“حزب الله”: اطمئنوا لا فتنة… لأننا ببساطة لا نريدها

ليندا مشلب
ليندا مشلب

ساعات قليلة بعد حادثة الكحالة الأربعاء الماضي وعادت الذاكرة الى أذهان معظم اللبنانيين الذين عايشوا الحرب الأهلية، ففي اليوم الثاني استخدم مصطلح “سالكة وآمنة” لهذه الطريق وهي العبارة التي كان يستخدمها الاعلامي الراحل شريف الأخوي الذي كان يطل عام ١٩٧٥ في كل صباح عبر “اذاعة لبنان” ويقدم تقريره الصباحي عن الطرق السالكة والآمنة من القنص والقصف وكانت الكحالة أبرزها. فالكحالة في ذاكرة اللبنانيين عنوان أساس من عناوين الحرب الأهلية، منذ العام ١٩٦٩ ابان اتفاق القاهرة واطلاق النار على مواكب التشييع الفلسطينية في المحلة نفسها والكمائن المسلحة، ما جعل هذا الكوع يحمل اسم “كوع الرعب والموت” منذ ذلك الحين، اما أمنياً (تماماً مثل حاجز البربارة) واما بفعل خطورته وحوادث السير المميتة التي تقع عليه، وحتى الآن الأعلام الحزبية والشعارات محفورة على حدود الطرق والجدران فيه، فكيف شاء القدر أن تقع شاحنة “حزب الله” على هذه النقطة بالتحديد؟

يقول قيادي بارز من الثنائي لموقع “لبنان الكبير”: “ان الحادثة وقعت قبل حوالي ٣ ساعات من تطورها وكشف الشاحنة، وكان يمكن أن تكون عابرة لكن سوء التنسيق بين الأجهزة الأمنية ومخابرات الجيش والتأخر في معالجة الوضع أديا الى كشفها وساعد بعض الاعلام في التجييش”.

هل المقاومة هي على السوشيل ميديا؟ “شو بيشتغل حزب الله”؟ لماذا استهجان نقل السلاح والذخيرة؟ فهذا الأمر معترف به في البيان الوزاري والمقاومة لا تستعمل “النقيفة” ولا تنقل “راحة وبسكوت”، ولماذا سقطت هذه الشاحنة كهول الفاجعة وكأنها صيد ثمين لعدو قاهر؟ هذا كله منظم يعتبر القيادي، “والدليل كيف استحضرت في اللحظة نفسها اللافتات والشعارات والخطابات المسمومة وقمصان القرار ١٥٥٩. مجتمعنا هش وهناك احتقان كبير لدى الجمهورَيْن لا يحتاج سوى الى ولعة، وهذا كان السبب الرئيس في قرار عودة الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله، الخوف من الشارع والأحداث المتنقلة”.

ويستغرب القيادي تشبيه شاحنة الكحالة ببوسطة عين الرمانة “لأن الموازين مختلفة تماماً وليست لصالح من يريد المشكل انما لصالح من لا يريده، ومن استثمر فيه هم أقزام السياسة. وحسناً فعل الرئيس (ميشال) عون بموقفه الذي قطع الطريق على من حاول من التيار نفسه استغلال الحدث لشد العصب والتعاطي بشعبوية”.

ويتابع القيادي: “وبغض النظر عن الذي حصل، وما حصل قد حصل، وقيل عنه الكثير وأشبع تحليلاً واجتهاداً في المعلومات، الخلاصة أن هناك دائماً من يتربص الفرص ليفرض مشروع التقسيم وللمرة المليون نحذر، من أن هذا سيؤدي الى هلاك الطائفة المسيحية قبل غيرها وهو مشروع اسرائيلي هدفه تفتيت لبنان وتحويله الى كونتونات متقاتلة وليس الى فديراليات مدنية راقية كما يدّعي البعض، فلم تعد هناك طائفة بسمنة وطائفة بزيت والعقّال أصبحوا يخافون من هذا الأمر، فهل يقبل المروّجون للتقسيم أو اذا أحبوا تسميتها باللامركزية المالية الموسعة أن يكون النفط من حق وحصة south state؟”.

ويؤكد “لا نريد الفتنة ولن نذهب اليها مهما حاولوا، على الرغم من أننا أقوياء فيها لكن لا مصلحة لنا بحدوثها، وليعتبروا من التاريخ”.

ويذكر القيادي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بالمعارك التي خسر فيها من الجبل الى شرق صيدا الى حالات حتماً وغيرها ولم يحصد المسيحيون منها سوى القتل والدمار والتهجير، سائلاً: “من قال ان الشارع المسيحي معه اليوم أو مع الكتائب في أي حرب يريدونها وقد تحدث؟ فعند أول رصاصة، المسيحيون أو من تبقى منهم والذين لا تتجاوز نسبتهم الـ١٧٪؜ سيهاجرون وسيخوضون البحر من جونيه الى شكا وكل المرافق ولن يبقى أحد منهم في البلد، فهل هذا ما يريدونه؟ بالنسبة الينا بالتأكيد لا. ثم ان الفرق أصبح كبيراً بين الجيلين أقله ٢٥ سنة تدريباً وعقائدياً، فعند الطائفة الشيعية الاستشهاد في سبيل القضية وسام على الصدر والانخراط في الحروب ضد الارهاب جعل من جيل الشباب أكثر احترافاً وتدريباً. حزب الله دفع أثماناً باهظة في الأرواح خلال الحرب السورية ولا مشكلة لديه في دفع المزيد في حرب وجودية وفي معارك محركاتها اسرائيلية لحماية لبنان. واذا سألنا أي أم مسيحية اليوم اذا كانت ترضى أن يموت ابنها في حرب لبنانية؟ جوابها معروف. واذا كان البعض يتوهم المساندة الدولية والأميركية فليستفق من كبوته! لأن لا أحد منهم مستعد لأن يخوض معركة أحد أو أن يقتل في سبيل أحد، والغباء في السياسات الأميركية فشل في محطات عدة وأفغانستان ماثلة أمامنا من التاريخ القريب”.

ويستذكر القيادي “كيف وقف الرئيس الراحل كميل شمعون الموالي لحلف بغداد على أبواب القصر الجمهوري وقال: هذا ما جنته يداي… التاريخ دائماً يعيد نفسه وهناك من يلعب بدعم أميركي على حافة الهاوية”، لافتاً الى أن “منطق الأمور ومسارها في ظل السياسة المتبعة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يؤكدان أن لا انخراط سعودي في أي من مشاريع التوتر في المنطقة وفي لبنان بالتحديد ولنقل ما لنا وما علينا”.

ويسأل بتجرد: “لماذا عاد الخطاب المتشنج ضد المملكة؟ التعثر في الاتفاق السعودي – الايراني متوقع فلماذا ربط مساره بخطابنا؟ وماذا عن التنقيب واستخراج النفط؟ ثم من يطمح الى الحرب الأهلية فليقل لنا بعد ٣٠ عاماً عليها هل عاد المهجرون؟ لم نصل بعد الى اعادة ٥٠٪؜ منهم فهل يريدون القضاء على من تبقى؟ هذا غباء وانتحار واستهتار، وشد العصب والشعبوية لا يفيدان، وشعار توحيد البندقية المسيحية سيأتي أولاً على بيتهم الداخلي والخاسر الأكبر سيكون جبران باسيل الذي حسبها جيداً ووجد أن لا مصلحة له في فك الارتباط مع حزب الله، بعدما حاول في أواخر عهد الرئيس ميشال عون أن يكوّن حوله حالة جديدة وفشل”.

ويخلص بعد كل هذا الى القول: “أهمية ما حصل في الكحالة أن هذا الكوع دق جرس الانذار وكشف نسبة الاحتقان، لكن لن تصل الكحالة ولا غيرها الى الحرب الأهلية”، جازماً: “لا فتنة ولا حرب أهلية لأننا ببساطة لا نريدها ونقطة على السطر”.

شارك المقال