تفعيل الاتفاق السعودي – الايراني… تهدئة لا حلحلة في لبنان

هيام طوق
هيام طوق

بعد أن تحدثت المعلومات عن أن الاتفاق السعودي – الايراني متعثر وربما سقط في مستنقع عراقيل الملفات الشائكة بين البلدين، أسقطت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى السعودية، والمواقف الايجابية التي أعلنها مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، هذه المَزاعِم إذ شدد بن فرحان على “أهمية تعزيز نطاق التعاون مع إيران”، مشيراً الى أن “رغبتنا صادقة في تعزيز الثقة المتبادلة، وحرص السعودية على تفعيل الاتفاقيات السابقة بين البلدين”. فيما أكد عبد اللهيان أن “العلاقات مع السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، وتشهد تقدّماً، وأن الرياض وطهران عازمتان على تطوير العلاقات في كل المجالات”، مُعلناً أن “الرئيس الايراني سيزور السعودية قريباً”.

وأتت زيارة عبد اللهيان، وهي الأولى لوزير خارجية إيران منذ أكثر من 10 سنوات، بعد شهرين على زيارة بن فرحان الى طهران، والتي كانت الأولى لوزير خارجية سعودي منذ العام 2006، والتقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويعد هذا الاجتماع الأول لولي العهد مع مسؤولين إيرانيين منذ استئناف العلاقات بين القوتين الاقليميتين في آذار الماضي، وذكرت وسائل الاعلام أن الجانبين “استعرضا العلاقات، والفرص المستقبلية للتعاون بين البلدين وسبل تطويرها، بالاضافة إلى مناقشة تطورات الأوضاع على الساحتين الاقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها”.

الزيارة التي تزامنت مع الاتصال بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره السعودي لمناقشة مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية، تعتبر خطوة مهمة جداً في عودة العلاقات بين البلدين، لكن لا يجوز أن ننتظر مفاعيل هذا التواصل على دول المنطقة بين ليلة وضحاها لأن هناك ملفات شائكة كثيرة تتطلب المزيد من الوقت لحلها، في حين يرى البعض أن العلاقات المتينة بين البلدين لن تنعكس ايجاباً على دول المنطقة ككل خصوصاً لبنان الذي في حال لم يتوصل مسؤولوه الى التوافق، لن يستفيد من أي تقارب أو من الأجواء الايجابية في المنطقة.

وفي هذا الاطار، اعتبر الوزير السابق عدنان منصور أن “عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران خطوة متقدمة، ونعلم أنه شاب العلاقات في السنوات الماضية، تشنج وتباعد، ومجرد عودة العلاقات الديبلوماسية يعني وضع المرحلة السابقة خلفهما على اعتبار أن الدولتين جادتان في اقامة علاقات وثيقة مبنية على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة، والنظر في مصالح المنطقة وشعوبها إن كان من الناحية الأمنية أو العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية. اليوم، لا شك في أن الزيارات التي نشهدها مثمرة خصوصاً لقاء وزير الخارجية الايراني بولي العهد السعودي، وتؤشر الى الايجابية، لكن البعض يريد أن تقفز العلاقات دفعة واحدة الى الامام، وهذا لن يحصل بين ليلة وضحاها في العلاقات الدولية لا سيما أنه كانت هناك تراكمات من الخلافات بين البلدين على مدى سنوات. العلاقات المتينة ستنعكس ايجاباً على دول المنطقة ككل”.

وقال: “من الخطأ الاعتقاد أن الأمور ستعود الى حالتها الطبيعية دفعة واحدة، في العلاقات الدولية خصوصاً التي شهدت تأزماً، يكون هناك العديد من القضايا التي يجب مناقشتها منها الأمنية والسياسية والاستراتيجية والعسكرية، بالاضافة الى المصالح المشتركة من خلال اللجان واللقاءات المتواصلة. حين تصوّر البعض بحماس أن بمجرد عودة العلاقات بين البلدين، تحلّ الأمور دفعة واحدة، كان مخطئاً. لا تعالج المسائل بين الدول بعفوية وتسرّع”.

ورأى منصور “أننا اليوم، بدأنا نلمس الخطوات التنفيذية للاتفاق السعودي – الايراني، ومنها وقف الحملات الاعلامية، وهذا انجاز كبير ثم إعطاء تأشيرات السفر بين البلدين، كما أن مجرد لقاء الجهات السياسية مع بعضها البعض والتواصل السياسي على أعلى المستويات، خطوة ايجابية، واظهار النوايا الطيبة من كلا الطرفين، انجاز. يجب أن تؤخذ هذه الأمور في الاعتبار، وبإيجابية. الأمور تتجه نحو الايجابية، ولا نتسرّع في الحكم”.

أضاف: “نحن دائماً نعلّق الآمال على الآخرين، وأي ملف يبحث بين الدول، نعتبر أن لبنان على جدول الأعمال، هذا غير صحيح. على اللبنانيين أن يتوافقوا على قرار واحد جامع، يوحّدهم ويحلّ مشكلاتهم. الخارج لا يحل مشكلات لبنان انما اللبنانيون وحدهم قادرون على حلها بأنفسهم. اذا كانت هناك من خلافات داخلية، وحلول من الخارج، فكيف تنفذ الحلول الخارجية اذا كانت الأطراف السياسية اللبنانية لا تتقبل اقتراحات كهذه؟”. وأشار الى أن “كل دولة تبحث عن مصالحها الخاصة، ولا يجوز أن ننتظر الخارج”، متسائلاً “نحن أين مصالحنا مع الآخرين؟ واذا كانت الأطراف الخارجية ترى أن اللبنانيين غير متفقين في ما بينهم، فعلى ماذا سيتحاورون؟ الانهيار شمل كل شيء، فهل الخارج سيبحث هذه الأمور؟”.

وأوضح أن “الزيارات التي تحصل بين رؤساء الدول لا تكون عفوية أو معنوية انما هناك ملفات تطرح بحيث يرافق رئيس الدولة، وفد من الاختصاصيين لدرس الملفات قبل أن ترفع الى الرؤساء لاقرارها، والعمل بموجبها”.

أما الوزير السابق فارس بويز الى فقال: “ما هو واضح أن هذه الزيارة تؤكد أن الاتفاق السعودي – الايراني لم يسقط، ولم ينتهِ، ربما شهد تعثراً معيناً، لكن هذه الزيارة تأتي لتؤكد أن الاتفاق لا يزال موجوداً، ومن المتوقع أن يُنشط أي تسريع تطبيقه في عدد من الدول منها اليمن والعراق وسوريا ولبنان. كنا قلنا انه اذا طبّق هذا الاتفاق، فستكون له مفاعيل تهدئة في لبنان اذ كلنا نعلم أنه كان هناك صراع سعودي – ايراني، وهذا الصراع كان يرخي بظلاله على كل الحياة السياسية اللبنانية، ويأخذ طابع الصراع السني – الشيعي. ان نفذ الاتفاق، فستكون هناك حالة عكسية أي أن الحالة في لبنان سترتاح الى حد ما، وبعض الحلول سيصبح سهل المنال”.

ولفت الى أن “زيارة الوزير الايراني الى المملكة ليست كافية لتثبت أن الاتفاق سيتسارع تنفيذه. فلننتظر، واذا نفّذ الاتفاق، فمن الأكيد أن لبنان سيستفيد من خلال تهدئة المناخ السياسي، وفتح الباب لتسويات معينة. لا خيار لدينا سوى الانتظار”، معتبراً أن “زيارة الرئيس الايراني المنتظرة الى السعودية تعني أن الامور قد حسمت وستكون تتويجاً للاتفاق الذي سيأخذ المنحى التنفيذي”.

شارك المقال