السوريون الفارون خلسة الى لبنان… وعود وخطط قيد الدرس!

ساريا الجراح

في العام 2011 احتجّ الشعب السوري ضد نظام الحكم في بلاده الذي يرأسه بشار الأسد، ورافقت الاحتجاجات تبعات كثيرة على النظام وتدخلات خارجية وأساليب قصف مدمرة، وحين تصاعدت أحداث الثورة أخذ المواطنون يفرون الى الدول المجاورة غرباً وشرقاً وصولاً الى لبنان، هذا الحضن العربي الذي تناغم مع الشعب السوري في حرب الـ 2006 واتخذ اللبنانيون من سوريا ملجأ لهم آنذاك. وبعد إثنتي عشرة سنة عاد ملف اللاجئين السوريين إلى الواجهة من جديد، عبر تحرك سياسي وقانوني مختلف عن السابق، بدأته السلطات اللبنانية لاعادتهم إلى بلادهم، معتبرة أن هذه الأزمة تخفي بين طيّاتها أخطاراً كبيرة تهز الاستقرار الاجتماعي والأمني في لبنان. وتبعاً للتعقيدات التي رافقت هذا الملف، عقد اجتماع في السرايا الحكومية أمس، خُصِّص للبحث في موضوع النزوح السوري الجديد إلى لبنان، ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحضور وزير المهجرين عصام شرف الدين والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى.

وكشفت مصادر مطّلعة لـ “لبنان الكبير” أن “وزير المهجرين وصف وضع اللاجئين بالخطير جداً وخصوصاً أنهم يدخلون من معابر غير شرعية. وأشار الى أن هناك آلية لردع الأمر بطريقة مدروسة تبدأ من مراقبة الحدود والتنسيق مع الهيئات المسؤولة في سوريا والتعميم على مراكز الجيش والاستخبارات والأمن العام، محمّلاً المسؤولية لأي شخص يستضيف أحداً من اللاجئين غير الشرعيين، وأكد أن الرئيس ميقاتي سيواجه هذا الأمر ولن يسكت عنه”.

ورأى مصدر أمني أن “إيجاد حل لمشكلة اللاجئين يبدأ من مراقبة الحدود والوقوف في وجه السوريين الذين يدخلون الأراضي اللبنانية خلسة عبر المعابر غير الشرعية”، معتبراً أن “الجيش مستعد تماماً كي يتواجد على الحدود وضبط عمليات التهريب، فالمشكلة ليست بالسوريين بل بالمخالفين منهم”.

اسطفان: تنظيم عودة اللاجئين على قاعدة “Once For All”

وأكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب إلياس اسطفان لـ “لبنان الكبير” أن “موضوع السوريين الموجودين في لبنان تخطّى العقل والفكر والمنطق”، مشيراً الى أن “قدومهم الى لبنان في مطلع الأزمة كان مرحّباً به واستقبلوا بأذرع مفتوحة باعتبارها قضية إنسانية بامتياز، كما أن الميثاقية التي وقّعها لبنان نصّت على حقوق الانسان”. واعتبر أن الأمس مختلف عن اليوم، معوّلاً على أن “صفة اللاجئ لم تعد تتطابق مع الوضع اللبناني الراهن والعودة أصبحت شبه آمنة في ظل الهدوء الذي عمّ بعض المناطق السورية”.

وأوضح اسطفان أن “المشكلة تكمن في المجتمع الدولي الذي يدعم السوريين في لبنان ويدفع لهم المال، وكما رأينا مؤخراً مواقفه التي تتعارض مع عودة السوريين، وبالتالي يجب على الحكومة اللبنانية أخذ قرار سيادي لبناني جدّي في أسرع وقت ممكن والعمل على تنظيم عودة اللاجئين السوريين تحت قاعدة “once for all.

لا يمكننا انتظار المجتمع الدولي وما يحمله حول ملف اللاجئين، هذا ما شدد عليه نائب “القوات اللبنانية”، قائلاً: “واجبٌ علينا التحرك حيال هذا الأمر لأنه مرتبط بحقوق اللبنانيين التي تتآكل جرّاء الوجود السوري. و UNHCRلم تعطِ الحكومة اللبنانية احصاءً لأعداد السوريين في لبنان الذي طلب منذ ثمانية أشهر لتأكيد الارقام ووضعها في الخانة الصحيحة واتخاذ الاجراءاتال لازمة حيالها اذا تطلب الأمر”.

أضاف: “اجتمعنا كلجنة نيابية مع جميع الأجهزة الأمنية ولدينا أرقام تخطّت المليوني سوري على الأراضي اللبنانية وأعمارهم تتراوح بين 18 و59، أي أن هذه الفئة العمرية تعتبر منتجة وتخلق جواً تنافسياً غير مشروع من ناحية الأشغال واليد العاملة، وهذا ما دفع بالتجار اللبنانيين الى إغلاق أرزاقهم، ومن ناحية أخرى التزايد السكاني المخيف بنسبة 6% والذي يقابله التزايد اللبناني الذي لا يتخطى نسبة 1%”.

ووسط تساؤلات الكثيرين حول التفلّت الحاصل على المعابر، حذر اسطفان من أن “المعابر المفتوحة لا تقتصر على السوريين وحسب، بل هناك تهريب أسلحة وبشر وبضائع”، مؤكداً أن “ميقاتي لو أراد اتخاذ قرارات بحق اللاجئين عبر المراقبة كما يقول وفرض عقوبات على المهربين والهاربين فسنقف في الصفوف الأولى مصفقين له، لكننا اعتدنا سلوك الحكومة الذي أصبح واضحاً أنها حكومة غير منتجة وهدفها الوحيد اطلاق الشعارات والمشاريع الفارغة، لذلك نرى أن لبنان لا يزال في مكانه لا بل يتراجع الى الخلف تبعاً لفقدان خطط التعافي الاقتصادي والأمني والنقدي وبالتالي وعود ميقاتي ما هي الا مخدّر للشعب”.

درويش: اشكالية الحدود تستوجب حواراً جدياً مع سوريا

أما النائب السابق علي درويش فأشار لـ “لبنان الكبير” الى أن “التهريب غير الشرعي ليس بجديد فهو موجود في كل الدول ويمكن معالجته من خلال وضع خطة على المستوى العسكري وتحديداً الأجهزة الأمنية التي تدرك صعوبة الأمر تبعاً للشريط الحدودي الذي يزيد عن ٣٠٠ كلم بين لبنان وسوريا، وبالتالي لا يمكن ضبطه نهائياً بل يمكن تخفيضه الى الحد الأدنى”. ورأى أن “الحل يكون بوضع نقاط ثابتة في المعابر غير الشرعية بصورة مكثفة لعبور الأشخاص منها، كما أن تفعيل عملية المراقبة والمخبرين ضروري لتزويد الدولة بالمعلومات، بالاضافة الى حوار جدي مع سوريا للتعاون في اشكالية الحدود التي يتوجب ضبطها بمساعدة الطرفين”.

وأعرب عن اعتقاده أن “هذا الموضوع يضع النقاط على الحروف وتحديداً بعد الاجتماع الذي جرى صباح اليوم (أمس) وتناول كل الأمور اللوجيستية الى جانب إطار خطة عمل قادمة تفعّل تدريجاً بناءً على ما تم ذكره”.

وكشف درويش أن “أسباب عودة السوريين الى لبنان تعود الى الضائقة الاقتصادية الضخمة التي تعاني منها سوريا، لكن هذا الأمر يشكل عبئاً على الجغرافيا اللبنانية من ناحية حجم النزوح السوري إن كان على مستوى العمال أو الذين يستفيدون من مساعدات الأمم بأكملها”، مشدداً على أن “الرئيس ميقاتي يسعى بأقصى جهوده الى ضبط التهريب قدر المستطاع، وواقع الموظفين والعسكر والأجهزة الأمنية الذي يفرّون من الخدمة يعود الى الضائقة الاقتصادية، أي أن ميقاتي فعلياً وبكل فخر يتحدّى المستحيل”.

سوريا أصبحت شبه آمنة، والسؤال هنا: لماذا تغاضى حكّامنا سابقاً عن تأمين العودة الآمنة للاجئين واختاروا التحرّك أخيراً؟ والمؤسف أنهم على دراية بما يحصل في الداخل اللبناني الذي يعاني واقعه أزمة حروب ومعارك وصفقات وأمنه أصبح “مضطرباً” ومواطنوه تحت رحمة سياسات الخارج.

شارك المقال