جمعهم “القليعات” وفرّقتهم الرئاسة

ساريا الجراح

في ظل المشكلات التي يعاني منها مطار رفيق الحريري الدولي يحتاج لبنان الى مطارات أخرى تفي بالغرض، وقد عاد الحديث مجدداً عن مطار رينيه معوّض في القليعات، نظراً الى حاجة منطقة عكار والشمال الى هذا المرفق الحيوي الذي من شأنه أن يسهم في قيام توازن إنمائي في المنطقة والبلد ككلّ. لكن هذا المطار لا ينافس مطار رفيق الحريري الدولي لأنه سيخصّص لأغراض الشحن ورحلات “التشارترز” فقط، ومن إيجابيات إعادة تشغيله تخفيف ضغط حركة المسافرين عن المطار الرئيس من جهة، وإمكان إفادة مناطق الشمال وصولاً الى جونيه كما الهرمل منه مع اختصار المسافات البريّة بين البقاع وعكار من جهة ثانية، ناهيك عن أن لبنان بلدٌ سياحي بامتياز وبالتالي فإن وجود مرفق جوي ثانٍ، على غرار غالبية دول العالم، من شأنه أن يعزّز النشاط السياحي ويخفّف من الضغط والاكتظاظ عن بيروت.

عضو تكتل “الاعتدال الوطني” النائب محمد سليمان رأى في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “مطار القليعات هو حاجة وطنية ودولية وانمائية للبنان ومنطقة الشمال تحديداً وخصوصاً في ظل هذه الأوضاع الصعبة”، مذكراً بـ “أننا طالبنا منذ اللحظة الأولى بإعادة تشغيل المطار الذي كان شغالاً ولا يحتاج الى الكثير من الأموال لأنه مهيّأ منذ البداية”. وأشار الى “أننا بحاجة الى مطار وأكثر في ضوء الزحمة الكبيرة التي يواجهها مطار رفيق الحريري الدولي”، لافتاً الى أن الدول التي تصغر لبنان مساحة تملك أكثر من ستة مطارات.

“نحقق النمو الاقتصادي والانماء المتوازن وفرص العمل اذا اعتمدنا تشغيل مطار القليعات”، هذا ما أكّده سليمان، موضحاً أنهم تبنوا هذا الموضوع انطلاقاً من زيارات قاموا بها الى كل الكتل السياسية بدءاً من كتلة “الوفاء للمقاومة” الى “التنمية والتحرير” الى “التوافق” وصولاً الى “تجدد” وغيرها من الكتل “التي أبدت ايجابية تامة ودعماً”.

وعن امكان العرقلة، قال سليمان: “سنتجه الى اتخاذ مواقف صارمة تجاه ذلك لأن لا وجود لسبب جوهري وواضح للرفض”. وأشار الى أن جولتهم على الكتل “هي منعاً للالتباس وخصوصاً بعد الاشاعات المنتشرة عن أن هناك كتلاً رافضة للاقتراح، ولم تكن الزيارات الا لوضع النقاط على الحروف”، كاشفاً أنهم تشاوروا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووجدوا الاستقبال والايجابية المطلقة حيال تشغيله لأنه حاجة انمائية لن تكلف الدولة اللبنانية فلساً واحداً في ظل وجود جمعيات وفّرت له الدعم الكامل.

“سبحان من غيّر الأحوال” بهذه العبارة ردّ وزير الأشغال العامة السابق غازي العريضي على التصرفات السابقة للحكومة التي رفضت البت في ملف المطار حينها خلافاً لما فعلته اليوم. وقال: “مشروعي كان تشغيل مرفأ طرابلس والعمل على مطار رينيه معوض تبعاً لدراسات أولية غير مكتملة، وأتينا به الى مجلس الوزراء الذي انقسم بين من لديهم موقف مذهبي من مطار بيروت والرد المماثل بالاضافة الى أن رئيس الحكومة لم يكن متحمساً آنذاك”.

وفي الشق الأمني، اعتبر العريضي أن “المشروع حيوي والمطلوب لتشغيله همّة الدولة، وأي فرضيات أمنية لا علاقة لها بتاتاً بذلك، لأن كل المطارات قد تشهد العامل الأمني دون سواها”. واللافت أن المطار يدخل قرابة ٢٥٠ الى ٣٠٠ مليار دولار في السنة الواحدة.

وأسف العريضي للمراقبين الجويين الذين توقفت امتحانات مجلس خدمتهم الوطنية بفعل خلاف مذهبي، منبّهاً على أن هذا التصرف يهدد سلامة الطيران عموماً. وأشار الى أنه عاش معهم مدة طويلة حتى تأكد بنفسه أنهم يتمتعون بالكفاءة الكاملة، لافتاً الى أن “هناك سوء ادارة على مستوى الدولة وسوء تعاطي مع المؤسسات الأساسية علماً أن المطار واحدة منها”.

أضاف: “ذهنية السلطة لم تكن يوماً حنونة بميل وما بترحم بميل، بل غفلت عن أن هذه المؤسسات الثلاث تؤمن الكثير من فرص العمل، وتنزع صفة الارهاب عن الشمال”.

اليوم ليس هناك اعتراض على انشاء مطار ثانٍ في لبنان، وفي الأصل مطار رفيق الحريري الدولي يعاني مشكلات عدة منذ زمن بعيد. فأسباب انعزال لبنان عن تشغيل مطار ثانٍ له كانت مستعصية في الأمس وأصبحت اليوم جسر عبور ليصبح البلد نافذة اقتصادية وانمائية واستراتيجية، ولا نعلم ما كانت غاية ميقاتي آنذاك وما الذي تبدّل حتى غيّر قراره؟ فهل سيشهد المطار الجديد ما شهده مطار رفيق الحريري الدولي؟ وهل سيكون هناك امكان لتشغيله كما يدّعون والبدء بعملية بناء جدّية متكاملة؟

شارك المقال