رسالة لودريان وصلت… إهانة أم استرداد للكرامة؟

هيام طوق
هيام طوق

وصل إلى مجلس النواب، قبل عيد انتقال السيدة العذراء، ظرف لم يتمكن النواب من الاطلاع على محتواه الا يوم أمس بسبب عطلة العيد ليتبين أن في داخله، رسالة الى 38 نائباً من رؤساء الكتل والتغييريين والمستقلين، يُطلب فيها منهم الاجابة عن سؤالين بشأن الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية شهر آب الجاري، وإرسال الأجوبة الى السفارة الفرنسية في بيروت.

الرسالة جاءت بتوقيع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وفيها أنه “نظراً الى الضرورة الملحة للخروج من الطريق المسدود الحالي على الصعيد السياسي، الذي يعرّض مستقبل بلدكم لمخاطر جمّة، اقترحت أن أدعو في شهر أيلول الى لقاء يرمي الى بلورة توافق بشأن التحديات التي يجب على رئيس الجمهورية المستقبلي مواجهتها، والمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالتالي، المواصفات الضرورية من أجل ذلك. اللقاء يتمحور حصراً حول هذه المسائل، ويهدف الى توفير مناخ من الثقة واتاحة اجتماع مجلس النواب في أعقاب ذلك، وضمن ظروف مؤاتية لاجراء انتخابات مفتوحة تتيح الخروج من هذه الأزمة سريعاً”.

وتضمنت الرسالة سؤالين، ينتظر من النواب الاجابة عنهما: “ما هي بالنسبة الى فريقكم السياسي، المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة؟ وما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟”.

سؤالان في رسالة، فتحا الباب على العديد من التساؤلات خصوصاً أن التعاطي ليس مع دولة كبرى وحسب، انما مع مجموعة دول كبرى، وكل الأطراف والجهات السياسية حريصة على ألا يصدر عنها أي موقف أو زلّة لسان أو القيام بخطوة ناقصة في هذا الاطار، وهي ستتناقش في اجتماعات تكتلاتها النيابية، في شكل الرسالة ومضمونها، وان كانت ستضع الأجوبة أو تمتنع عن ذلك، ليبقى الاستفسار حول الهدف من هذه الرسالة؟ ولماذا لودريان يريد أجوبة مكتوبة طالما أنه جال على مختلف الجهات السياسية، واستمع الى آرائها ومواقفها خصوصاً حول المواصفات وأولويات الرئيس المقبل؟ وهل تنتقص الرسالة من سيادة لبنان وكرامة النواب كما رأى بعضهم على اعتبار أن النواب لا يحق لأحد مساءلتهم أو طرح الأسئلة عليهم سوى الشعب الذي أوصلهم الى السدة البرلمانية؟

هناك من يقول ان لودريان أرسل هذه الرسالة بعد حيازته تفويضاً من اللجنة الخماسية، وبالتالي، يريد أن يحصل على جواب خطي مكتوب لقطع الطريق على من يريد التنصل مما يقوله شفهياً، ليقدمه الى اللجنة الخماسية في حين اعتبر النائب محمد خواجة أن “لا أحد يحق له مخاطبة البرلمان اللبناني بهذه الطريقة أو طرح الأسئلة عليه أو مساءلته الا الشعب اللبناني الذي انتخب النواب”، مشيراً الى أن “الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، زار كل الجهات السياسية، واطلع على آرائها، واذا كان يريد الاستفسار أو الاستيضاح أكثر، فليتواصل مع رؤساء الكتل النيابية أو رؤساء الأحزاب”.

وقال خواجة: “انني أتحدث باسمي كنائب في البرلمان وليس باسم الكتلة، وفي حال وصلت رسالة باسمي، لن أفتحها، ولن أطلع على مضمونها لأن طرح الأسئلة على النواب من أي طرف عدا الشعب اللبناني، يعتبر اهانة للمجلس النيابي وللنواب”.

وأوضح النائب فادي كرم “أننا سندرس الرسالة ان كان لناحية المضمون أو لناحية الشكل خلال اجتماع الكتلة، ولن نتخذ موقفاً منها قبل القرار الصادر عنها، لكن من الأساس حين قدم الفرنسيون المبادرات السابقة منذ بداية الشغور لم تكن مناسبة للوضع اللبناني، والطرح الذي طرحه لودريان في زيارته الأخيرة بعقد طاولة حوار للبحث في المواصفات، لم يكن موقفنا ايجابياً تجاهه لأننا نعتبر أن مثل هذه الطاولة لن تؤدي الى النتيجة المطلوبة، والمواصفات باتت واضحة لدى كل الأطراف. لا شك في أن فرنسا لديها النية لمساعدة اللبنانيين، لكن المقاربات ليست ناجحة”.

أضاف: “من يتحدث عن السيادة، نسأله اليوم أين لبنان من السيادة ومن كل المعتدين على سيادته ان كان بالسلاح وتحت مسميات مختلفة منذ السبعينيات، أو بغير ذلك؟ نحن اليوم، نخوض المعركة السياسية لاسترداد هذه السيادة”.

وأكد النائب بلال عبد الله أن لا معلومات لديه ولن يتحدث عن الرسالة، قائلاً: “أترك ذلك لرئيس الحزب الذي وصلته الرسالة، لكن عموماً علينا التركيز على أمرين: ضرورة الحوار بين اللبنانيين وليس بالواسطة ثم ان رئيس الجمهورية ليس وحده الذي يحدد سياسة البلد انما بالتوافق مع الحكومة. واليوم ليس المهم شخص الرئيس انما المناخ التوافقي، وذلك يتطلب الحوار بعيداً عن سياسة التحدي والصفقات الثنائية”. وتساءل: “اليوم يتذكرون السيادة؟ حين استدعوا الى قصر الصنوبر، كان الأمر عادياً؟ كل من يعترض على هذا الأسلوب، فليذهب الى الحوار اللبناني – اللبناني غير المشروط”.

ورأى الوزير السابق رشيد درباس “أننا لا ننتظر من يهيننا لأننا أهنّا أنفسنا بما يكفي. وبعد كل الاهانات التي تعرضنا لها، نشعر بالاهانة من الرسالة طالما نحن عاجزون عن انتحاب الرئيس، ونستنجد بالدول لمساعدتنا؟ لم يبق من الكرامة السياسية شيء. هذا كلام استهلاكي لن يقدم ولن يؤخر. الأسئلة طرحت، ولدى الكتل كل الحرية في الاجابة عن الرسالة أو عدم الاجابة، لكن لا يجوز أن نفتعل منها رواية”، معتبراً أن “مهمة لودريان صعبة ومعقدة، ومن يتابع الخطابات والمواقف التصعيدية، والمشكلات المتنقلة من منطقة الى أخرى، يعرف أن ما من فريق جاهز للتلاقي في الوسط للتفاهم”.

وشدد على أن “الحوار لا بد منه، لكن اليوم، في ظل اختلال ميزان القوى، الضعيف سيرضخ لشروط القوي لأن من يدعو الى الحوار، يدعو الى التحاور وفق شروطه، لذلك من يمتنعون عن الحوار هم على حق، لكن في كل الأحوال، لا بد من فسحة من التفاهم على الأقل لانتخاب رئيس للجمهورية ينقذ البلد”.

وأشار الى أن “لودريان يريد الحصول على أجوبة مكتوبة ليعرضها على اللجنة الخماسية. لا قيمة لأي رسالة أو مبادرة ان لم يكن هناك استعداد لدى الأطراف للتفاهم للوصول الى حل”، معرباً عن اعتقاده أن “تجاوب الكتل أو عدم التجاوب مع الرسالة، لن يؤثرعلى خطوة لودريان في أيلول المقبل”.

شارك المقال