مواقف عبد اللهيان… رسائل لطيفة أم مريرة؟

هيام طوق
هيام طوق

كثرت التحليلات والقراءات حول تزامن وجود الديبلوماسيين في لبنان على الرغم من تأكيد بعض المطلعين أن لا ترابط أو تنسيق في هذه الزيارات انما ربما يكون هناك بعض الأهداف المشتركة منها رئاسة الجمهورية، لكن بأولويات مختلفة، وتهدف الى أمرين إما مساعدة لبنان على الخروج من أزماته أو عرقلة الجهود الفرنسية واستمرار التعطيل في ظل الحديث عن تباين واضح بين فرنسا وايران، وتصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام السفراء حين وجه أصابع الاتهام الى ايران بالتدخل في الشأن اللبناني، خير دليل.

على أي حال، ليست المرة الأولى التي تصادف فيها زيارة مسؤول أميركي مع مسؤول إيراني إلى لبنان اذ حصل ذلك أكثر من مرة، أبرزها زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى بيروت بالتزامن مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل عام 2020. وقبلها بسنوات، تزامنت زيارة لهيل مع زيارة لحسين أمير عبد اللهيان، عندما كان مساعداً لرئيس مجلس الشورى للشؤون الدولية.

وفيما أشارت مصادر الى أن زيارة عبد اللهيان تهدف الى التباحث في الاستقرار والتهدئة في لبنان، ومناقشة المستجدات الأمنية في المنطقة، كما ووضع “حزب الله” في أجواء لقاءاته في السعودية التي زارها مؤخراً، وكانت أول زيارة يجريها أرفع ديبلوماسي إيراني منذ سنوات إلى الرياض بعد انفراج العلاقات بين البلدين في آذار الماضي، لفت تصريح عبد اللهيان خلال مؤتمر صحافي عقده بعد وصوله الى مطار رفيق الحريري الدولي آتياً من دمشق وقال فيه: “خلال المباحثات التي سنجريها في ​لبنان​، سنحثّ مختلف الفرقاء على التّوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة. قادة لبنان هم من يجب أن يقرّروا بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة”. وكشف “أنّنا سمعنا من المسؤولين السعوديين خلال المباحثات الّتي أجريناها معهم، تصريحات إيجابيّة وبنّاءة بشأن دعم لبنان”، لافتاً الى أن “المتوقَّع من مختلف الجهات الاقليميّة والدّوليّة، دعم لبنان اقتصاديّاً وتجاريّاً، لتحسين ​الوضع الاقتصادي​ في البلاد”.

لكن الوزير الايراني التي حددت على جدول أعماله، لقاءات مع كلٍ من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب كما يُتوقع أن يلتقي الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، هل لديه من جديد يبلغه الى المسؤولين اللبنانيين، بعدما أشار الى أنه سيحثهم على التوصل الى تفاهمات تؤدي الى انتخاب الرئيس، في حين كان أكد خلال آخر زيارة قام بها الى لبنان في كانون الثاني الماضي بعد لقائه بو حبيب أنّ بلاده “لا تتدخل في الأمور الداخلية للبنان الشقيق، وترحب بتلاقي كل التيارات السياسية وتحاورها”؟ وماذا قصد حين كشف أنه سمع من السعوديين تصريحات بنّاءة بشأن لبنان؟ وهل يمكن من خلال هذه التصريحات الاستنتاج أن المأزق اللبناني يتجه نحو الحلحلة، وأن الأجواء السلبية تنسحب شيئاً فشيئاً لصالح الأجواء الايجابية أو أن المواقف شيئ والوقائع شيئ آخر؟

رأى النائب فادي كرم أن “هذه المواقف تصب في اطار طرح محور الممانعة الداخلي والخارجي، وهو جرّ الفرقاء اللبنانيين الى حوارات تنتج عنها تسويات ومحاصصات تخدم هذا الطرف. نحن نتمنى على الطرف الايراني عدم التدخل في القضايا الداخلية اللبنانية، ونتمنى على حلفائه في الداخل احترام الدستور والقانون والديموقراطية في لبنان وألا يتشبهوا بالنظام في ايران”.

وأكد أن “السعودية دائماً ايجابية بالنسبة الى لبنان، وتريد الخير لهذا البلد، ولم تتصرف يوماً بسلبية تجاهه، لكنها تريد أيضاً أن ترى اللبنانيين يتفاهمون على ممارسة الدستور والقانون، وأن تضبط الدولة اللبنانية حدودها وأمنها وسياساتها الخارجية، حينها تتعاطى مع لبنان كدولة من الند للند. واليوم، لسنا في حاجة الى موفد ايراني ليبلغنا موقف السعودية من لبنان. أما اذا كان يريد بث أجواء بأن هناك تفاهماً ما في المنطقة مع ايران على لبنان، فأعتقد أن محاولاته ستذهب هباء، وكل ما يريد أن يلمّح اليه من تسوية خارجية تفرض على اللبنانيين سيسقط وليس هناك من أطراف غير ايران تحاول أن تفرض تسويات على اللبنانيين”، مشيراً الى أن “الطرف الايراني يقول شيئاً ويقصد شيئاً آخر، وهو يعتمد التقيّة، والمواقف لا تجسد الواقع”.

واعتبر النائب عماد الحوت أن “هذه المواقف انعكاس لأمرين: أولاً، تصريح الرئيس الفرنسي بأن ايران مسؤولة عن التأخير في انتخاب رئيس جمهورية لبنان فيما هي تحرص على التأكيد عكس ذلك. ثانياً، تطور العلاقة السعودية – الايرانية، وحرص ايران على أن ترسل الرسائل الايجابية في هذا الاتجاه. من هذا المنطلق، أتت مواقف عبد اللهيان الذي يريد ايصال رسالة أن بلاده لا تعرقل الاستحقاق الرئاسي، وأنهم حاضرون للتفاهمات”.

وقال: “كشف وزير الخارجية الايرانية أجواء مباحثاته مع السعودية في ما يتعلق بالشأن اللبناني ليقول ان الاتفاق السعودي – الايراني أوجد مناخاً جديداً بالنسبة الى لبنان، وبالتالي، يشكل نقطة ايجابية له، لكنه لم يصف الوضع بصورة كاملة أو تحدث عن النصف الملآن من الكوب اذ ان المملكة العربية السعودية واضحة في هذا الاطار، ولن تدعم لبنان الا اذا دعم اللبنانيون أنفسهم من خلال اختيار رئيس بمواصفات معينة، والقيام بمجموعة من الاصلاحات، والتأكيد على البعد العربي للبنان كي يأتي التجاوب من الأشقاء العرب وعلى رأسهم السعودية”.

ولاحظ أن “عبد اللهيان لم يكشف أشياء مهمة انما تحدث عن اعلان نوايا المملكة التي نعرف جميعاً أنها تقف الى جانب لبنان، ولا تتخلى عنه لكن ليس عبر تقديمات مجانية كما في السابق بعد أن وصل واقع الفساد الى أوجه وتحويل لبنان الى منصة لمهاجمة المملكة والدول العربية. كل ذلك يدفع السعودية الى اتخاذ قرار بعدم المساعدة الا اذا ساعد لبنان نفسه، ونفذ سلسلة اجراءات تصب في مصلحته”.

ولفت الى أن “المواقف الاعلامية لا تعكس حقيقة الأمور، وأهمية الزيارة أنها تأتي مباشرة بعد زيارة عبد اللهيان الى المملكة، ولا بد من أنه يحمل رسالة ايرانية الى حلفائه في الداخل اللبناني بما يساعد على ترسيخ الاتفاق السعودي – الايراني، وهنا نقطة تفاؤل نتمنى أن تتحقق ويبنى عليها. يريد التفاهم مع شركائه للتسهيل أو المرونة”.

شارك المقال