في الذكرى الثالثة من أمام المرفأ… المعركة مستمرة لتحقيق العدالة

تالا الحريري

إنّها الذكرى الثالثة لأبشع جريمة هزت العاصمة بيروت وأزهقت معها حوالي 220 روحاً، ولا يزال المشهد السوداوي مسيطراً على مرفأ بيروت ومحيطه وعلى أهالي الضحايا والمتضررين بعد التفجير الذي وقع في 4 آب 2020 عند الساعة 6:07. توقف الزمن هناك ولا يزال الأهالي ينتظرون مرور تلك الأيام الخمسة التي وعدت بها السلطة لتحقيق العدالة، لكن العراقيل كانت واضحة لمنع التحقيقات من إكمال مسارها الصحيح.

اليوم مع مرور ثلاث سنوات، ظلت الاحتجاجات قائمة والمطالبة بتحقيق العدالة مستمر، وعقدت جلسة نقاش حول المسارات المختلفة لاحقاق العدالة في جريمة 4 آب مقابل مرفأ بيروت. وأوضحت منسقة “تجمّع نقابة الصحافة البديلة” إلسي مفرّج لـ”لبنان الكبير” أنّ أهمية هذه المناقشة تكمن في “القاء الضوء على المسارات المختلفة للعدالة إن كان في الداخل أو على مستوى الدولة، أي على مسار مجلس حقوق الانسان أو على مستوى الدعاوي التي يرفعها الأهالي في الخارج. ما نحاول أن نوصله أننا سنحصل على العدالة رغماً عن الجميع في أي مسار من هذه المسارات. وهذا ما نحاول تأكيده في جلسة النقاش كما نعطي الأمل للناس أننا قادرون على تحقيق العدالة ولن نيأس”.

المجرم في لبنان لا يُحاسب بل يُكرّم

وأشار العضو في ائتلاف استقلال القضاء المحامي نزار صاغية الذي كان من المتحدثين في جلسة النقاش، لـ”لبنان الكبير” الى أنّ  العدالة تتمثل في جبر ضرر الضحية وانصافها وأن يعرف المجتمع الحقيقة، وأن نحاسب أيضاً وأن يلقى كل شخص ما يستحقه. اعتدنا أن نهمّش الضحية وننكرها، واعتدنا  أن المجرم في لبنان لا يحاسب بل يُكرّم.  المعركة اليوم للحصول على العدالة هي معركة شعب يرفض أن يبقى ضحية ضد نظام لا يُحاسب”.

وقال: “الكل كان يدرك أن هناك خطأ يهدد العاصمة ولم يتحرك أحد، بينما لو كان هناك أي أمر يهدد مصالح أحد هؤلاء السياسيين لكانوا أقفلوا المرفأ، وهذا ما يدل على أنّ المصلحة العامة اختفت من عمل السلطة الحاكمة والقوى السياسية وأنّها تحولت الى مصالح فئوية. المطلوب من أي شخص مسؤول في أي مكان أن يكون خادماً للشعب، ومن المفترض أن يؤمن حاجاته ويضمن له حقوقه. اليوم التخلي وضرب الحق بالتقاضي هو ضرب لأحد الحقوق الأساسية المعترف بها في الدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان وهذه خيانة وطنية بكل معنى الكلمة”. 

ما يحصل مع الأهالي كارثة أكبر من 4 آب

وأكدت نائبة مديرة المكتب الاقليمي في منظمة العفو الدولية آية مجذوب لـ”لبنان الكبير” أنّ “الحق بالعدالة والحقيقة هو أبسط حق كان يجب أن تقدمه الدولة اللبنانية لكل شخص تضرر من انفجار 4 آب وللشعب اللبناني.  للأسف على مدار السنوات الثلاث الماضية لاحظنا كيف تواطأت السلطات اللبنانية لوقف التحقيق المحلي وتقييده خصوصاً عندما تبين أن القضاة الذين تسلموا هذا الملف يريدون كسر الخطوط الحمر وكشف المسؤول”، لافتة الى أن “أهالي الضحايا تحولوا إلى أشخاص يدافعون عن حقهم ويجولون العالم ليعرفوا الحقيقة وهذا بالنسبة الينا كارثة أكبر مما حصل في 4 آب. نحن كمنظمات حقوقية نواكب هذه الأمور مع جميع العائلات ونعمل على الشق الخارجي أي على بعثة تقصي حقائق من مجلس حقوق الانسان”.

أهالي الضحايا… الجريمة أكبر من أن تُنسى

وكان لبعض أهالي الضحايا تعليق في هذه الذكرى، فاعتبر وليام نون أنّ “من غير المتوقع بعد 3 سنوات أن تصدر العدالة في ملف أكبر من القضاء اللبناني، ما نقوم به هو محاولة دعم القضاء اللبناني بلجنة تقصي حقائق لبنانية. من المفترض أن يصدر القرار الظني ونحن بانتطار القاضي حبيب رزق الله للبت في وضع القاضي البيطار وسنلتزم بما سيصدر عن القضاء”، معرباً عن اعتقاده أن “صدور القرار الظني ولجنة دولية بعد شهرين أو ثلاثة يعتبر تقدماً كبيراً، وعندما يُتخذ القرار بعودة القاضي أو عدمها حينها ننظر إلى موضوع القيام بالتحركات”.

وأوضحت ماريا فارس أن “التحرك بعد 3 سنوات يحمل معه عواطف ومشاعر وحزناً، إنما تحرك اليوم للاصرار على المطالبة بالحقيقة والوقوف في وجه كل من يقول اننا لن نصل الى أي مكان. صحيح أننا لم نصل بعد الى الحقيقة والعدالة إنما نتقدم ببطء لكن على الاقل يمكننا القول اننا نتقدم والحقيقة ستظهر يوماً ما”.

وشدد بول نجار على أنّ “العدالة ستتحقق مهما أخذت من وقت. نحن ندرك أن هذا يحتاج الى الصبر خصوصاً في ظل منظومة كهذه لا تزال تحرمنا من العدالة ومن الحقيقة منذ 3 سنوات وتعرقل بكل الطرق. يجب أن نناضل ونحارب لكن سنصل إلى ما نريد في النهاية. وأعتقد أن العراقيل ستبقى مستمرة طالما أن السياسيين المعنيين بالقضية بقوا في مراكز السلطة”.

أضاف: “أملنا الأكبر في أن تتحقق العدالة في لبنان وإذا لم تتحقق فلدينا طرق أخرى وسنلجأ اليها وقد بدأنا بها منذ الأشهر الأولى التي تلت الانفجار ونعرف المسارات الخارجية التي يمكننا اتباعها. أصبح لدينا بيان مشترك موقّع من 32 دولة وسنكمل باتجاه لجنة تقصي حقائق وتكتيكياً نعمل ضد الشركات التي كانت لها علاقة بالنيترات”.

وذكرت ريما الزاهد بـ “أننا منذ اليوم الأول نتمنى أن تتحقق العدالة التي وعدونا بها في 5 أيام، مرت السنوات ولا نزال ننتظر”، مشيرة الى أن “احتجاجنا هذه السنة على التدخلات السياسية في القضاء اللبناني وسنبقى ننتظر لآخر نفس لأن هذه الحقيقة لن تمر مرور الكرام من دون محاسبة. حاولوا كثيراً في السنوات السابقة أن يجعلونا ننسى هذه القضية حتى أنّ محاولة هدم الاهراءات كانت لينسى الشعب اللبناني ما حصل كما حدث في الحرب الأهلية التي محوا معالمها، لكن هذا لن يحدث هذه المرة لأن الجريمة أكبر من أن تُنسى”.

شارك المقال