وزير الاقتصاد… “شحاد ومشارط”

آية المصري
آية المصري

ليست المرة الأولى التي يعيش فيها لبنان دوامة القلق نتيجة التصريحات المسيئة لوزرائه الكرام، فهناك عدد منهم يعشق الارتجال في الخطابات لجذب شريحة من اللبنانيين اليه، ولكن إرتجاله هذا يجعل البلد عرضةً للإهتزاز بسبب فشله فيه، فلا يدرك هؤلاء الوزراء واجبهم الأساس ويتحدثون عبر الاعلام أكثر مما يعملون داخل وزاراتهم، كما ينجرفون وراء الشعارات الفارغة التي تخلق استياءً لبنانياً وامتعاضاً عربياً واسعاً، قد يُفضي الى تخريب العلاقات اللبنانية – العربية عبر بوادر أزمة ديبلوماسية مع الخليج.

ففي تصريح يُعد من أغرب التصريحات وأعجبها، خرج وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام عن طوره حين طالب دولة الكويت بإعادة بناء صوامع الحبوب في مرفأ بيروت، مستخدماً عبارةً وقحة أضيفت الى المهازل التي تحدث بصورة مستمرة في لبنان، فمعاليه اعتبر أن قرار إعادة تمويل صوامع الحبوب يمكن أن يتّخذ “بشخطة قلم”، وبهذا يكون قد نسي أو تناسى أسلوب الحوار وأبسط الأعراف السياسية وباتت تطبق على مثل هؤلاء مقولة “شحادين ومشارطين”. الا أن الوزير الجهبذ حاول تبرير كلامه بأن عبارة “بشخطة قلم” أخذت منحى سلبياً، وما كان القصد من استعمالها “تجاوز الأصول والآليات الدستورية والقانونية المرعية الاجراء من دولة الكويت أو من دولة لبنان”.

والواضح أن هذا الوزير سها عن باله السجل التاريخي لدولة الكويت في مساندة شعوب العالم وتحديداً لبنان، وغفل عن أن هذه الصوامع بنيت عام 1969 بقرض تنمية كويتي لتوفير المخزون الاستراتيجي من القمح للشعب اللبناني، كما اعتقد أن بإمكانه التحدث مع هذه الدول كمن يتحدث مع “اخوانه” الموجودين الى جانبه بصورة مستمرة والمعينين بصفة مستشارين في الوزارة، وأنه يحق له التدخل في قرارات الدول العربية وشؤونها الداخلية لأنهم كقوى سياسية ينتظرون دائماً تدخل الخارج لحل مشكلاتنا.

فهذه المنظومة والوزراء ليسوا على مستوى التعاطي مع الدول ولا يعرفون كيفية استخدام الكلمات نتيجة عجزهم عن اختيارها من جهة وخبرتهم الضئيلة والضعيفة في التعاطي بالشأن العام من جهة أخرى، وهذا يعود الى أنهم “وزراء الصدفة” الذين تغيب عنهم كل أنواع اللباقة الديبلوماسية.

وليس مستغرباً هذا التصريح لوزير تابع للتيار الباسيلي لأنه بات يتوهم في عقله الباطني ومخيلته أن بإمكانه الوصول الى رئاسة الحكومة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها لبنان لهذه المهزلة الديبلوماسية، ففي العهد السابق تعرض لاثنتين متتاليتين، الأولى عبر وزير الخارجية شربل وهبة الذي خرج يومها عن سياق النقاش الموضوعي ووصف رئيس لجنة العلاقات الأميركية – السعودية سلمان الأنصاري بأنه من أهل البدو، ما خلق أزمة ديبلوماسية كبيرة بين لبنان والسعودية، ليعود بعدها وزير الاعلام جورج قرداحي الى إرتكاب خطأ أكبر حين زعم أن الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم أمام عدوان خارجي، رافضاً الاعتذار عما تفوه به.

هؤلاء الوزراء يتميزون بهذا المستوى الضحل من التفكير ولا يأبهون لعواقب كلامهم أو أفعالهم، خصوصاً أن البلد يعيش الانهيار التام وسط فراغ قاتل وعجز القوى الداخلية عن إدارة شؤونها بنفسها، فيما الشغور يسيطر على غالبية المؤسسات العامة. وبدلاً من التطلع الى الدول الخليجية لحل مشكلاتنا فلننتخب رئيساً للبلاد ولنشكل حكومة وبعدها نتطلع الى رؤية 2030 بما تحمل معها من تطور على المستويات كافة، تقنياً، ثقافياً، علمياً، إقتصادياً، إجتماعياً وسياحياً، ولنعترف بكل ما قامت به هذه الدول الصديقة التي لم تبخل يوماً في تقديم يد العون للبنان وشعبه.

شارك المقال