التيار والحزب… انكسرت الجرة وباسيل يجرجر لكسب الوقت

رواند بو ضرغم

يحافظ “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” على شعرة معاوية في العلاقة بينهما في العلن، ولكن في المضمون انكسرت الجرة وتبخرت الثقة وتباعد الأحباب.

وفق معلومات موقع “لبنان الكبير” سيشهد الأربعاء اجتماعاً ثانياً للجنة المؤلفة بين الحزب والتيار لاستكمال النقاش في مضمون قانون اللامركزية الادارية، المقدم من الوزير السابق زياد بارود. وتقول مصادر اللجنة: “إن الاجتماع الأول شهد على نقاش في الهواجس والمفاهيم ومبتغى القانون وتبددت مخاوف التقسيم والفدرلة، بحيث ان وفد التيار، وفق مصادره أعطى التطمينات لموفد الحزب. وستدخل اللجنة الأربعاء في تفاصيل مواده وملاحظات الحزب والتعديلات المطلوبة من التيار ونسب توزيع الايرادات على الأقضية”.

مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” تقول لموقع “لبنان الكبير”: “إن المشكلة ليست في الهواجس المعلنة والتعابير الفضفاضة، كالتقسيم والفدرلة، إنما التباين الحقيقي يكمن في التفاصيل، بحيث ان جبران باسيل في العلن يقول إنه لا يجنح باتجاه التقسيم، ولكن في صلب النقاش والقانون هناك ملاحظات بنيوية وجوهرية توصلنا نحو الفدرلة المقنّعة، وهذا ما يضعنا بتقدير حزب الله أمام مسار طويل لا ينتهي بأسابيع بل بأشهر طويلة لبت القانون”.

ينطلق “التيار الوطني الحر” في حواره مع “حزب الله” بمسألة اللامركزية من مبدأ أنه متى وُجدت النية وإرادة الحل، يمكن للحزب تدوير الزوايا وإيجاد الحلول، بينما يرى الحزب أن السقف المطلبي الذي وضعه باسيل مرتفع جداً ويتطلب وقتاً طويلاً للنقاش. وتوضح مصادره لموقع “لبنان الكبير” أنه مستعد للذهاب بعيداً في النقاش، ولكن باسيل لم يسلفه شيئاً في السياسة بعد، وهذا يعني أن عليه أن يعطي في السياسة ليأخذ في مضمون القانون.

فلا يزال التيار ملتزماً خيار التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور حتى اللحظة، ووفق منظار الحزب فان على باسيل أن يبدأ عملية التحول، على الأقل بفك التقاطع مع فريق المعارضة كمرحلة أولى، ليبدأ الحزب بالتجاوب معه في مضمون نقاش اللامركزية، التي لا أحد يرفضها كمبدأ، ولكن مضمون قانونها يحمل الكثير من الاشكالات تتعلق بحجم الجباية والصرف المالي وفق مطلب التيار، في حين أن الطائف، وهو سقف الحزب، ينص على الانماء المتوازن. بينما ما يتضمنه قانون بارود هو اقتطاع ما يقارب ٦٥٪؜ من واردات الدولة لوضعها في صندوق اللامركزية في الأقضية والبلديات الأكثر إنتاجية على حساب البلديات الفقيرة، فمثلاً بلديات عكار لن تأخذ سوى الفتات من الموازنة وفق تقسيمات باسيل.

لا يريد الحزب إفشال التفاوض مع التيار، وهو لا يرفض اللامركزية الادارية ويلتزم الطائف، إنما هو يتحسس من مماطلة باسيل، وخصوصاً أن مشروعه لن ينتهي باللامركزية، بل يريد أيضاً تشكيل لجنة ثانية مع الحزب لدرس الصندوق الائتماني، ولجنة ثالثة لدرس الأولويات الرئاسية، وهذا يتطلب بالحد الأدنى أشهراً، إذا لم نقل سنوات لبتها، وخصوصاً أن الحزب ليس وحده مقرراً في مشاريع وطنية كهذه، إنما مجلس النواب بكتله النيابية مجتمعة، ومن هذا الباب يضع “حزب الله” خطوات باسيل في منزلة التذاكي وكسب الوقت واللعب على الحبلين.

لذلك، يبحر “حزب الله” في شكه بنوايا باسيل ومتأكد من مصلحته في المماطلة، لأنه أكثر الأطراف السياسية استفادة من تقطيع الوقت، على قاعدة أنه سيصبح حاجة للطرفين. فمن جهة الفريق الداعم لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بحاجة الى أصواته، والفريق المتقاطع على جهاد أزعور بحاجة الى تياره لاستمرار التقاطع.

وتوازياً مع النقاش في المشاريع الباسيلية التعجيزية، يشنّ نواب “التيار الوطني الحر” حملة ممنهجة على قائد الجيش، ظاهرها النزوح السوري والحدود غير المضبوطة، وباطنها الاستهداف الرئاسي وحرق الحظوظ. أما الواقع فيثبت التيار أنه لا يريد أن يأخذ في الاعتبار قدرة الجيش الحدودية المحدودة من جهة العديد، ولا يريد المشاركة في توفير القرار السياسي عبر الحكومة لوضع ملف النزوح غير الشرعي على سكة الحل السياسي، الذي يبدأ بالتواصل مع سوريا وتوقيع الاتفاقات بين البلدين لضبط الحدود من جهتها السورية والتنسيق مع الجانب اللبناني. وتبقى الشعبوية ملح التيار.

شارك المقال