أهالي شهداء المرفأ: بعد 4 آب ليس كما قبله

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن أهالي شهداء انفجار المرفأ أصيبوا بخيبة وبغضب كبيرين بعد رفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، إعطاء الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وإرجاء البت برفع الحصانات عن 3 نواب بناءً على طلبات المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، لكنهم في الوقت عينه مصرون على السير قدماً في إظهار الحقيقة حتى لو اضطروا إلى اقتحام بيوت النواب الذين يختبئون  خلف غطاء الحصانة لأنهم فقدوا أغلى ما لديهم، وأصبح هدفهم الوحيد محاسبة كل من له يد في هذه الجريمة التي شلعت العاصمة، وقتلت أكثر من مئتين من أبنائها.

التحركات ستكون كثيرة من الآن حتى 4 آب، حيث يعد الأهالي المنظومة الحاكمة بيوم استثنائي سيكون موجعاً لها، إذ لا محظورات ولا مظاهرات سلمية بعد هذا اليوم الذي شكل منعطفاً لحياتهم، وقلبها رأساً على عقب بعد أن خسروا الأغلى على قلوبهم.

وكما أصابت شظايا هذا الانفجار كل لبناني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فالكل يتحضر لإحياء الذكرى الأولى لهذا اليوم المشؤوم الذي سيتحول إلى يوم وطني جامع، سيشارك فيه الوطنيون الأحرار وجمعيات مدنية وثوار 17 تشرين، وكل من لا يدور في فلك السلطة الحاكمة غير المرحب بهم كما يقول الأهالي، وستنطلق اكثر من مسيرة من المناطق والأحياء في بيروت، ليتوجهوا جميعاً إلى المرفأ حيث سيكون إحياء الذكرى قرابة الساعة السادسة عصراً حين دوّى الانفجار، إذ ستتحد كل المجموعات مع بعضها للمطالبة بالعدالة وللصلاة التي سترفع على نية الشهداء.

صلاة سيرأسها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي من المرفأ حيث سيجتمع حوله المشاركون في هذا اليوم الوطني، وستعلو التراتيل والأناشيد المترافقة مع الموسيقى التي سيعزفها موسيقيون، أرادوا أن تصدح في سماء العاصمة أجمل الألحان علها تنسي الأهل والسكان تلك الأصوات المخيفة التي سترافقهم مدى حياتهم.

وكشف ويليام نون، شقيق الضحية جو نون لـ “لبنان الكبير” أننا نحاول الحصول على معلومات سنتحدث عنها في هذا اليوم، وسنسمي الأمور بأسمائها، وسنضع النقاط على الحروف، وسنرفع شعارات عالية السقف، وكل الخيارات مفتوحة أمامنا وصولاً إلى التوجه نحو منازل المعنيين وتكسيرها لأننا فقدنا الغالي ولم يعد يهمنا إلا إحقاق الحق، ولن نسمح بأن تذهب دماء الأبرياء هدراً، لا بل سنحارب حتى الرمق الأخير”.

يوم 4 آب الذي سيذكره التاريخ، لن يقبل الأهالي أن يتحول إلى مجرد ذكرى يتم إحياؤها فولكلوريا سنوياً، وهم يعرفون أن المسيرة ستكون طويلة، محفوفة بالصعوبات. ويؤكدون أن بعد 4 آب لن يكون كما قبله لناحية سلمية التحركات ونوعيتها، خصوصاً إذا لم يمتل المعنيون أمام القضاء، معتبرين أن حصانات كل النواب سقطت ولم تعد موجودة إلا على الورق.

إقرأ ايضاً: “عروس بيروت”… حين يتحول الركام إلى حياة

ويؤكد الناطق باسم لجنة أهالي شهداء إنفجار ​المرفأ ابراهيم حطيط “إننا تخطينا مرحلة التحركات السلمية، وبدأنا بمرحلة اقتحام بيوت السياسيين. ومن الآن وصاعداً ستكون خطواتنا مفاجئة وغير معلنة مسبقاً كي لا يضعونا في مواجهة مع القوى الأمنية”.

وبحسرة يتحدث حطيط عن ذلك اليوم المشؤوم الحزين، عن يوم 4 آب من كل سنة الذي سيفتح جروحهم التي لم تلتئم، لكن غصرارهم على كشف الحقيقة يدفعهم إلى المثابرة والمضي قدماً “لأننا موجودون في دولة تحكمها عصابات، وطالما لم نصل إلى الحقيقة والعدالة سنستمر بالتحرك”، لافتاً إلى أنه “سيكون هناك تحركات داعمة للقاضي بيطار”.

وفي حين أن محطات التلفزة ستفتح الهواء لعائلات الشهداء طوال يوم 4 آب ليتحدثوا عن معاناتهم في فقدان أحبائهم، وعن إصرارهم للوصول إلى العدالة، فإن هؤلاء العائلات رغم أنهم فقدوا الأمل بدولتهم كما بالحقيقة التي ربما ستبقى ضائعة بين ركام الانفجار، سيفتحون كل الملفات أمام الشعب اللبناني، وسيدلون بمعلومات توصلوا إليها إذا شعروا أن هناك صفقة تتحضر من هنا وأخرى من هناك على حساب دماء شهدائهم كما يقولون.

شارك المقال