لبنان يطلب إزالة الفقرة حول توسيع مهام “اليونيفيل”… هل ينجح؟

هيام طوق
هيام طوق

لبنان على موعد مع جلسة تجديد ولاية قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” في مجلس الأمن في 31 آب الجاري، ويواجه هذا التجديد أو التمديد هذا العام، صعوبات جديّة، وتشهد أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تحركات متعددة على مسافة أيام من بلوغ موعد الجلسة لأن الدولة اللبنانية تسعى إلى شطب الفقرة التي أضيفت أثناء التمديد لهذه القوات العام الماضي، والتي تم من خلالها توسيع حركتها، وتخويلها القيام بمهمات التفتيش بمعزل عن مواكبة الجيش اللبناني.

وفي هذا السياق، أشار أحد المتابعين للملف الى أن مهمة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الذي يستعد لرئاسة وفد لبنان الى اجتماعات نيويورك على مستوى مجلس الأمن الدولي في 22 آب الجاري من أجل متابعة المناقشات الخاصة بالتمديد لـ”اليونيفيل”، ستكون “صعبة وشاقة”. فيما اعتبر مصدر آخر أن إسرائيل تحاول إدخال هذه التعديلات عبر الدول الثلاث (فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة)، بما يخدم مصلحتها، وهي تعديلات لا يرضى بها لبنان، وفي حال اعتمدت، يستطيع التنصّل منها، وتبقى بلا مفاعيل، بحيث أن القرار 1701 لا يمكن تطبيقه من دون موافقة الدولة المعنية، مع العلم أن هدف الطلب اللبناني تأمين الحماية لدوريات “اليونيفيل” تجنباً لاشكالات محتملة، ذلك أن الجيش يمكنه التعامل مع البيئات المختلفة الموجودة في المنطقة بما يجعل المهمة أسهل وأفعل.

منذ العام الماضي الى اليوم، طرأت تطورات كثيرة على المشهد اللبناني والجنوبي خصوصاً بعد التوتر الحدودي على خلفية قضم إسرائيل الجزء اللبناني من قرية الغجر، وملف خيمتيْ مزارع شبعا اللتين نصبهما “حزب الله”، وما شهدته المناطق الجنوبية من مواجهات بين الأهالي والقوات الاسرائيلية، وبروز مجموعات الصواريخ التي انطلقت من منطقة محظورة على السلاح غير الشرعي من “حقول القليلة” في القطاع الغربي، و”صواريخ شويا” في القطاع الشرقي منه ومناطق حدودية مختلفة، كما لا بد في الوقت نفسه من الأخذ في الاعتبار انجاز عملية الترسيم البحري مع اسرائيل، وما تفرضه عمليات بدء الحفر في الأيام المقبلة في البلوك رقم 9 من هدوء، وما تعكسه من حرص على تطبيق القرارات الدولية وضبط الوضع الأمني هناك لأن أي خطأ يمكن أن يؤدي الى وضع جديد لا مصلحة للبنان فيه.

وفيما جمّدت قيادة القوات الدولية في الناقورة، العمل بالتعديلات الأخيرة، وقدمت ما يثبت حرصها على التنسيق مع الجيش اللبناني وإطلاق مجموعة من البرامج الاجتماعية والانمائية، وضبط الوضع الأمني، لا بد من التساؤل: هل سيأخذ مجلس الأمن بالطلب اللبناني بعدما وثقّه العام الماضي أو يبقى التعديل على حاله في انتظار ما ستحمله رياح التسويات الاقليمية والدولية؟

رأى العميد هشام جابر في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “تعديل الفقرة ممكن بطريقة تؤمن حماية قوات اليونيفيل لكن في الوقت نفسه لا تسمح لها بالتدخل في القرى والأحياء وكشف المنازل”، مشيراً الى أن “وزير الخارجية يمكن من خلال ديبلوماسيته ألا يظهر الأمر وكأن وجود اليونيفيل يسبب مشكلة في لبنان لأنهم يخدمون له، لكن الجنوب أيضاً له خصوصية، ولا يجوز التعرض لخصوصيات الناس، ومراقبة منازلهم لأن ذلك ربما يؤدي الى اشكالات أو مواجهة مع عناصر اليونيفيل الذين يقومون بدوريات على الطريق الدولية والطريق الحدودية، وما من أحد يتعرض لهم أو يمنعهم، لكن عندما يدخلون في الأزقة، يصبحون عرضة لخطر أي اشكال، وبالتالي، لا بد من مواكبة الجيش الموجود في الجنوب للتعاون معهم”.

واعتبر أن “التمديد لليونيفيل سيمر سواء بقيت هذه الفقرة أو عدلت أو ألغيت، ومن الأفضل أن يكون تعديلها على طريقة ألا يموت الديب ولا يفنى الغنم. التعديل كما كان مرفوض لأنه يسبب المشكلات في حال دخلوا الأزقة والأحياء في البلدات”.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول الضاغطة، الى إظهار الخروق التي قام بها الجانب اللبناني طوال السنة الفائتة، مروراً بحادثة الاعتداء على الدورية الإيرلندية في الجنوب، ما أدّى إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة آخر، أوضح العميد نزار عبد القادر أن “التعديل الأخير سمح لليونيفيل بالقيام بأي عمل في أي نقطة من نقاط عملياتها من دون مواكبة الجيش أو طلب الاذن منه أو اخباره، ولبنان يريد اليوم تعديل هذه الفقرة أو حذفها والعودة الى النص القديم الذي كان يفترض أن يواكب الجيش كل المهمات التي تقوم بها قوات اليونيفيل في منطقة عملياتها”، مستبعداً “نجاح لبنان في اقناع مجلس الامن بإبطال هذه الفقرة التي أضيفت السنة الماضية لأن حركة اليونيفيل بالنسبة الى الأمم المتحدة مقيّدة. مجلس الأمن يريد تفعيل دور الأمم المتحدة للقيام بمهماتها وفقاً للقرار 1701 وليس العودة الى إضعافها. في الأساس جاءت اضافة هذه الفقرة بناء على ضغط دولي وبعد شكاوى عديدة من مدى التقصير الذي شعر به مجلس الأمن من خلال عدم قدرة قوات اليونيفيل على القيام بكل ما تعتبره ضرورياً في مهامها”.

وقال: “لبنان له الحق في إبداء وجهة نظره، وتقديم تبريراته، لكن القرار عند دول مجلس الأمن، وان كانت ستتوافق حول الطلب اللبناني، ولا يمكن حسم المواقف اليوم، مع العلم أن لبنان ملتزم تطبيق قرار مجلس الأمن ، ولا يمكنه الانتقاء في تطبيق البنود اذ ان القرار وحدة متكاملة شاملة. لكل دولة أن تتخذ قرارها في هذا الاطار، وبسبب الضغط الاسرائيلي ربما لا يقبل مجلس الأمن التعديل في الفقرة لأن اسرائيل بالمرصاد لما يمكن أن تطلبه الحكومة اللبنانية”.

أضاف: “اذا ثبّت القرار أي أن اليونيفيل تخرج بالمهمات من دون مواكبة الجيش اللبناني فيمكن أن تتعرض لاعتداءات كما حصل في العاقبية وأن يتعرض جنودها للايذاء، وحينها تتعرض مهمات الأمم المتحدة لاعتداءات في غنى عنها”.

شارك المقال