس من جانبهم، وبالتالي هذا يعني أنه ستكون هناك مشاكسات وليس مناوشات”.
وأوضحت مصادر أمنية أن “الجيش يتابع كل المواضيع في الجنوب ويواجهها بطريقة مباشرة، وقضية الخيم تتابع بواسطة اليونيفيل وكيفية تأمين التواصل بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي لحل هذا الوضع والوصول الى استقرار”، معتبرةً أن “قصة الخيم لا تزال تتفاعل ولنرى الى أين ستصل، لكن الأوضاع لن تتفاقم لأن هذا يتناقض مع مصلحة الاسرائيلي، فأي خرق في المرحلة المقبلة سيُشكل خطراً بأن ينشب صراع لا يصب في مصلحة الاتفاقات السابقة وتحديداً في ملف ترسيم الحدود”.
هاشم: ما يحدث في عهدة المنظمة الدولية
وفي المقابل، أكد عضو “التنمية والتحرير” النائب قاشم هاشم أن “ما يحصل اليوم يجب أن يكون في عهدة المنظمة الدولية، فلبنان إلتزم ولا يزال ملتزماً بالقرار 1701 وبكل مندرجاته على عكس الاسرائيلي المتفلت من هذا الالتزام ولن يكون ملتزماً لا بقرارات ولا بأعراف دولية، وكل ما يحدث برسم المنظمة الدولية لأنه يُعد انتقاصاً من دورها الذي يهتز يوماً بعد يوم، فهيبتها وموجبات وجودها عندما لا تستطيع أن تضع حداً للجانب الاسرائيلي تضعف”.
ولفت الى أن “هناك من يريد أن تبقى الأجواء متوترة في بلدنا بصورة دائمة، وهناك معادلة جديدة في لبنان كُرست عام 2006 لوضع حد لمؤامرات هذا العدو على الرغم من إستفزازته الدائمة على حدودنا وإنتهاكاته اليومية لها”، مشيراً الى أن “أبناء الجنوب إعتادوا على عدوانية الجانب الاسرائيلي وهذا ليس بجديد، فهم يدركون أنه يعيد حساباته بعدما تبدلت أوضاعه منذ هزيمته عام 2006 لكنه اليوم يحاول أن يُحرّك بعض مغامراته الخفيفة لاشباع رغباته لا أكثر ولا أقل وعلينا أن نبقى حذرين تجاههم”.
روكز: الجيش ضابط الايقاع في الجنوب
وذكرّ النائب السابق العميد شامل روكز بأن “القذائف إنطلقت وليس الصواريخ من لبنان ولم تصل الى الأراضي الفلسطينية ورد الجانب الاسرائيلي بالمباشر على ما حدث، وخلفيتها أتت إثر ما يحدث في مخيم جنين”، مؤكداً أن “هذه التصرفات بحاجة الى ضبط ولا يمكن لكل القوى أن تقوم ساعة تشاء بتوتير الأجواء على الحدود، مع العلم أن الجيش هو ضابط الايقاع لكل ما يحدث في الأراضي اللبنانية ويعوّل على ضبطه بشكل ألا تكون الأراضي سائبة أاي مواجهات”.
وقال: “اليونيفيل دورها ضبط هذه الأوضاع لأنها مسؤولة مع الجيش اللبناني عن الأمن ضمن مندرجات القرار 1701، وهذا الأخير هو الأمين على الاستقرار في الجنوب ومن يضع حداً للتفلت على الحدود اللبنانية – الفلسطنية المحتلة”.
اذاً، يتضح من كل هذا أن الجانبين يستثمران في لعبة تكتيكية قواعدها معروفة لكنها ترعب الشعب اللبناني مع أنها لن تؤدي الى حرب لأن مصلحة الطرفين تُحتم عليهما عدم شنّ أي نوع من أنواع الحروب. وتبقى كل هذه الأحداث هدفها الهاء الشعب عن إستحقاقه الأهم والمتمثل في الشغور الرئاسي الذي تجاوز التسعة أشهر.