تعويم اسم قائد الجيش… تسوية منتظرة أم رسالة مفخخة؟

هيام طوق
هيام طوق

على الرغم من أن الجمود السياسي لا يزال سمة المرحلة، الا أن المراقبين يجمعون على أن هناك تغيّرات طرأت على المشهد السياسي الداخلي في الآونة الاخيرة، والحراك الديبلوماسي في اتجاه لبنان ليس صدفة ولا يأتي عن عبث، كما أن التصريحات التي تصدر عن الديبلوماسيين توحي بكثير من الليونة خصوصاً ما يصرح به وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان بعد لقاءاته مع المسؤولين، اذ تؤكد مصادر مطلعة أنه يحمل رسالة الى حلفائه في الداخل لتسهيل انتخاب الرئيس مع أن الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد، ومن المبكر الحديث عن ايجابيات في هذا الاطار، لكن ما هو أكيد أن هناك معطيات جديدة طرأت على الملف الرئاسي. كما أن ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري في الذكرى الـ45 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه عبر دعوة رؤساء الكتل النيابية الى الحوار في شهر أيلول تحت قبة البرلمان لمدة حدّها الأقصى سبعة أيام، وبعدها نذهب الى جلسات مفتوحة ومتتالية من دون ذكر مرشحه للرئاسة الأولى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، اعتبره البعض يحمل في طياته اشارات ايجابية، لملاقاة المتغيرات الدولية والاقليمية الحاصلة، وعدم دفع البلد الى الانهيار، على الرغم من أن أطراف المعارضة ترى أن ربط الرئيس بري بين الحوار والجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية يندرج في سياق الابتزاز السياسي.

على أي حال، هذه الوقائع ترافقت في اليومين الأخيرين مع تعويم اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون بحيث أعلن أكثر من طرف من مختلف التوجهات السياسية عدم معارضته لتأييده بعدما قيل في المرحلة السابقة وقبل الاجتماع الأخير للجنة الخماسية أنها ستطرح أسماء مرشحين، والأرجح يتم التوافق بين أعضائها على اسم قائد الجيش خصوصاً أن قطر تلمس خلال جولات موفديها تقاطع العديد من الفرقاء على اسمه باستثناء “التيار الوطني الحر” علماً أن العماد عون يجيب كل سائليه بأن همّه الأساس هو الجيش وكيفية تأمين مستلزماته من رواتب ومحروقات وطبابة وصيانة، لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بالمؤسسة العسكرية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة.

وفيما تنتهي ولاية قائد الجيش في كانون الثاني المقبل، فإن مسار وصوله الى القصر الجمهوري ليس سهلاً اذ يتطلّب تعديلاً دستورياً من الصعب حصوله في الوقت الحاضر في ظلّ حكومة مستقيلة، لكن السؤال المطروح اليوم: هل عادت حظوظ قائد الجيش لتتقدم على باقي الأسماء؟ وهل فعلاً أن التسوية أو الصفقة المقبلة المتعلقة بالملف الرئاسي باتت شبه جاهزة وأن الاعلان عن الاسم أي قائد الجيش سيكون قريباً أو في نهاية شهر أيلول اذا جرت الأمور كما يخطط لها؟ وهل العراقيل القانونية تحول دون وصول قائد الجيش الى القصر الجمهوري، وبالتالي، استحالة انتخابه؟

أشار النائب السابق شامل روكز في حديث لموفع “لبنان الكبير” الى أن “اسم قائد الجيش طُرح منذ بدء الشغور، لكن خلال هذين اليومين تم التداول كثيراً باسمه، وتعويمه، ربما بسبب العشاء الذي ضمّه والموفد الاميركي آموس هوكشتاين، لكن ليس هناك من طرح جدي حالياً للسير به خصوصاً أن بعض القوى السياسية لا تزال متمسكة بمرشحها. الحركة الديبلوماسية في اتجاه لبنان، أعطت هذا الانطباع عند اللبنانيين خصوصاً أنه يتم الحديث عن امكان أن نرى بعض الايجابيات في نهاية أيلول بالنسبة الى الملف الرئاسي، وقائد الجيش أحد الاسماء المتقدمة، لكن انتخابه يتطلب مساراً قانونياً معيناً”.

واعتبر أن “كلام الرئيس بري ومواقف عبد اللهيان والأجواء الايجابية التي رافقت زيارة هوكشتاين، كل ذلك يعطي انطباعاً بتزخيم الاستحقاق الرئاسي، والسفير القطري يلعب دوراً في هذا الاتجاه، لكن عملياً لا شيء ملموس انما من المتوقع وفق المعطيات الحالية، أن نشهد انتخاب رئيس للجمهورية نهاية أيلول، والأكثر تقدماً بين الأسماء اسم قائد الجيش”.

ورأى النائب السابق سيزار معلوف أن “قائد الجيش نجح في قيادة المؤسسة العسكرية، ولديه علاقات جيدة مع العديد من الدول، لكن انتخابه يتطلب تعديلاً دستورياً، فوفق تركيبة المجلس النيابي الحالي من الصعب تأمين 86 صوتاً، ومن الصعب انتخابه رئيساً للجمهورية الا اذا حصل ضغط دولي كبير باتفاق أميركي – ايراني – سعودي، والى اليوم لا يبدو أن هذا الاتفاق قائم، وما يجري في المنطقة خير دليل. وبالتالي، لا يزال فرنجية الأكثر حظاً”.

ولفت الى أن “كل ما رأيناه خلال اليومين الماضيين من تعويم لاسم قائد الجيش ليس سوى رسائل للنائب جبران باسيل”، معرباً عن اعتقاده أن “المجلس النيابي اذا لم ينتخب رئيساً للجمهورية من اليوم حتى الأشهرالثلاثة المقبلة، فسيحصل الضغط الدولي باتجاه انتخاب الرئيس اذا تبيّن أن كمية النفط والغاز تجارية”. واعتبر أن “هذا المجلس النيابي تنتهي ولايته من دون أن ينجح في انتخاب رئيس للجمهورية”.

أما من الناحية القانونية، فقال الخبير الدستوري سعيد مالك: “سنداً لأحكام المادة 49 من الدستور كي ينتخب موظف رئيساً للجمهورية، يقتضي أن تكون قد انتهت ولايته أو قدم استقالته قبل مدة سنتين من تاريخ انتخابه، وبالتالي، يحظر على موظفي الفئة الأولى والقضاة الترشح الى الانتخابات الرئاسية قبل انقضاء عامين على تاريخ انتهاء خدمتهم أو تاريخ تقديم استقالاتهم، لكن، في حال كان هناك قرار سياسي واتفاق على انتخاب قائد الجيش، فالانتخاب يكون معرضاً للطعن أمام المجلس الدستوري سنداً للمادة 23 من قانون انشاء المجلس. والسؤال المطروح: في حال حصل انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، ولم يُصَر الى تقديم طعن بالانتخاب خصوصاً وأنه يجب أن يقدم من 43 نائباً، فإنه يصبح رئيساً. وهذا ما حصل مع الرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتخب باتفاق سياسي ولم يطعن بانتخابه، ومرّت مهلة الطعن المحددة بـ 24 ساعة من تاريخ الانتخاب ولم يطعن بانتخابه، فأصبح الانتخاب قائماً”.

شارك المقال