أين النواب المستقلون و”المبعثرون” من دعوة بري للحوار؟

عبدالرحمن قنديل

أفرزت الانتخابات النيابية الأخيرة كتلاً منها مكتملة ومعروفة وجهتها السياسية، ومنها مبعثرة ومقسمة إلى مجموعة كتل لا طعم لها ولا لون شكلاً ومضموناً من خلال توجهاتها ودورها في جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية والمساهمة في تطيير نصابها.

لم يتوافق أعضاء هذا المجلس حتى اليوم على إنتخاب رئيس للبنانيين بسبب الانقسام السياسي بين من يتمسك بحليفه لايصاله إلى رئاسة الجمهورية مهما كان الثمن، وقوى معارضة لهذا الفريق تسعى الى التوحد واستقطاب النواب المشتتين والمبعثرين تحت جناحها، حتى تحوّل المجلس إلى مجلس “تعطيل كل مين إيدو إلو” تحت هذه القسمة.

وكانت لافتة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية إلى عقد جلسات حوار لمدة سبعة أيام كحد أقصى خلال الشهر الجاري، تليها جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد عشرة أشهر من شغور المنصب. وقال في الذكرى الـ 45 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه: “تعالوا في شهر أيلول لحوار في المجلس النيابي لرؤساء وممثلي الكتل اللبنانية، لمدة حدها الأقصى سبعة أيام، وبعدها نذهب إلى جلسات مفتوحة ومتتالية حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية”.

قسمت دعوة بري الى الحوار الأطراف السياسية بين مؤيد ومعارض كما درجت العادة حول أي قضية، ولكن غاب عن كلامه حول دعوة الحوار بقية النواب المستقلون منهم والموزعون داخل كتل مبعثرة غير معروفة التوجه، وبات السؤال عن كيفية دعوتهم والآلية التي على أساسها سيدعو إلى هذا الحوار، أم أن الحوار سيقتصر على الكتل النيابية وممثليها كما قال بري؟ وأين بقية النواب المنتخبين داخل المجلس من هذه الدعوة؟

أشار عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “هناك آلية لحصول أي حوار أو لقاء، حتى في كل الحوارات التي اعتمدت كانت لها معايير معينة. ووفق هذا المعيار الذي سيعتمد ستتم هذه الدعوة وتكون كل الكتل النيابية ممثلة مهما كانت متنوعة، حتى المجموعات التي لا تنضوي ضمن كتل وتمثل نهجاً وخياراً معيّناً وتلتقي في مفاهيم معيّنة يكون هناك من يمثلها في نهاية الأمر”.

وأكد أن “الدعوة التي أطلقها بري للحوار ليست جديدة ولكنه عاد وطرحها لإدراكه حجم المخاطر التي تحيط بوطننا بعدما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه بعد 12 جلسة، وفي الجلسة الأخيرة على وجه الخصوص تبين أن لا إمكان لأي فريق أن يصل بمرشحه أو يفرضه تحت أي ظرف من الظروف، وأي شخصية في موقع الرئاسة ستكون نتاج هذا التوافق بين المكونات من خلال حوار لا بد أن يحصل، لأن منطق الحوار يجب أن يكون مبدأ سياسياً في واقعنا مستمراً وليس ظرفياً”.

وأعرب عن إعتقاده أن “تركيبة هذا البلد تتطلب حواراً دائماً بين مكوناته لمناقشة كل قضاياه وللتخفيف من أي توترات إزاء أي أزمة من الأزمات، لذلك ردود الفعل على المبادرة أكثرها إيجابية وكان بري ينتظر تبلور مواقف كل الفرقاء والكتل ليبني على الشيئ مقتضاه، وينتقل الى الخطوة المقبلة ويضع الآلية والمعايير التي على أساسها سيكون هذا الحوار الذي عندما يكتمل سيكون مدخلاً لانهاء أزمة الشغور”.

وعن الاستمرارية في الدعوة الى الحوار، قال هاشم: “نفسنا طويل كما قال الرئيس بري لأن إنقاذ بلدنا ومصلحته فوق كل الاعتبارات، لذلك سيتعاطى بكل مرونة وليونة وبكل ما يمكن أن يسهم في الوصول إلى تفاهم وطني لإيجاد مخرج من أجل التفاهم الرئاسي”.

أما النائب ملحم خلف فذكر بأنه والنائب نجاة صليبا مضى عليهما 231 يوماً وهما معتصمان داخل المجلس النيابي “ومنذ ذلك الحين كان مطلبنا الأول والأخير تطبيق الدستور لاسيما أحكام المواد 74 و75 و49 وأنهينا مطلبنا آنذاك بجلسات مفتوحة بدورات متتالية”.

وأشار خلف إلى أن الرئيس بري عندما دعا في كلمته إلى الحوار قال انه مع جلسات مفتوحة ومتتالية وهذا الأمر يجب توضيحه “فإذا كانت هذه الجلسة مفتوحة بدورات متتالية مثلما حدث أثناء إنتخاب ميشال عون أي جلسة بأربع دورات متتالية، وأكد بري هذا الأمر، فهو يأخذ الموقف الدستوري الحقوقي الجيّد ويبنى على الإيجابية بإيجابية، أما إذا كانت جلسات متتالية من دون فهم طبيعتها ومضمونها مثل الجلسات الـ12 السابقة فهذا أمر يحتاج إلى توضيح”.

وسأل خلف: “هل مضمون الدعوة هو الدعوة إلى الحوار أو مفاوضات تحت مسمى الحوار؟ لأن هناك فرقاً كبيراً بين المفاوضات والحوار، فالحوار هو موقع جامع يحتاج إلى تخلي الأطراف السياسية عن موازين القوى التي يملكونها، أما مفهوم المفاوضات فهو العكس تماماً أي وضع كل موازين القوى لانتزاع موقف”.

ولفت الى أن “مفهوم الحوار يندرج في إطار عدم الاقصاء والاختزال بحيث لا يمكن إختزال 128 نائباً بالكتل السياسية التقليدية لأنه بهذه الطريقة لم يعد حواراً، فالحوار يشمل الجميع وإيجابي وضمن إطار دستوري أي يشمل الـ 128 نائباً، ومثلما للقوى السياسية تمثيلها بقية النواب أيضاً لها تمثيلها”، متسائلاً: “ما هو الموضوع الذي على أساسه سيتم هذا الحوار؟ حول الاستحقاق بحد ذاته، لأن الاستحقاق متفقين عليه في الدستور أو اللجوء إلى المفاوضة للذهاب إلى تسوية بين الأطراف السياسية؟”.

وشدد على وجوب “العودة إلى الدستور لأنه يجب أن نفهم ما هي المقاصد من دعوة كهذه”، قائلاً: “عند الدعوة وتوضيح الأمور خصوصاً تجاه المادة 49 التي نصت على الجلسات المفتوحة ضمن دورات متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية يبنى على الشيئ مقتضاه”.

شارك المقال