دور المفتي وطني وحركته تتكامل مع الموقفين السعودي والمصري 

عبدالرحمن قنديل

دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان النواب إلى “الاسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسيّ، والتلاقي والحوار والنقاش الشفاف الصادق، للوصول إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، وطي هذا الملف”، معتبراً أن “انتخاب رئيس للجمهورية ليس هو كل الحل، بل مدخل إلى حل المشكلات الأخرى”. وأكد “أننا نريد رئيساً للجمهورية يحترم قسَمَه الدستوريّ في المجلس النيابيّ، لأنَّه يُقسم على الدستور، وعلى اتفاق الطائف، والتزامِه الصلاحيات التي أعطاها له الدستور”.

ولفت الى “عمل كبير يؤدَّى، وجهد شاق جداً يُبذلُ من أجل إعادة الأمور في لبنان إلى الانتظام العامّ، وإلى الحياة الطبيعية”، رافضاَ لبنانَ جديداً، بل “نريد لبنانَ قويّاً بجميع أبنائه، ومواطنيه، وهذا الأمر لن يتم إلا بتضافر جهودنا جميعاً، ونحن مكوِّنٌ أساس للدولة، ومن يحمي النظام في هذه الدولة اللبنانية بالتعاون مع الآخرين المخلصين”. ووصف طروح تغيير النظام في هذه الظروف المأسوية بأنها “مشبوهة”.

واذ شكر كل مساعي اللجنة الخماسية، أمل “أن يتجاوب الداخل اللبناني مع تمنياتها”، متوجهاً الى النواب بالقول: “نحن كلنا معكم، سيروا على بركة الله، واختاروا الأنسب والأحسن والأفضل والأصلح للبنان واللبنانيين”.

المفتي دريان وضع في كلمته الخطوط العريضة لما يمكن أن يكون مدخلاً لإخراج لبنان من محنته، من خلال تأكيده أن المسلمين السنة هم الأساس في لبنان، ولا يمكن لأحد تجاوزهم لأنهم كانوا على الدوام حماة النظام والدولة وليس لدى المسلمين مجموع خارج إطار الدولة اللبنانية، هذا ما كشفه رئيس “المركز الاسلامي للدراسات والاعلام” القاضي الشيخ خلدون عريمط في حديث لـ “لبنان الكبير”، مشيراً إلى أن كلام دريان كان موجهاً إلى النواب عموماً والنواب السنة خصوصاً “لأن المطلوب الآن هو إنتخاب الأصلح والأفضل لرئاسة الجمهورية، بمعنى أن على النواب أن يقدموا ويحسنوا خيارهم بانتخاب رئيس للبنان لأن الوقت لم يعد في صالح البلد شعباً ومؤسسات”.

ولفت عريمط الى أن “خريطة الطريق أو المسلمات التي أراد الاعلان عنها مفتي الجمهورية هي أنّ لا تغيير في النظام في ظل هذا الوضع الذي يعيشه لبنان، أي لا عقد إجتماعي جديد ولا مؤتمر تأسيسي، وإنما التمسك بوثيقة الطائف التي بقدر ما هي صناعة لبنانية من نواب لبنان إنما لها غطاء عربي ودولي وعلى المسؤولين أن يطبقوا وثيقة الطائف بكل بنودها، وفي ظل الهدوء السياسي والاجتماعي ينظر بعد تطبيق الطائف كاملاً إن كانت هناك ثغرات أو ملاحظات تصحح بالتوافق بين اللبنانيين وليس بالمزايدات والصراعات بين الفرقاء السياسيين كما الواقع الذي نعيشه الآن في وقتنا الحاضر”.

وعن دعوة النواب الى الحوار، قال عريمط: “لطالما دعا المفتي دريان إلى التحاور بين الفرقاء السياسيين لإنتخاب رئيس للجمهورية حتى قبل دعوة الرئيس نبيه بري للحوار، فبالنسبة اليه لا يمكن الوصول إلى رئيس للجمهورية من دون الحوار والتوافق بين الفرقاء السياسيين، لذلك دعوة المفتي للحوار مستمرة حتى بعد دعوة بري”.

وأوضح أن دعوة دريان للنواب تتلاقى مع دعوات البطريرك بشارة الراعي والرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الى ضرورة الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، بالاضافة إلى تلاقيها مع المبادرة الخماسية التي يتحرك بموجبها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، مؤكداً أن هناك تواصلاً وتكاملاً بين حركة المفتي والموقفين السعودي والمصري والتلاقي في النظرة إلى الشأن اللبناني.

أضاف عريمط: “إذا كانت دعوة مفتي الجمهورية تتلاقى مع الرئيس بري فهذا لا يعني أنه يؤيد أو يدعم باعتبار أنه ليس فريقاً سياسيّاً أو كتلة سياسية لدعم هذا الفريق السياسي أو ذاك، إنما دور المفتي دريان هو دور وطني وليس طرفاً ضمن المبادرات السياسية والتكتلات السياسية”.

ورأى أن “كلام دريان هو خريطة طريق للنواب اللبنانيين جميعاً بمن فيهم النواب السنة لأن المفتي حريص على الجمهورية وليست له مصالح سياسية أو نيابية أو حتى وزارية، بل المصلحة التي يعنيها هي لبنان الشعب والمؤسسات الأمنية والدستورية وتوطيد العلاقة بين لبنان وأشقائه العرب وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية”.

وذكر بأن “مفتي الجمهورية أشار في أكثر من مناسبة الى أن ما لا يقل عن نصف مليون لبناني مقيم في دول الخليج العربي وهذا الكم من اللبنانيين هو الشريان الاقتصادي للأسر اللبنانية، ولذلك يحرص على أحسن العلاقات مع الأشقاء العرب وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تربطنا بها مصالح إقتصادية وسياسية وإجتماعية تنعكس بالأمن والإستقرار على لبنان ومؤسساته، لا سيما وأن دول الخليج لم تتدخل يوماً في الشأن اللبناني ولم تبنِ ميليشيا أو مربعات أمنية”.

وأعرب عريمط عن إعتقاده أن “كلام دريان هو الخطوة الأولى نحو خروج لبنان من المستنقع الذي يعيش فيه وأوصل البلد إلى ما وصل إليه من إنكفاء وعزلة عربية ودولية وإنهيار إقتصادي وإجتماعي ومالي على كل الصعد”، مشيراً إلى أن “ما أشار إليه دريان هو بتصرف رئيس الجمهورية المقبل ورئيس الحكومة المقبل لأن في ذلك الخطوة الأولى نحو عودة لبنان إلى عافيته ليعود مقصد العرب ومستشفى العرب ونقطة إلتقاء للعرب من خلال التعاون مع الأشقاء العرب وعدم الدخول في المحاور والخلافات الاقليمية”.

شارك المقال