كلفة “المقاومة”

حسان الرفاعي

درجت العادة على فرض عبارة “جيش وشعب ومقاومة” في متن البيانات الوزاريّة للحكومات بحُجّة أنّ للّبنانيّين الحقّ الطّبيعيّ بمقاومة المحتلّ والمعتدي.

ولأنّ للمقاومة مستلزماتها من تسَلُّحٍ وقتالٍ وشبكات اتّصالات وتمويلٍ وينًى تحتيّة وأنفاق ومعابر وسجون… فقد أصبح كلّ شيءٍ مُباحًا عمليًّا لها، فالجيش والأجهزة الأمنيّة تنسّق معها ولا تعترضها لأنّ هذه المقاومة وُضِعت بمصافّ أساسيّات الوطن.

وفي حين أنّ الجيش والشّعب يخضعان للقوانين، إلّا أنّ المقاومة تبقى بطبيعتها خارج هذه الأُطُر، ما سمح لها بالذّهاب للقتال في سوريا واليمن، من دون أيّ محاسَبة، وهي قد تخلّصت من رفيق الحريري وكلّ مَن يعترض مشروعها، من دون أن يرفّ لها جفنٌ، واجتاحت بيروت سنة 2008، وأعلنته يومًا مجيدًا…

ولأنّ المقاومة تحتاج إلى أدوات الحرب من صواريخ ومتفجّرات تتوجّه إليها الأنظار في انفجار المرفأ، كما في أيّ انفجار كبير يحصل في أماكن سيطرة “المقاومة”.

وعليه، فإنّ مطالبة اللّبنانيّين وأهالي الشُّهَداء برفع الحصانات عن ضُبّاطٍ وموظّفين وسياسيّين، وإن كانت محِقّة، لكنّها، لا يجب أن تغفل عن أنّ كلّ هؤلاء إمّا قد تواطأوا مع المستفيد الأوّل من الامونيوم، وإمّا أنّهم قد غضّوا النّظر خشية تصفيةٍ أو اغتيالٍ، كما حدث لكلّ من اقترب من هذا الملفّ، كلقمان سليم وجوزف بجّاني والعقيد أبو رجيليّ…

في هذه الأثناء، جاع جنودنا بسبب العقوبات على لبنان، وأذِلّ اللّبنانيّون الّذين جعلت منهم المقاومة دروعًا بشريّة في وجه العقوبات، كما ضُرِب كلٌّ من القطاع المصرفيّ والاستشفائيّ والتّعليميّ جرّاء سياسات الممانعة الّتي يتبنّاها مفاخِرًا رمزُ الشّرعيّة اللّبنانيّة.

إنّها أمثلةٌ عن كلفة “المقاومة” المتحكّمة بِرِقابنا وسببٌ أكيدٌ لانهيار الوطن. فهل سنجرؤ على التّصويب على المجرم الأوّل، أم سندخل في لعبة المُماحَكات القانونيّة والقضائيّة والطّائفيّة والسّياسيّة؟

على اللّبنانيّين أن يختاروا!

شارك المقال