سقوط الخيار الثالث وتصعيد سياسي جديد

جورج حايك
جورج حايك

يبدو أن الاستحقاق الرئاسي دخل في نفق مظلم، بعدما توافرت معطيات تشير إلى أن الخيار الثالث الذي حُكي عنه كثيراً خلال زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، سقط أو تمّ اسقاطه، نتيجة تمسّك “حزب الله” بمرشّح الممانعة سليمان فرنجية.

حتماً وصلت الرسالة إلى المعارضة التي تؤكد مصادرها أنها متمسكة أيضاً بمرشّح التقاطع جهاد أزعور، عكس ما أوحى به وزير الاعلام زياد مكاري المحسوب على تيار “المردة” بأن الثابت الوحيد هو ترشيح فرنجية، اما الباقون فيتغيّرون. لذا تلفت مصادر المعارضة إلى أن لا تخلي عن أزعور طالما أن “حزب الله” وحلفاءه مستمرون بفرنجية ولا يقبلون التفاوض ولو بصورة غير مباشرة حول خيار ثالث.

وتشير مصادر ديبلوماسية غربية الى أن كلام لودريان عن استبعاد فرنجية أزعج “الحزب” الذي لم يستسغ مقاربته لمصلحة خيار ثالث، علماً أن لودريان قارب الموضوع الرئاسي هذه المرة انطلاقاً من رؤية اللجنة الخماسية وليست المبادرة الفرنسية التي لم يقتنع “الحزب” حتى اليوم بأنها سقطت.

وتؤكد المصادر نفسها أن الأمور تميل إلى التعقيد والتصعيد بعدما أعاد “الحزب” التمسّك بفرنجية و”تمترست” المعارضة خلف أزعور، وترى انطلاقاً من معطيات أن ظروف وصول قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى قصر بعبدا تبدو غير متوافرة حتى اليوم، وهذا ما جعل الموفد القطري وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي يُفكّر في ارجاء زيارته التي كانت مقررة هذا الأسبوع إلى 5 تشرين الأول المقبل، وهو ما تعتبره المصادر الديبلوماسية تطوّراً سلبيّاً. ويبدو أن القطريين الذين يحملون مشروع تسوية قائمة على الخيار الثالث وتحديداً العماد عون، فضّلوا التشاور مع دول المجموعة الخماسية في نيويورك، قبل زيارة لبنان، وانتظار معطيات جديدة وظروف أفضل، لأنّ موقف “الحزب” وحلفائه لا يبدو مرناً وسيقفل الباب أمام أي تسوية في الوقت الحاضر.

وتعتبر مصادر المعارضة أن “الحزب أخذ من لودريان مسألة الحوار معتبراً أنه تبنى صيغة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهذا أمر غير دقيق، بل تحايل على الحقيقة والواقع، فشكل الحوار غير متفق عليه حتى الآن، ونحن كمعارضة لا نؤمن بشكل الحوار الذي يقترحه بري لأنه مخالف للدستور ويكرّس أعرافاً جديدة”.

وترى المصادر أن “الحزب لا يرى لنفسه مصلحة في تسهيل عملية انتخاب العماد عون أو أي خيار ثالث طالما لم يلمس أي عروض دولية أو اقليمية تغريه، فالفرنسيون فقدوا زمام التحكّم باللعبة بعدما كانوا يدعمون مرشّحه ثم تراجعوا تحت ضغوط اللجنة الخماسية، والسعوديون لم يشعروا بأي تغيير في أداء الحزب على أرض الواقع في الهيمنة على القرار الرسمي اللبناني ونشاطاته العسكرية في الاقليم وما بثّته قناة العربية من تحقيق مصوّر عن انشاء الحزب مطاراً في جنوب لبنان إلا تأكيداً على عدم رضى سعودي من الحزب”. والولايات المتحدة لم تبد أي اهتمام خاص بالملف الرئاسي خارجاً عن مبادرة اللجنة الخماسية، فيما قطر ومصر تروّجان لقائد الجيش من دون عروض تغري “الحزب”.

لا شك في أن الأمور تتجه إلى التصعيد والمواجهة السياسية، لأن الأمور عادت إلى المربع الأول، وعلم موقع “لبنان الكبير” من قطب سياسي كبير أن الأمور “مطوّلة” على الرغم من أن الحراك السياسي الخارجي ناشط، إلا أن هذا لا يكفي، ما لم يحصل تليين للمواقف ويقتنع “حزب الله” بمرشح توافقي أو خيار ثالث فعلي.

ويلفت القطب إلى أن “زيارة الموفد القطري قد تحمل بعض المخارج، لأن القطريين مقتنعون بأن الحوار الذي يروّج له بري لن يُكتب له النجاح، ولديهم رؤية أخرى للحوار، وربما تسبق زيارة لودريان إلى لبنان القطريين، فيعمل على إزالة الألغام أمام حوارات ثنائية وثلاثية في إطار الجلسات المفتوحة داخل المجلس النيابي لا طاولة حوار وطني محكومة بالفشل وتتجاوز الدستور كما يروّج لها بري ويريدها حزب الله لإخضاع فريق المعارضة”. علماً أن ما طرحه لودريان في ختام جولته الأخيرة هي جلسة نقاش لا حوار، إلا أنها بقيت غير واضحة المعالم.

لا تضع المعارضة أي عوائق أمام التفاهم على مرشح ثالث ولا تحصر ذلك بشخص العماد جوزيف عون، بل هي منفتحة على أسماء أخرى تتوافر فيها المواصفات التي وضعتها اللجنة الخماسية، وتوضح مصادرها أن “الحزب يرفض ضمناً المواصفات والمعايير التي تضعها اللجنة الخماسية، إلا أنه لا يُعلن عن ذلك صراحة، وهذا ما يعني أن التصعيد مستمر، على الرغم من علمه بأن وصول فرنجية أصبح مستحيلاً”.

ولا تستبعد مصادر ديبلوماسية غربية إذا بقيت المراوحة في الملف الرئاسي اللبناني المؤدية إلى الشغور بأن تنتقل الدول إلى تحميل المسؤولية للمعطّلين وربما فرض عقوبات، لأن تمسّك أحزاب الممانعة بمرشّح واحد، عكس اتجاه اللجنة الخماسية، يُجافي المنطق ويمنع الحلول على طريقة “مرشحنا أو الشغور”.

شارك المقال