“الحزب” المطعون باريسياً وباسيلياً سيمضي بـ”تصريف الأعمال”

رواند بو ضرغم

لا يُحسد “حزب الله” على وضعيته الرئاسية بعد أن خُذل فرنسياً وطُعن باسيلياً.

فرنسياً، أظهرت جولة المبعوث الفرنسي الخاص جان ايف لودريان فرملةً في دعم الاليزيه لرئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيه وتقدماً لخيار المرشح التوافقي. كما أن حماسة لودريان للحوار الوطني التي نقلها الى الرئيس نبيه بري لدى وصوله، خفت بريقها بعد مشاركته في لقاء اليرزة مع النواب السنة في دارة السفير السعودي وليد بخاري، وحرص قبل مغادرته على استبدال الحوار بالتشاور.

أما باسيلياً، فيمعن رئيس “التيار الوطني الحر” في حشر حليفه “حزب الله” وفي تضييق الخناق الرئاسي عليه، لكي يستسلم ويتراجع عن دعم مرشحه فرنجيه، ومن ثم إجباره على التوافق معه على مرشح ثالث. وفي غضون ذلك، لم يتمكن “حزب الله” بعد من نزع التزام جبران باسيل بفك تقاطعه مع قوى المعارضة، لا بل يستمر رئيس التيار في ابتزاز حليفه باستخدام ورقة جهاد أزعور رئاسياً، وباللامركزية الادارية والمالية الموسعة بداعي الشعبوية المسيحية ومراكمة مصلحته الخاصة على حساب ظهر المقاومة.

ما بين هاتين النارين يقع “حزب الله” حالياً، فهل يطلب من مرشحه الانسحاب من السباق الرئاسي، ويرضخ للضغوط الخارجية، ويقبل بهزيمته السياسية على يد حليفه جبران باسيل بعد أن حصد له المقاعد النيابية؟

مصادر قيادية في الفريق الداعم لفرنجيه تستبعد عبر موقع “لبنان الكبير” أن يقبل “حزب الله” بتظهير صورة أمينه العام مكسوراً في السياسة أمام جبران باسيل بعد أن راكم الانتصارات في وجه العدو الاسرائيلي.

وتجزم هذه المصادر بأن “حزب الله” لم ينتقل الى مرحلة التفاوض على أسماء مرشحين مع باسيل، وخصوصاً أن أي اسم قد يطرحه الأخير لن يكون أفضل من فرنجيه من ناحية عدم الطعن بالمقاومة، وقدرته على اعادة ترميم العلاقات بين القوى السياسية، وبناء الثقة مع العرب والعالم على أساس احترام سيادة الدول.

من ناحية أخرى، ترى مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” أن التخلي عن فرنجيه، بعد لقاء اليرزة والتراجع الفرنسي، بات يُعد انصياعاً ورضوخاً للدول الاقليمية، بينما الواقع هو أن فرنسا هي من كانت قد تبنّت خيار الحزب الرئاسي وليس العكس. فهل سيضعف “حزب الله” اليوم أمام فرنسا ويتخلى عن أوراقه الداخلية في حين أن أوراقه الخارجية تسير وفق قاعدة win win؟

تبالغ القوى “السيادية” في ترويجها لطي صفحة سليمان فرنجيه الرئاسية، وتسليمها بأن “حزب الله” سيتخلى عن مرشحه، فقط لأن الخماسية قررت شطب معادلة فرنجيه – أزعور. الا أن الواقع، فقد توجس “حزب الله” من لقاء اليرزة واستشعر به انخراطاً سعودياً في الاستحقاق الدستوري اللبناني وضغطاً على الفرنسي لتغيير مساره الرئاسي، لذلك لن يستسلم ببساطة عند أول مطب رئاسي.

وتفادياً لأي استثمار خارجي في العهد المقبل في وجه “حزب الله”، يحرص الحزب على تحقيق مواصفاته الرئاسية التي يراها في حليفه سليمان فرنجيه، وهو سيبقى مرشحاً طالما يستمر “حزب الله” في دعمه وثابت الى جانبه، ففي هذه الحال فقط، ستبقى حظوظه مرتفعة حتى ولو خسر دعم كل العالم، لأن لا رئيس من دون موافقة “حزب الله”، والبلاد تستطيع البقاء في تصريف الأعمال الى حين الاقتناع بالحوار سبيلاً للوصول الى التوافق والتسوية.

وعود على بدء، إن “حزب الله” أمام خيارين لا ثالث لهما: إما يتراجع عن دعم فرنجيه ويظهر مهزوماً في وجه باسيل والخماسية، أو يستمر في دعم فرنجيه وتمرير الوقت الى حين التسوية بين الاقليم والداخل… فأيهما أقرب الى طبيعة “حزب الله” السياسية؟

شارك المقال