مبادرة بري… مخرج أم مأزق؟

زياد سامي عيتاني

في ظل المراوحة السياسية القاتلة التي تخيّم على صعيد الملف الرئاسي، مع إكتناف الغموض والضبابية مهمة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، المقررة عودته مجدداً منتصف الشهر الجاري، فاجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الأوساط السياسية، بإخراج “أرنب” جديد من خلال مبادرته بالدعوة الى حوار على مدى سبعة أيام، للدخول بعدها في جلسات نيابية مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية.

وأوضحت مصادر مقربة من بري، أنه حرص على أن تكون مبادرته متوازنة على قاعدة “اللاغالب واللامغلوب”، من خلال تضمينها مطلبي كل من فريق “الممانعة” و”السيادة”، إذ جمعت بين الحوار (تصرّ عليه “الممانعة”) والدورات المفتوحة (تطالب بها “المعارضة”)، بحيث يمكن إعتبارها “مخرج طوارئ” يمكن العبور من خلاله نحو الخروج من الأزمة الرئاسية، خصوصاً وأن أي فريق لا يحظى بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى سدة الرئاسة.

ولا تعتبر المصادر عينها، أن طرح بري “إلتفافي” على المبادرة الفرنسية، ولا يعني تعثر مهمة المبعوث الفرنسي، بعد الموقف السلبي للرئيس ايمانويل ماكرون من إيران وإتهامها بعرقلة إنتخاب رئيس للجمهورية، ما دفع طهران الى سحب “البساط من تحت أقدام باريس”.

واستغربت المصادر إستعجال قوى وازنة في المعارضة، لا سيما حزب “القوات اللبنانية” في رفضها المتسرع و”المتهور” للمبادرة، واصفة إياها بأنها من “خارج النص الدستوري”. ولا تستبعد أن تكون لدى برى معطيات، تجعله متأكداً بعد دعوته الفرقاء إلى الحوار من أن تمارس ضغوط خارجية وأخرى داخلية على المعارضة لقبول الدعوة.

في موازاة ذلك، رأت مصادر محايدة أن الرئيس بري بمبادرته وضع فريق المعارضة في الزاوية، ورمى الكرة في ملعبها، فهو دعا النواب إلى الحوار في مهلة محددة، بهدف التوصل إلى تسوية، قد تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية، من خلال الجلسات المفتوحة، أما في حال لم تلقَ مبادرته تجاوباً من فريق المعارضة، حينها سيتحمل مسؤولية استمرار الأزمة الرئاسية ومفاعيلها المتفاقمة.

في المقابل، تؤكد قوى “المعارضة”، أن دعوة بري أتت بعد أن قدم “حزب الله” إشارات إلى موافقته على شروط رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل المتعلقة باللامركزية والصندوق الائتماني ومشروع بناء الدولة، في مقابل دعمه ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لمنصب الرئيس.

وتخشى “المعارضة” في حال وصول المفاوضات بين باسيل و”حزب الله” إلى تفاهم، أن يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير في معادلة أرقام “لعبة النصاب” في جلسات مجلس النواب لصالح فريق “الممانعة”، إذا ما تمكن من تجيير عدد من أصوات النواب “المترددين”.

فهل تشكل مبادرة الرئيس بري (الذي يبقي نفسه بمهارته المعهودة “المحور المركزي” لحركة الاتصالات)، خرقاً يؤسس عليه للخروج من المأزق الرئاسي أم أنها ستزيده تراكماً وإنسداداً؟

شارك المقال