النواب السنة… “تشتت” حتى في الحوار؟

عبدالرحمن قنديل

“الحوار” مصطلح لطالما أثار الجدل على الساحة السياسية اللبنانية، وشكل ممرّاً لحل بعض أزمات هذا البلد ولعنات لأزمات أخرى، لعنات غالباً ما كانت تصل تبعاتها نحو التفجير. فكما جرت العادة شكل “الحوار” مادة إنقسام تمترست خلفها القوى السياسية المؤيدة منها والمعارضة، ليصبح الحوار مادة إضافية من المواد التي تؤدي إلى الاشتباك والفرز السياسي العمودي.

المشهد السياسي شكّل مؤخراً مادة جذّابة للإنقسام عنوانها “الحوار”، وكان رأس الحربة في طرح العنوان والتسويق له رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي دعا إلى حوار الـ 7 أيام في شهر أيلول الجاري، والذهاب بعدها الى عقد جلسات مفتوحة ومتتالية الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية، لتثير تلك الدعوة الجدل بين معسكرين: من هو معها كمحور الممانعة بالإضافة إلى الحزب “التقدمي الإشتراكي” وتكتل “الإعتدال الوطني”، ومن ينظر اليها على أنها لزوم ما لا يلزم كقوى المعارضة وخصوصاً رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ورئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل وتمسكهما برفض الحوار على مبدأ “مين جرّب المجرّب بيكون عقلو مخرّب” على الرغم من الموقف اللافت للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي حول دعوته النواب الى حوار غير مشروط.

وسط هذا الانقسام، بقيت علامات الإستفهام حول دور النواب السنة وموقفهم حيال هذه الدعوة، وسط واقع نيابي مشتت حيث كلّ يغني على ليلاه، بعد محاولات عديدة بذلت لتوحيدهم حول ملفات عديدة ومعظمها باء بالفشل نظراً الى التنوع السياسي الموجود في ما بينهم، فكيف إذا كانوا غائبين حتى في رأيهم عن الحوار ومضمونه؟ وذلك بالتزامن مع موافقة النواب السنة التابعين للممانعة وتكتل “الاعتدال الوطني” على الحوار.

الحشيمي: لا ضمانة للحوار

أكد النائب بلال الحشيمي في حديث لـ “لبنان الكبير” أنه مع عدم المشاركة في الحوار، وقال: “طبقاً لقول فريق الممانعة إن الحوار هو لأسبوع واحد وإذا نتج عنه مرشح أو مرشحان فتعين جلسة على هذا الأساس، فلماذا لا ننتخب داخل المجلس النيابي ضمن دورات متتالية المرشحين ويفوز من يفوز، باعتبار أنهم متمسكون بمرشحهم سليمان فرنجية في جميع الأحوال ومرشحنا هو جهاد أزعور، وكل نائب يتحمل مسؤولية خياراته فلا داعي لتضييع الوقت؟”.

واعتبر الحشيمي أن “الحوارات السابقة منذ العام 2005 لم تؤدِ إلى نتيجة والاتفاقات التي حصلت في الماضي لم ينفذ منها شيئ، لذلك يجب أن تكون هناك ضمانة للحوار، وفي هذا الوقت لا توجد ضمانة لهذا الحوار لذلك لم يؤدِ إلى أي نتيجة، فالأفضل ببساطة النزول إلى المجلس وإنتخاب رئيس”.

ورأى أن “لا جدوى من الحوار في ظل تمسك محور الممانعة بمرشحه سليمان فرنجية تحت شعار إنتخاب رئيس يحمي ظهر المقاومة أي حماية المعادلة الثلاثية الجيش الشعب والمقاومة، وهذا الأمر أصبح يحتاج إلى معالجة لأن منطق السلاح المتفلت وغير الشرعي لم يعد صالحاً للإستمرار في البلد. فلكي يتعافى البلد يحتاج إلى الأمن والاستقرار لأنه بهذه الطريقة لا يستطيع أن يستمر، ويجب أن يبقى الأمن بيد الدولة وليس بيد أحد سواها”.

وعن الأطراف السنية المعاضة للحوار، أوضح الحشيمي أنه من ضمن النواب الأربعة المعارضين لفكرة الحوار والملتزمين مع قوى المعارضة ضمن الـ 31 نائباً بفكرة الالتزام بتطبيق الدستور، بمعنى أن أي جلسة تعقد في المجلس النيابي تكون جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، أما باقي النواب المؤيدين فهذا شأنهم والنواب المحسوبون على فريق الممانعة توجههم بات معروفاً”.

ياسين: الحوار مخالف للدستور لتكريسه عرفاً

وشدد النائب التغييري ياسين ياسين من منطلق أنه عضو في كتلة “نواب التغيير” على أنه ملتزم ومتمسك بتطبيق الدستور، “لأن الدستور لا يقول انه يجب أن يسبق إنتخاب الرئيس أي حوار، والمفروض إنتخابه فوراً حسب مفهوم الدستور”.

وأشار إلى أن “الرئيس بري كان رافضاً للدورات المتتالية والآن أصبح موقفه مغايراً تماماً إلى مبدأ الحوار ضمن 7 أيام وبعدها دورات متتالية وهذا مخالف للدستور”، متسائلاً: “هل كان الرئيس بري مخطئاً وتراجع عن خطئه؟”.

وأعرب عن إعتقاده أن “الحوار مخالف للدستور لأنه يكرّس عرفاً بأن يكون هناك حوار يسبق إنتخاب رئيس، ففي أيام الوجود السوري في لبنان، كانت الوصاية السورية هي من تحدد هوية الرئيس وبعد الإنسحاب السوري لم يكن هناك منافسون فعليون فاتفقت القوى السياسية على إنتخاب ميشال سليمان ومن ثم ميشال عون لرئاسة الجمهورية ناهيك عن الشغور الرئاسي بين كل ولاية والثانية”.

وذكّر بأن “من أسباب إندلاع ثورة 17 تشرين المطالبة بتطبيق الدستور لتفعيل مؤسسات الدولة والرقابة وليس خرق الدستور، مثلما تنص مبادرة بري، والحوارات السابقة سواء الداخلية أو الخارجية لم تؤدِ إلى نتيجة سوى المنافع الشخصية بعيداً عن المصلحة الوطنية”.

أضاف: “الحوار الذي هو لمصلحة الوطن أهلاً و سهلاً به إنما وفق تطبيق الدستور والقانون، لأن الجميع تحت القانون والدستور. وإن دعت الحاجة يجب معرفة ما هو موضوع الحوار باعتبار أننا لم نتلقَ أي دعوة رسمية بخصوصه ولا نزال لا نعرف من يريد أن يحاور من وما هو مضمون الحوار وهل هو سيكون تحت قبة البرلمان؟ الرئيس بري تكلم في إطار لقاء حزبي وخصص دعوته ضمن نطاق رؤساء الكتل ولكن ماذا عن بقية النواب؟ ومن يريد أن يرعى هذا الحوار؟”. وأكد أنه مع إنتخاب رئيس للجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور في المواد 74 و75 و49 من الدستور اللبناني.

البزري: الأولوية لانتخاب رئيس ضمن الدستور

ولفت النائب عبد الرحمن البزري الى أنه يتطلع إلى دعوة الحوار بكثير من الانفتاح والايجابية أما تلبية دعوة الحوار فهي مرتبطة بتوضيح بعض النقاط المرتبطة بالحوار نفسه أي بالجلسة وما وراءها “لأن المفروض أن يكون الحوار حول الرئيس وليس أي أمر آخر”. واعتبر أن “أي مواضيع أخرى تثار غير موضوع إنتخاب الرئيس هي في غير مكانها ولا توقيتها لأن الأولوية هي إنتخاب رئيس ضمن النظام الدستوري، وبعد إنتخاب الرئيس يصبح هناك وقت للمسائل الأخرى للحوار حولها. لذلك نتطلع الى دعوة الرئيس بري بإيجابية فهي محاولة لخرق الجمود في أفق الانسداد السياسي الحاصل”.

وقال: “هذه الدعوة وإن كانت مرتبطة بالملف الرئاسي إنما هي بحاجة الى مجموعة إيضاحات أبرزها: طبيعة الحوار، وكيفية الدعوة الى الحوار، ومن سيدعى الى الحوار؟ والجلسات الانتخابية التي تليها هي جلسات أم دورات؟”. ورأى أن “لا مانع من التواصل مع النواب عموماً، وحتى النواب السنة حول موقف موحد لأن هناك قسماً كبير من النواب السنة غير بعيدين عن قبول الدعوة الى الحوار وملاقاتها بإيجابية وإنفتاح، مثلما لها قبول في أجواء عدد من الكتل داخل المجلس النيابي عموماً، كما تفاعل عدد من النواب السنة مع رسالة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بإيجابية ولو إختلفوا في المضمون الذي تضمنته ردودهم”.

وأكد أن “أي فرصة لتحريك الركود الموجود وكسر الإنسداد الحاصل وأي محاولة لإستعادة الانتظام الدستوري من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية يجب أن لا تضيع لأن هذا ما هو متوافر أمامنا وعلينا التعامل معه”.

شارك المقال