الصراع الأميركي – الايراني يضاعف التشنج في المنطقة

حسناء بو حرفوش

لا شك في أن التوتر الجيوسياسي العالمي وسياسة إيران ودعمها لروسيا في حربها ضد أوكرانيا أديا إلى تفاقم التوترات بين واشنطن وطهران. وطرح تكثيف الهجمات الصاروخية الايرانية التي استهدفت مناطق الانتشار العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، علامات استفهام حول درجة الاستقرار والسلام في المنطقة.

وانخرطت إيران خلال العام 2023، بصورة متواصلة في الاستفزازات العسكرية حسب موقع “أوراسيا ريفيو”، بما في ذلك قيامها بإدخال صاروخ باليستي جديد علناً والاستيلاء على ناقلتين في نيسان وأيار بالاضافة الى محاولة الاستيلاء على ناقلتين أخريين في تموز. وبالتوازي، سعت الصين، مستفيدة من انشغال الولايات المتحدة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا الى توسيع نفوذها الاقليمي في بحر الصين الجنوبي، ولكن ذلك دفع بالبحرية الأميركية الى زيادة دورياتها في المنطقة. وفي أعقاب هذه التطورات، زاد انتشار الجيش الأميركي ونشاطه في الشرق الأوسط.

وتخطط الولايات المتحدة حالياً لنشر وحدة مشاة البحرية في المنطقة، وعلى الرغم من عدم الكشف عن النوايا الأميركية خلف الوجود العسكري الموسع في المنطقة، جذبت عمليات الانتشار هذه انتباه إيران. وأنهت الولايات المتحدة ارتباطاتها العسكرية في المنطقة في الوقت الذي يتصاعد فيه نزاعها المستمر مع إيران بشأن برنامجها النووي من دون أي قرارات واضحة في الأفق. كما استأنفت إيران نشاطها في الاستيلاء على السفن التي تحاول عبور مضيق هرمز، مع الاشارة إلى أن نحو 20٪ من إمدادات النفط العالمية تعبر الممر البحري الضيق الذي يربط الخليج العربي بالمجتمع الدولي.

ويكتسب الحفاظ على إمكان الوصول إلى هذا المضيق أهمية قصوى بالنسبة الى الولايات المتحدة، لأنه يهدف الى منع أي تصاعد كبير في تكاليف الطاقة العالمية، ويصبح هذا الهدف أكثر أهمية في ضوء الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، والذي يمارس مزيداً من الضغط على الأسواق العالمية. وأدت تصرفات إيران الأخيرة إلى تفاقم هذا الوضع لأنها بدأت بتخصيب اليورانيوم إلى 60٪. ويأتي هذا التطور في أعقاب انهيار الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، كما عززت في غضون ذلك، علاقاتها الاقتصادية مع الصين مع تعزيز تحالفاتها العسكرية مع روسيا في الوقت نفسه. وفي ضوء الجمود في الجهود الديبلوماسية وميل إيران الواضح الى التصعيد المتزايد في الشؤون البحرية، يبدو أن الولايات المتحدة قد تعود الى الاعتماد على القوة العسكرية كوسيلة لاقناع طهران بتهدئة التوترات.

لكن هذا الوضع ينذر باستمرار المشكلات العالقة بين الطرفين وتفاقمها على الساحة الدولية. ستواجه الولايات المتحدة عواقب اقتصادية وسياسية وأمنية ملحوظة إذا تدهور الوضع أكثر. وفي حالة حدوث مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، من المعقول أن تسعى هذه الأخيرة الى إعاقة مرور الحركة البحرية عبر مضيق هرمز. وفي المحصلة، يأتي تراجع العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران في سياق الصراع على الهيمنة الإقليمية في الشرق الأوسط. وتنطوي الحرب الخفية بين إيران والولايات المتحدة على مخاطر متأصلة تتمثل في سوء التقدير والعواقب غير المقصودة التي قد تؤدي الى زيادة التوترات واندلاع الأعمال العدائية العلنية”.

شارك المقال