محافظ الجنوب بالتكليف… الترك: إنصاف المرأة بدأ

نور فياض
نور فياض

تصدّر الوسائل الاعلامية منذ فترة خبر يحمل عنوان “محافظ الجنوب امرأة”، ما يعطي انطباعين اما أنها تبدي استغرابها من قدرة المرأة على تسلم مراكز عليا، متناسية ربما أنها نصف المجتمع، ولا تعترف بإنجازاتها في تطوير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، أو أن الأمر للتباهي وهذا ما نريده كي نوضح أن لا وجود لمجتمع ذكوري في العام ٢٠٢٣، انما مجتمع يعمل على المساواة بين الجنسين. ولتصحيح الخبر فهي ليست المرة الأولى التي تحصل فيها امرأة على هذا المركز، لأن محافظ كسروان امرأة لكنها لم تفعّل المحافظة حتى الآن.

تسلّمت هويدا الترك منصب محافظ الجنوب بالتكليف بموجب قرار من وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ريثما يتم تعيين محافظ أصيل.

وأكدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “إنصاف المرأة بدأ يؤخذ في الاعتبار بعد تصاعد الأصوات والمطالبات من الجمعيات النسائية والتي تنادي بالمساواة في ضوء أجندة ٢٠٣٠، والأهداف الانمائية للألفية اذ كانت المطالبة بإعطاء المرأة جزءاً من حقوقها مثل المشاركة في العمل السياسي – الاداري، الوصول الى مراكز قيادية عليا وعدم الاكتفاء بالمراكز الوظيفية التنفيذية. وبعدما أثبتت كفاءتها في مراكز عدة مثل القضاء، الادارة العامة، الفئات الرابعة، الثالثة والثانية، وأيضاً سمح لها بالدخول الى بعض المهن التي كانت من المحرمات بحجة أنها تحتاج الى اجازات أكثر من الرجل (أمومة…)، كما سمح لها بدخول معترك العمل الأمني كحارس أحراج، والمجال الديبلوماسي، كل هذه الأعمال هي نقاط قوة سجلتها المرأة من خلال المجلس النسائي والجمعيات التي لا تحوي عدداً كبيراً من النساء، انما تملك الوعي للمطالبة بحق المرأة”.

وقالت الترك: “صحيح أنني أول امرأة أتولى مركز محافظ، لكن ليس هناك نص قانوني أو مانع لتولي امرأة مركزاً كهذا، اما في ما يتعلق بالتعامل معي داخل ادارة المكاتب في المحافظة، فغالبية الموظفات من الاناث، ومن فئة الشباب تحديداً، اذ دخلن بكفاءتهن، ونفهم على بعض جيداً، أكثر من التعامل مع الذكور، وليس هذا مذمة بهم اذ ان الكثيرين منهم يتمتعون بالعدل والانصاف، وهناك استثناءات على الرجل، كما على المرأة فلا يتمتعون بالتعامل الجيد”.

ورأت أن “الاستغراب موجود لدى الكثير من الجهات التي تتساءل كيف لامراة أن تتسلم مركزاً كهذا؟ لكن الحمد لله السيرة الذاتية، الكفاءة والخبرة التي أملكها واستمراري في التعلم يوماً بعد يوم، لا يمكن لأحد التساؤل عنها، بل عليه رؤية طريق الوصول لا أن نظلم شخصاً ما بعمليات إسقاط (واسطة)، وعلينا أن نكون موضوعيين ونقوّم كيفية وصول الشخص الى المركز.”

أضافت: “سأقوم بواجباتي ومهامي الى أقصى حد أتاحه لي القانون، كأني محافظ أصيل سواء بقيت في مركزي لفترة قصيرة أو طويلة، فإذا كان لي نصيب أن أثبّت يكون رضا من الله وعدم التثبيت أيضاً رضا.”

واعتبرت الترك أن نشأتها وعلاقاتها مع الجنوبيين ستسهّل التعامل معهم، قائلة: “أنا بنت الجنوب، مواليد صيدا وزوجي من جزين، توليت رئاسة قسم البلديات في محافظة لبنان الجنوبي لمدة ٢٠ عاماً، وهي عبارة عن معاملات ثلاثة أقضية صيدا وصور وجزين، وبالتالي العمل الاداري متطابق، كما توليت منصب قائممقام هو عبارة عن محافظ بصلاحيات أقل، وبالتالي أصبحت ملمّة بالعمل الاداري – البلدي، والعمل في العلاقات العامة لمدة سنتين، بمساعدة دائرة العلاقات العامة ما قدّم لي اطلاعاً على كل الأعمال التي تجري في المحافظة، وهذه نعمة. وأنا للسنة الـ ١٥ أستاذة متفرغة في الجامعة اللبنانية، وطلابي من المناطق اللبنانية كافة وخصوصاً الجنوب، كما أن دراساتي كانت عن محافظة لبنان الجنوبي والنبطية، ودرّبت في المنطقة، وتسلمت مشروعاً في منطقة اتحادات الحاصباني والقلعة، وبالتالي لدي تماس سابقاً مع المنطقة، وأهلها احتضنوني بمودة عند تسلمي مركز محافظ.”

وفي السياق، أشار المحافظ السابق حسن فقيه عبر “لبنان الكبير” الى أنها “ليست المرة الأولى التي تعيّن فيها امرأة في هذا المنصب، اذ ان محافظة كسروان عيّنت منذ سنتين محافظاً امرأة، ولكنها لم تُفعّل المحافظة فلا تزال تنشئ هيكليتها واداراتها، اما في النبطية، فالمحافظة الجديدة هي رئيسة قسم وكلفت بهذا المنصب وليست محافظاً أصيلاً.”

وأكد فقيه أن “لا فرق في العمل الاداري بين ذكر وأنثى فكلاهما يعملان بموجب القانون، اما ثقافة معظم البشر فيسودها الاستغراب عند سماعهم أن امرأة تولت منصباً ما، مع العلم أن وجودها في ميدان العمل هو أمر طبيعي. ونجد أن غالبية موظفي الفئة الثالثة والرابعة من النساء ولا سيما في النبطية”.

واعتبر أن “من حق المرأة أن تكون رئيسة جمهورية، اما ما يجب أن نطالب به فهو أن تتولى امرأة رئاسة البلدية لأنها تبيّن قدراتها أكثر من العمل الاداري، فحتى يومنا هذا لم يحصل هذا الأمر، وحتى المخترة اذ نجد امرأة واحدة في مرجعيون انتخبت منذ فترة طويلة.”

وشدد على وجوب “المطالبة بالاهتمام أكثر بالمرأة لإظهار امكاناتها، فمثلاً غالبية المدارس في الجنوب مديراتها نساء ونجحن في ميدان عملهن من خلال تطوير المدرسة، تحسين المستوى التعليمي. اذاً المحافظ أو القائممقام مهامه قليلة لا تبيّن قوته، اما المدارس والبلديات فتبرز دور المرأة وأهميتها في المجتمع.”

في المجتمعات القديمة كانت المرأة مهمّشة، انما اليوم مع التطور ووجود الجمعيات النسوية علت أصوات المطالبة بتنفيذ حق المرأة في الانخراط في المجالات كافة، وشهدنا دخولها المعترك السياسي ولو بنسبة قليلة. ولكن يبقى عقل مجتمعنا غير سليم ١٠٠% اذ انه يستغرب، ويعتبر أن المرأة لا يمكنها النجاح في كل المجالات، ولكنها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية برزت أكثر وأكثر، فماذا لو تولت امرأة منصب رئاسة الجمهورية؟

شارك المقال