مواقف عبد اللهيان من لبنان تعكس إنفراج العلاقات السعودية – الايرانية؟

زياد سامي عيتاني

في الوقت الذي تخيّم فيه على لبنان حالة من “الخمول” والجمود السياسي، هي أشبه بعطلة صيفية، مرشحة لأن تطول حتى الخريف كحد أدنى، جراء المراوحة والمراوغة، وغياب الطروح الجدية للخروج من الأزمات التي يتخبط بها، على الرغم من خطورة المرحلة، وتداعيات الفراغ الرئاسي الذي اقترب من عامه الأول، يشهد البلد زحمة ديبلوماسية، بدأت مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، مروراً بزيارة وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان، وصولاً إلى إنتظار عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت منتصف الشهر الجاري، والذي ينتظر أجوبة من القوى السياسية اللبنانية بشأن الملف الرئاسي، وهناك بالتالي زحمة ملفات تفرض نفسها على الساحة اللبنانية.

على الرغم من أن طابع زيارة عبد اللهيان “مناسبتية” كما وصفت، للمشاركة في المهرجان المركزي لحركة “أمل” لمناسبة ذكرى تغييب الامام الصدر، فإنها بالتأكيد لم تخلُ من المضمون السياسي، لا سيما أنه قدم الى العاصمة اللبنانية بعد زيارة رسمية الى دمشق. لكن أهمية زيارته تكمن في أنها تأتي بعد زيارة قام بها إلى المملكة العربية السعودية، في 17 آب الماضي، وبالتزامن مع وجود مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي وقبل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي، وهذا ما يؤكد أن عبد اللهيان بحث مع المسؤولين الذين التقاهم في ملفات العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقليمية المرتبطة بتطورات المنطقة، وتحديداً أنه المسؤول عن الملف النووي وتبادل الأسرى بين إيران وأميركا والعلاقات مع السعودية.

لذلك، ترى المصادر المواكبة للزيارة، أن رئيس الديبلوماسية الايرانية أراد من خلال زيارته التعبير للمسؤولين اللبنانيين (الرسميين)، أن بلاده حريصة على إستقرار لبنان، وتدعم الحلول التي يتفق عليها بين اللبنانيين بشأن الملف الرئاسي. وأكد في هذا الشأن “أننا لم نتدخل في أي وقت في الشأن اللبناني ونرفض أي تدخل خارجي في شؤون هذا البلد”، مشيراً الى أنهم في إيران “واثقون من أن القادة اللبنانيين يمتلكون الكفاءة والحكمة اللازمة للتوصل إلى اتفاق لحسم ملف انتخاب رئيس للجمهورية”. وذهب الى أبعد من ذلك، عندما دعا المسؤولين في لبنان والأحزاب والقوى السياسية إلى “تسريع وتيرة التوصل إلى اتفاق بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل الحكومة”. وتعتبر المصادر أن تصريحات عبد اللهيان (غير الاستفزازية) بشأن الانتخابات اللبنانية، كان المقصود بها رسالة طمأنة للداخل والخارج، بأن طهران على إستعداد للحوار مع عواصم القرار المعنية بالملف اللبناني، بالنسبة الى موضوع الرئاسة. وما استوقف المراقبين إصرار عبد اللهيان في مؤتمره الصحافي في وزارة الخارجية على أن يعكس الانفراجات في العلاقات بين طهران والرياض، إذ أكد أن عودة العلاقات مع السعودية “ستنعكس إيجاباً عموماً على المنطقة ومن ضمنها لبنان”. وقال: “لا نية لايران والسعودية بالتدخل في شؤون لبنان لكن للرياض رؤى بشأن قضايا المنطقة بينها لبنان”.

الفقرة الأخيرة، تعكس تماماً الموقف السعودي الثابت والراسخ، وكأن عبد اللهيان أراد التأكيد للفرقاء اللبنانيين، أنه وخلال زيارته الى المملكة تم التوافق بين الجانبين على هذه الثابتة. وهذا الموقف جاء إستكمالاً لما سبق أن قاله بـ”أنّنا سمعنا خلال المباحثات الّتي أجريناها مع المسؤولين السّعوديّين، تصريحات إيجابيّة وبنّاءة بشأن دعم لبنان”.

في إطار متصل، تكشف المصادر المواكبة، أن الجانب غير الرسمي لزيارة عبد اللهيان، أي لقاءاته مع “حزب الله”، إضافة إلى الجانب التنسيقي، فإنها ركزت أساساً على ملف اليمن، تعزيزاً لجهود التهدئة، وتمهيداً لإمكان التوصل الى حل ينهي الحرب فيها، فكما هو معروف إن الحزب متورط بصورة أساسية في دعم الحوثيين على كل الصعد العسكرية، وتربطه علاقة بـ”أنصار الله” في اليمن.

ويبقى السؤال: هل مواقف وزير الخارجية الايرانية من لبنان، عبّر من خلالها عن الانفراج والتقدم في العلاقات بين الرياض وطهران، أم أنها تندرج في إطار ديبلوماسية ملء الوقت بالايجابيات الوهمية، كغطاء لمواقف إيران التصعيدية؟

شارك المقال