هل يعبّد عين الحلوة طريق عون إلى بعبدا؟

محمد شمس الدين

تطور المناوشات إلى اشتباكات واسعة في مخيم عين الحلوة، أعاد الى ذاكرة اللبنانيين مخيم نهر البارد، الذي انتهت الحال به إلى معركة عسكرية بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة فيه، انضوت تحت لواء تنظيم يدعى “فتح الاسلام”.

والتشابه لم يقف عند المخيم وحسب، بل لناحية الوضع السياسي أيضاً، فقد كان البلد منقسماً انقساماً عمودياً بين 8 و14 آذار، ورئيس الجمهورية آنذاك اميل لحود في آخر أيامه الرئاسية الممددة، ولبنان مقبل على فراع رئاسي. وخاض معركة نهر البارد في حينه قائد الجيش ميشال سليمان، واعتبر الكثيرون أن هذه المعركة عبّدت طريق بعبدا له، كي يصبح رئيساً، فهل يعبّد عين الحلوة طريق العماد جوزيف عون إلى بعبدا؟

على الرغم من بعض التشابه إلا أن هناك اختلافاً بين وضع المخيمين، فمشكلة مخيم نهر البارد كانت مع جماعة معينة فيه تريد اثبات وجودها، أما الاشتباكات في مخيم عين الحلوة فهي صراع إقليمي على وراثة “جبهة التحرير الفلسطينية” وحركة “فتح”، ومستقبل السلطة الفلسطينية بعد الرئيس محمود عباس. أما لجهة الجيش اللبناني، فهناك بعض الجهات يدفع لإدخاله في المعركة كي يحكم السيطرة على المخيم، وفرض أمر واقع فيه، وطبعاً هذه الجهات تضع في بالها أن هذا الأمر من شأنه رفع حظوظ العماد عون، ولكن ليس هذا السبب الأساس لرغبتها في أن يدخل الجيش المعركة، إلا أنه سبب إضافي، كونها تدعم أن تنتهي التسوية في لبنان على العماد عون.

ويحظى قائد الجيش بقبول واسع لدى عدة أطراف إقليمية، على رأسها دولة قطر، التي تحاول تسويقه كمرشح تسوية للرئاسة، على غرار ما سوقت للعماد سليمان عام 2009، ولكن على الرغم من كل ضغطها، لم يصل إلى بعبدا إلا بعد انفجار أمني لبناني، أي 7 أيار، أدى إلى تدخل مباشر في الشأن اللبناني، ودعوة القوى اللبنانية إلى الدوحة، لفرض التسوية، التي كانت في حينها فعلياً ضرب للطائف عبر الثلث المعطل، وهنا يكمن السؤال حول وصول عون إلى الرئاسة، هل يجب أن يحصل انفجار أمني؟ وهل يجب أن يهتز الأمن في لبنان كي يسلم الجميع ويقول بوجوب أن يكون على رأس السلطة عسكري، تحديداً في ظل الفراغ الذي تعانيه المؤسسة العسكرية، في رئاسة الأركان، وهو فراغ سيمتد إلى قيادة الجيش نفسها، بعد انتهاء ولاية عون في تشرين الثاني المقبل؟

بالاضافة إلى الدعم القطري المباشر، يحظى عون بقبول أميركي، وحتى بقبول لدى الثنائي الشيعي وحلفائه باستثناء “التيار الوطني الحر”، عدا عن تأييد بعض قوى المعارضة وعدم ممانعة غالبيتها، وبالتالي تبقى كلمة السر النهائية لانهاء الفراغ الرئاسي، والذي ليست هناك بوادر لحصوله قريباً، ما قد يؤدي إلى الدفع باتجاهه عبر الأمن.

وفي هذا السياق، لا تزال طبخة مخيم عين الحلوة غير ناضجة، ولم تشعل النار تحتها، اذ ان الأمر محصور داخل المخيم، والمواقف السياسية متشابهة لناحية المطالبة بوقف إطلاق النار، وليس هناك اختلاف في المواقف كما كان الوضع حين بدأت أحداث نهر البارد، بحيث انقسم السياسيون بين مؤيد ومعارض للحل العسكري من الجيش اللبناني.

ويرى متابعون أن الملف الذي قد يحمل العماد عون إلى بعبدا هو ملف النزوح وضبط الحدود، وليس ملف عين الحلوة، ويستدلون بمواقف له خلال الاحتفال الذي أقيم لاعلان جرود عرسال ورأس بعلبك خالية من مُخلفات الحروب، والتي أشار فيها الى جهود يقوم بها الجيش لضبط الحدود، وبدا كأنه يفتح المعركة بهذا الأمر.

شارك المقال