بوتين يطوي صفحة بريغوجين وزيلينسكي يحشد الدعم

حسناء بو حرفوش

سلطت قراءة في موقع المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية (ASPI)، الضوء على التباين بين الساحتين الروسية والأوكرانية، حيث “استفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الفترة الماضية من أجل حشد التزامات عسكرية وسياسية جديدة، بينما انشغلت روسيا بمحاولة انقلاب فاغنر ثم منذ يومين، بوفاة زعيم المجموعة يفغيني بريغوجين في انفجار طائرة خاصة”.

ووفقاً للمقال الذي يحمل توقيع المحلل آدم سيمبسون، “على الرغم من مواجهة الرئيس الروسي لبعض المعارضة في الداخل، عزز حادث زعيم فاغنر الذي تحوم فيه الشبهات حول بوتين، في روسيا فكرة أن أي شخص يخالف هذا الأخير لن يبقى على قيد الحياة لفترة طويلة. ومنذ بدء الحرب، توفي تسعة جنرالات أو شخصيات بارزة اختلفت مع بوتين في ظروف غامضة أو غير مبررة. ومن غير المرجح أن يعني موت بريغوجين نهاية التحديات الداخلية التي يواجهها بوتين.

أما في الجانب الأوكراني، فاعتبر زيلينسكي رحلته إلى السويد نجاحاً، حيث بنى على حزمة أمنية إضافية وعلى إعلان البدء بإنتاج مركبة قتالية مدرعة وتدريب السويد للطيارين الأوكرانيين على طائرات مقاتلة سويدية، بناءً على الاتفاقيات المبرمة في حزيران الماضي. وأعقبت ذلك عدة بيانات جديدة بشأن توريد طائرات مقاتلة أميركية الصنع من طراز إف-16 (F-16) مع استمرار جولة زيلينسكي. وبعد السويد، سافر الرئيس الأوكراني الأحد إلى هولندا، حيث أُعلن عن نقل ما يصل إلى 42 طائرة من طراز F-16 إلى أوكرانيا بمجرد انتهاء طياريها ومهندسيها من التدريب.

وفي اليوم نفسه، قام الرئيس الأوكراني برحلة إلى كوبنهاغن، حيث أعلن رئيس الوزراء ميتي فريدريكسن أن الدنمارك ستزود أوكرانيا تدريجاً بأسطولها الكامل المؤلف من 19 طائرة من طراز F-16 بحلول العام 2025. وعلى الرغم من حماسة زيلينسكي المبررة بشأن هذا الدعم وهذه الالتزامات الملموسة، يترك التأخير المستمر في تسليم الناتو أنظمة أسلحة فاعلة إلى أوكرانيا، آثاراً كبيرة على قدرته على الدفاع عن أراضيه ضد القوات الروسية.

وفي أعقاب الاتفاق المتأخر الذي توصل إليه الرئيس الأميركي جو بايدن في أيار الماضي للسماح بتصدير وإعادة تصدير طائرات F-16 من حلفائه، كان من شأن مستوى الإلحاح في عملية صنع القرار في الناتو أن يسمح لأوكرانيا بتشغيل طائرات F-16 بحلول نهاية هذا العام. وعلى الرغم من المساعي الجدية في الكواليس لتحويل هذه السياسة إلى حقيقة واقعة، تسبب الافتقار الى وضع الأولوية لاحتياجات أوكرانيا بثلاثة أشهر أخرى من التردد، وزاد الإمداد البطيء لأسلحة الناتو من إحباط السياسيين والقادة العسكريين الأوكرانيين.

وفي الواقع، كان من الممكن لمستوى أكثر حسماً من الدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على مدى الأشهر الثمانية عشر التي تلت شن روسيا غزوها الكامل، أن يسمح لأوكرانيا بإحراز تقدم كبير صيف العام الماضي. ويرجح أن تمنح طائرات الجيل الرابع عند وصولها أوكرانيا التفوق الجوي ضد طائرات الجيل الخامس الروسية. وسيظل المجال الجوي فوق ساحة المعركة خطراً على طائرات الجانبين بسبب الدفاعات الجوية الفتاكة.

ولكن بالنسبة الى حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، تتمثل الأهمية طويلة الأمد لهذه القرارات في أن أوكرانيا أصبحت أكثر اندماجاً في بنية الناتو وفي خطوط الإمداد. وبمجرد أن يصبح الطيارون الأوكرانيون وغيرهم من أفراد الدفاع على دراية بأنظمة حلف شمال الأطلسي وبالتعليم الفني (اللغة الإنكليزية مثلاً) المطلوب لأسلحة حلف شمال الأطلسي الأكثر تقدماً، سيسهل التشغيل البيني.

ومع وفاة بريغوجين، تقلب روسيا فصلاً بالنسبة الى بوتين، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية المرتبطة بغزو أوكرانيا ستستمر في التراكم. ويعوّل بوتين على فوز الحزب الجمهوري بالرئاسة في العام 2024 لتقليل دعم الناتو لأوكرانيا. هكذا، يبقى الأمر متروكاً للولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء لتسريع تسليم أنظمة الناتو على مدى الأشهر الثمانية عشر المقبلة وترجيح كفة الحرب”.

شارك المقال