القنب الهندي على طاولة الحكومة… والنكد السياسي يمنع شرعنته

آية المصري
آية المصري

يزداد الاتجاه عالمياً الى تنظيم زراعة نبتة القنب الهندي (الحشيش) وتشريعها نتيجة الاكتشافات والأبحاث العلمية وفوائدها الطبية التي تكتشف يوماً بعد يوم، وتحديداً على المستوى الصناعي بما يشكل مرفقاً منتجاً للخزينة وللاقتصاد الوطني، والذي يعزّز دور لبنان في الصناعات الزراعية (Agro-industry) المزدهرة حول العالم، في حين أن البلد بأمسّ الحاجة الى تأمين واردات إضافية للدولة، ولكن لم تُقر قوننته بعد، مع العلم أن قانون تشريعه أقره المجلس النيابي منذ عدّة سنوات.

كما استعانت السلطات اللبنانية في ذاك الوقت، بشركة “ماكنزي” الدولية للاستشارات الادارية والمالية، للمساهمة في إعداد خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني، واقترحت ضمن بنودها زراعة “الحشيش” للأغراض الطبية، لما يوفره من أرباح سنوية لصالح الخزانة العامة للدولة، وفي هذه المرحلة يعاني لبنان من أزمة مالية وإقتصادية تعد الأسوأ فلماذا لا تتجه السلطات الى تنفيذ هذا المشروع، خصوصاً وأن الأمم المتحدة أعلنت عام 2017، أن لبنان هو رابع منتج للحشيش عالمياً، على الرغم من أن القانون اللبناني يعاقب على زراعته بالسجن والغرامة المالية.

وفي هذا السياق، أشارت أوساط حكومية عبر “لبنان الكبير” الى أن “الأيام المقبلة ستحمل ملفات ساخنة الى مجلس الوزراء، وخصوصاً ملف القنب الهندي الذي سيكون على طاولة البحث في الجلسات القادمة، وهذا الأمر سيخلق المزيد من التعقيدات الحكومية”.

وأوضح وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “تشريع قانون القنب الهندي الصناعي صدر من مجلس النواب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو ينتظر المراسيم التطبيقية والهيئة الناظمة لهذا القطاع المهم جداً، وعندما نتحدث بالقنب الهندي الصناعي نتحدث عن قطاع يخدم المزارع اللبناني أولاً، ويقونن زراعة القنب الهندي العشوائية والمخالفة للقانون والتي نحاربها، والحكومات السابقة عملت على تلف هذه المزروعات لكنها لا تزال موجودة في مناطق عدّة في لبنان وتحديداً في البقاع. اذاً تشريع هذا القانون كان ضرورياً وأساسياً نظراً الى كونه عاملاً اقتصادياً ممتازاً جداً”.

ولفت الى أن “خطة ماكنزي ذكرت القنب بالتفاصيل، وكان المرتجع بحسب ماكنزي 4 مليارات دولار في العام، ونحن نقول ان لا يقل عن مليار ونصف المليار دولار يدخل هذا القطاع الاقتصادي الوطني فيما لو أقرت الهيئة الناظمة والتقارير التطبيقية”.

وكرر الحاج حسن التأكيد “أننا نحتاج اليوم الى الهيئة الناظمة المنوطة بمجلس الوزراء والحكومة اللبنانية، وعليه يجب أن يكون هناك عمل من كل الأطراف اللبنانية لأن السؤال اليوم من هو ضد هذا المشروع، هل هناك طرف لبناني ضد قوننة هذا القطاع وشرعنته؟ هل هناك أحد ضد أن يدخل على مالية الدولة مليار ونصف المليار دولار ونحن بحاجة الى دولار واحد لمساعدة أنفسنا في هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الخانقة؟”، مشيراً الى أن “هناك أسئلة كثيرة ربما الاجابة عنها أن لا أحد يقف ضد هذا المشروع، وطالما هناك قانون الأولى أن نذهب الى الهيئة الناظمة والا مراسيم تطبيقية لتنظيم هذا القطاع”.

ولفت الى أن “هناك دراسات قامت عليها عدة منظمات دولية منها الـUNDP، أكثر من ثلاث دراسات تؤكد في ما خص الشق الأول في موضوع المواد الطبية المستخرجة منه في القنب الصناعي، والشق الثاني في ما يتعلق بمستحضرات التجميل والأنسجة والألبسة، أن الجدوى الاقتصادية عالية جداً بعكس ما نسمع لدى البعض أن لا جدوى اقتصادية منه، وبعض الشركات العالمية أبدى رغبته بالاستثمار في هذا القطاع في لبنان. وبالتالي لا ننتظر سوى الهيئة الناظمة التي تأخرت كثيراً نتيجة النكد السياسي، ولكل هؤلاء فليجاهروا علناً بأنهم لا يريدون هذا الملف لأسبابهم السياسية الخاصة”.

وحيال وجود تعقيدات حكومية تعوق هذا الملف، قال الحاج حسن: “ليست هناك تعقيدات حكومية بقدر ما هي تعقيدات من جهات لبنانية، وبعض الفصائل والأحزاب والتيارات، وهذه الأسئلة يجب أن تُطرح عليهم، وبالتالي كوزير للزراعة تقدمت أكثر من مرة قبل انتهاء عهد الرئيس السابق ميشال عون وبعده، ولكن للأسف الشديد كان هناك حائط تصطدم به الأمور، وهذا الحائط لا يمكن وصفه الا بالنكد السياسي”.

أضاف: “اليوم اذا سئلت هل سأعود وأتقدم مرة أخرى؟ نعم سأطرح هذا المشروع على طاولة مجلس الوزراء مرة جديدة، لكن هذا الأمر يحتاج الى توافق كل الفرقاء عليه حتى يُبنى على الشيء مقتضاه، والسؤال الأبرز اليوم من أين سنأتي بالأموال؟ اليوم هناك ملفات خلافية كثيرة جداً، لكن الأجدى أن نسأل عن ايرادات الدولة، هل نحتاج الى تطويرها؟ وهل نحتاج الى أن يكون لدينا بعض المشاريع التي تدر علينا أموالاً وعلى مزارعينا وأهلنا؟”.

وشدد الحاج حسن على أن “القنب الهندي الصناعي ليس له لون أو طائفة أو مذهب أو منطقة، انه ملف لبناني بامتياز وطوق نجاة للاقتصاد الوطني اللبناني”.

شارك المقال