بري يحصّن مبادرته الحوارية ميثاقياً بغطاء من البطريرك

زياد سامي عيتاني

لا تزال مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري في واجهة الأحداث اللبنانية، على الرغم من الرفض الفوري لطيف من الفرقاء لأي حوار على خط الاستحقاق الرئاسي والتمسك فقط بالدعوة الى جلسة انتخاب مفتوحة للرئيس، في مقدمهم حزبي “الكتائب” و”القوات اللبنانية”. فالرئيس بري يرى فيها، فرصة ذهبية لانتخاب رئيس للجمهورية في أيلول الجاري، وأنها تصب في مصلحة اللبنانيين وكل من يعمل بالفعل على انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً وأنه لم يضع في خطابه في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، شروطاً مسبقة حيال دعوته الى حوار محدود بسقف زمني (7 أيام)، بهدف التوصل إلى تسوية من شأنها إستيلاد رئيس توافقي (بأكبر قدر من الاجماع الوطني)، للخروج من إنسداد المأزق الرئاسي، ووضع حد للفراغ، الذي زاد عن الأشهر العشرة.

وعليه، فإن الرئيس بري لم تثنه الردود “الانفعالية” الرافضة لمبادرته عن المضي بها، بهدوء وتروٍ، معوّلاً على تأمين الميثاقية لها، وإن يكن من دون إجماع “مسيحي” كامل. وتؤكد مصادر بري أن المجلس النيابي، منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، فشل 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع الانقسام العمودي الحاد، خصوصاً وأن أياً من الاصطفافين السياسيين عاجز عن تأمين نصاب إنتخاب الرئيس، ما يجعل الحوار أمراً ضرورياً وملحاً لا بد منه، للوصول إلى تفاهم توفيقي بين الفرقاء، يمهد لوضع حد للشغور الرئاسي.

وتذكر المصادر بأن الرئيس بري كان سباقاً في الدعوة الى الحوار، حتى قبل مبادرة جان ايف لودريان، لقناعته بأنه مقدمة لا غنى عنها لتأمين انتخاب رئيس جديد، فهو بيّن في أكثر من مناسبة، الأسباب التي دفعته الى التمسك بهذه الدعوة، والمزايا التي يجدها فيها والمخاطر التي يمكن أن تتأتى عن رفضها. وترفض مصادر “عين التينة” إعتبار دعوة بري بديلاً عن المبادرة الفرنسية، بل هي تلقف لها، مع منحها “إندفاعية” عملية، للمساعدة على وضعها موضع التنفيذ. وتأكيداً على ذلك، فإن الرئيس بري لم يسترسل أو يتعمق في الافصاح عن تفاصيل مبادرته، عدا العناوين العامة، وذلك بانتظار عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي الى بيروت والمتوقعة الأسبوع المقبل، بحيث سينتظر ما يطرحه لودريان ليبني على الشيء مقتضاه.

الرئيس بري يعوّل على نجاح مبادرته في ضوء مباركة بكركي لها، ومشاركة “التيار الوطني الحر” في مندرجاتها، إضافة الى عدد من النواب المسيحيين الذين ينتمون إلى كتل أخرى، أو من الذين يصنّفون في خانتي “المستقلين” أو “التغييريين”، بحيث أن عدداً منهم وإن كان يختلف مع الرئيس بري في تمسكه بتبني رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، إلا أنه لا يمانع المشاركة في حوار جدي من دون شروط، يفضي الى انتخاب الرئيس العتيد. ومن المقرر أن يكثف الرئيس بري مشاوراته واتصالاته مع مختلف الكتل النيابية حتى عودة لودريان، لتوسعة نطاق النواب المتجاوبين مع دعوته، ومن المقرر أن تعلن الكتل موقفها النهائي رسمياً الأسبوع المقبل.

وفي ضوء مواقف الكتل النيابية المتوقعة، معطوفة على نتائج زيارة المبعوث الفرنسي، فإن الرئيس بري سيتخد القرار المناسب والخطوات اللازمة، التي تخدم إنهاء حالة الشغور وانتخاب رئيس للجمهورية، كخطوة أولى للشروع في عملية الإنقاذ. هذه المعطيات مقرونة بمباركة بكركي، حصّن الرئيس بري بها مبادرته ميثاقياً، ووفر لها غطاءً وطنياً جامعاً، ما يقطع الطريق على محاولة تصوير تأييد الكتل النيابية (المتنوعة طائفياً) بأنها جبهة “إسلامية” لفرض رئيس الجمهورية “الماروني” على المسيحيين، كما حصل عندما تلاقت بكركي مع الأحزاب المسيحية مجتمعة على شرط أن يكون الحوار محدداً بموضوع الرئاسة في مهلة زمنية معينة، وتليه جلسات انتخاب متتابعة، وهو ما تضمنته مبادرة بري فعلياً. فهل تتكامل دعوة الرئيس بري مع زيارة لودريان، لتظهير حوار وطني تحت قبة البرلمان، يتصاعد من بعد أيامه السبعة “الدخان الرئاسي الأبيض”؟

شارك المقال