لودريان يلجأ الى الطريقة اللبنانية لانقاذ مهمته!

زياد سامي عيتاني

قبل وصول الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، كانت كل الدلائل والمعلومات تشير إلى أنه لا يملك أي مبادرة جديدة أو خطوة عملية من أجل حل المشكلة اللبنانية، خصوصاً بعد المعلومات التي أعقبت إجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، بأن الدول الخمس لم تتفق على تصور أو مبادرة مشتركة، ما دفع الى الاعتقاد بأن الزيارة لن تحمل أي خطوات عملية على صعيد حلحلة الأزمة الرئاسية.

وما كان معتقداً، تأكد خلال اللقاءات التي أجراها لودريان على مدى يومين متتاليين، خصوصاً مع نعي المبادرة الفرنسية الأولى التي كانت تدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، مقابل تسمية الديبلوماسي نواف سلام لرئاسة الحكومة، محاولاً إقناع الأطراف باتجاه مرشح ثالث، تتوافق عليه القوى السياسية، ويتمتع بالمواصفات المطلوبة دولياً، التي تحدث عنها بيان الدول الخمس، من خلال رعاية فرنسا لحوار يفضي الى التوصل إلى مرشح توافقي.

إلا أن لودريان إصطدم بتمسّك الفرقاء السياسيين بمواقفهم، سواء من الحوار، الذي لم يلقَ قبولاً من كتل وازنة، أو لجهة رفض الالتقاء على مرشح ثالث، خصوصاً مع إصرار الثنائي الشيعي على رفضه التخلّي عن دعم ترشيح فرنجية.

وإزاء إقتناع الموفد الفرنسي بإنسداد الأفق الرئاسي، وبالتالي عدم قدرته على خرق جدار الأزمة، تبعاً للتعنت الذي لمسه من مختلف الفرقاء، فإنه وجد نفسه مضطراً لتوجيه رسالة إلى من إلتقاهم مفادها “أن الجهود الخارجية لن تكون بلا سقف زمني، بل هناك مهلة محددة على القوى السياسية أن تجد فيها الحلّ، وتنهي الشغور الرئاسي في ظل تداعيات المماطلة الكبيرة على لبنان وشعبه، والتي لا تسمح بإضاعة المزيد من الوقت”، مؤكداً أن “فرنسا والدول الخمس عموماً، لا إسم لديها للرئاسة، ولم تدعم مرشحاً معيّناً أو تستبعد آخر، بل حددت مواصفات يجب أن تتوافر في شخص الرئيس”.

وإنقاذاً لمهمته المستحيلة، إستخدم لودريان خبرته الديبلوماسية، متسلحاً بالطريقة اللبنانية في “التحايل” على المفردات السياسية (!)، بإبلاغ الفرقاء السياسيين أنه سيعود مجدداً في أيلول المقبل إلى بيروت لدعوتهم إلى إجتماع في لبنان، (من دون أن يحدد شكله ومكانه)، تجنباً لا بل تهرب من أن تطلق عليه صفة “الحوار”، وذلك لإجراء مباحثات مكثفة، تنطلق من الصفر، وضمن فترة زمنية محددة، للاتفاق على مواصفات الرئيس، مع وضع تصوّر للمشاورات وآلية إعتمادها، حول القضايا والمشاريع ذات الأولوية المفترض أن يقوم بها رئيس الجمهورية، بهدف خلق مناخ من الثقة، والسماح للبرلمان بإنتخاب رئيس للجمهورية، كمنطلق للخروج من الأزمة المتمادية.

ما خلصت إليه زيارة لودريان الثانية، من “لبننة” مساعيه، بدلاً من أن يحمل معه صيغة جدية للحل، تحظى بدعم غربي وعربي، يدفع الى الاستنتاج “أن موضوع إنتخاب رئيس الجمهورية مؤجل، لأنه ليس هناك إتفاق بين الدول الاقليمية والدولية المعنية، وبين القوى السياسية اللبنانية الداخلية، وأن الزيارة الفرنسية الثالثة ستكون من دون أي نتائج جدية”! ما سيدفع بلاده الى مطالبة الدول المعنية بفرض عقوبات “على معرقلي الحلول للخروج من الأزمة الرئاسية”، لرمي مسؤولية فشل الديبلوماسية الفرنسية في مقاربة الموضوع اللبناني على الفرقاء المتناحرين.

شارك المقال