بين تشريع الضرورة وعملية “النصب”… الجلسات النيابية على مسار الحكومية؟

هيام طوق
هيام طوق

لم يكتمل نصاب الجلسة التشريعية العامة التي كان من المقرر أن تنعقد أمس بعدما دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي، ووصل عدد النواب الذين حضروا الى ساحة النجمة 53 نائباً، إذ قاطع تكتل “لبنان القوي”، وكتلة “الجمهورية القوية”، وكتلة “الكتائب اللبنانية” ونواب “التغيير” فيما حضرت كتل “التنمية والتحرير”، “الوفاء للمقاومة”، “اللقاء الديموقراطي” و”الاعتدال الوطني” ونواب مستقلون.

وبالتالي، أرجئت بعد انتظار نصف ساعة الجلسة التي كان على جدول أعمالها اقتراح قانون الصندوق السيادي الذي أقرّته لجنة المال والموازنة، ومشروع قانون “الكابيتال كونترول”، ومشروع يتعلق بالطاقة المتجددة، ومشروع الموافقة على ابرام اتفاق بين حكومة الجمهورية اللبنانية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بشأن الوضع القانوني للاتحاد الدولي في لبنان.

على أي حال، تعدّدت الاسباب والنتيجة واحدة: لم تنعقد الجلسة التشريعية التي اعتبر البعض أنها ضرب لتوازن السلطات في ظل غياب رئيس الجمهورية، وأن المجلس هيئة ناخبة ولا يجوز اتخاذ المواقف بشأن التشريع “ع القطعة”، حتى أن هناك من رأى أن مشاريع القوانين المقترحة هي “نصبة” جديدة على اللبنانيين، فيما أكد بعض النواب أنهم ضد تعطيل المؤسسات الدستورية ومع التشريع في القضايا الملحّة على الرغم من الملاحظات على جدول الأعمال و”الكابيتال كونترول”.

وفيما يأخذ بعض النواب على الكتل التي قاطعت، أنها تشدد من ناحية على تشريع الضرورة ومن ناحية ثانية تقاطع جلسة فيها قوانين في غاية الأهمية والضرورة، يرى عدد من النواب أن هناك فريقاً يتخذ المواقف انطلاقاً من منطق التعطيل، وشل مؤسسات الدولة، ليبقى التساؤل: لماذا قاطع “التيار الوطني الحر” هذه الجلسة خصوصاً في ظل أجواء التواصل مع “حزب الله”، وإمكان التوصل الى الاتفاق على اسم لرئاسة الجمهورية، ويسلّفان بعضهما البعض المواقف لاعادة الود بينهما الى سابق عهده؟ وهل فعلاً هناك من يسعى الى شلّ كل المؤسسات الدستورية في ظلّ حكومة غير مكتملة الصلاحيات، وشغور في السدة الرئاسية، ومقاطعة الجلسات التشريعية لتشريع الضرورة في الجلسات البرلمانية، والبلد يمرّ بمرحلة دقيقة وحساسة جداً؟

لم يشأ نواب من تكتل “لبنان القوي” التعليق على مقاطعة الجلسة، مكتفين بما صدر عن التكتل في بيان قبل الجلسة، إذ قال أحد النواب لموقع “لبنان الكبير”: “نحن نعتبر أن الأولوية اليوم لانتخاب الرئيس مع موقفنا القديم والثابت لتشريع الضرورة، لكن الحكومة فاقدة الشرعية، وجدول أعمال الجلسة التشريعية ليس ملحّاً أو ضرورياً، ونتمنى أن يتعمم الحوار بين كل الفرقاء، لأن الهدف أن يكون هناك مشروع واسم لرئاسة الجمهورية يحقق المشروع”.

وأكد النائب ملحم خلف “أننا لم نقاطع الجلسة التشريعية انما نطبّق الدستور وتحديداً المادة 75 منه أي أن المجلس النيابي اليوم في ظل الشغور الرئاسي هو هيئة انتخابية. نحن لا نخالف الدستور بل نلتزم بأحكامه التي تؤكد أن المجلس النيابي قبل انتخاب رئيس الجمهورية هو هيئة ناخبة”.

وقال: “من يتهمنا بشلّ مؤسسات الدولة، هذا الكلام يرتدّ على أصحابه خصوصاً عندما لا يرى أولوية الأولويات وهي انتظام الحياة العامة التي لا يمكن أن تنتظم الا من خلال انتخاب رئيس الجمهورية لأنه المدخل لتكليف رئيس حكومة ثم الذهاب الى تشكيل الحكومة التي من خلالها يمكن ملء الشغور في مؤسسات الدولة إن كان في المؤسسات الأمنية والعسكرية أو القضائية أو غيرها. كل ذلك، لا ينتظم بما يسمى الترقيع، وكأننا نشرعن الفراغ. لا يمكن أن تكون هناك مقاربة في النهج المعتمد أي نهج اللادولة واللاقانون. يريدون من خلال التوافق أن ننحر الديموقراطية، وكل ما نراه نحر للديموقراطية لأنه لا بد من استمرارية السلطة، والدولة تقوم على هذه الاستمرارية. وبأي منطق يقولون ان الجسم يمكن أن يسير بلا رأس؟ هل نحن من يعطّل؟ نحن نطالب باستقامة الحياة العامة التي لا يمكن أن تستقيم الا بانتخاب رئيس للجمهورية”.

وسأل: “ألا يطالبون بالحوار؟ والمنطق يقول ان الحوار يهدف الى التوافق. ألا نتفق جميعنا على الدستور؟ فلنلتزم اذاً بأحكامه. هذا الدستور الذي كلّفنا الكثير، فكيف لا نطبقه؟ وبالتالي، لا يمكن القول ان علينا التحاور للتوافق، فنحن متفقون على الدستور، فلنطبّقه”، مشدداً على أنه “لا يجوز تفسير الدستور وفق المصالح والأهواء، فإما العودة الى المجلس الدستوري أو الى الهيئة العامة”.

أضاف خلف: “نشهد على تحلّل الدولة. أين الالتزام بوكالة الناس؟ نحن نسيء الأمانة. يتركون الناس مع أوجاعهم، والقوى السياسية التقليدية مشاريع سلطة وليسوا مشاريع وطن. وأمام مثل هذه الأزمة، لا يمكن أن نرسم خطاً مستقيماً بأسنان منشار. يجب أن تتغيّر الأدوات. علينا الذهاب نحو مرحلة إنتقالية بعد هذا الارتطام الكبير من خلال انتخاب رئيس للجمهورية”.

واعتبر النائب ياسين ياسين أن “البرلمان اليوم هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي، كما أن بنود جدول الأعمال خصوصاً مشروع قانون الكابيتال كونترول هو عملية نصب جديدة تقونن الوضع الحالي أو الستاتيكو القائم. القانون يتحدث عن تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن مصرف لبنان ووزارة المال وقاض وخبيرين، ويكونون الآمر الناهي، ويمنع مشروع القانون أي دعاوى قضائية، ويحصّن المصارف والسلطة السياسية، ويتعاطى مع المواطنين باستنسابية. من المعيب أن يكون هذا القانون على جدول أعمال الجلسة”.

وأكد أن “صفة الضرورة لا تنطبق على مشروع القانون هذا، ولم يطلبه صندوق النقد الدولي وفق هذه الصيغة. ثم أي ضرورة تقونن الستاتيكو القائم؟ كما أن اقتراح قانون الصندوق السيادي، سابق لأوانه، وكأننا نلبس قبل أن نفصّل، ولا نعرف متى يمكن أن نبدأ بالانتاج أو حتى اذا كان لدينا المخزون الكافي. ليس من ضرورة على جدول الأعمال”.

ولفت الى أن “وظيفة النائب الأساسية تشريعية ورقابية ومساءلة ومحاسبة، والبرلمان ليس مؤسسة تنفيذية أو اجرائية. من المفروض أن يراقب المجلس النيابي عمل المؤسسات، لكن اذا كانت المؤسسات غير موجودة، فيتوقف عملنا التشريعي”، معتبراً أن “اتهامنا بشل المؤسسات، كلام شعبوي. نحن نريد تفعيل عمل المؤسسات عبر تطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية. نحن لن نشارك في الجلسات النيابية التي قد يدعو اليها رئيس المجلس لأن على كل مؤسسة أن تقوم بدورها الحقيقي”.

شارك المقال