جبران والطاولة المستديرة

الراجح
الراجح

خلال حفل إطلاق الولاية الجديدة لرئاسة التيار، دعا جبران باسيل إلى “حوار حقيقي، وإلا لن نشارك فيه”. والأهم أنه أشار إلى أن الحوار يجب ألا يكون تقليديّاً، وبالضرورة أن يكون “خارج طاولة مستديرة” حيث يوجد “رئيس ومرؤوس”. هذا الاكتشاف العلمي الجديد لا يجب أن يمرَّ مرور الكرام.

فحين نمعن النظر في النتائج البعيدة المتضمَّنة في المواقف السياسية للنابغة الباسيليّ وفي سخريَّتِه الاجتماعية ومعارضته لخرق الدستور، نستنتج أن الشَّعب اللبناني بحاجةٍ ماسةٍ إلى حداثة العقل والعلم والتقّدم، وحتى الثَّورة، لفهم هذا الاكتشاف الباسيلي الذي لم يسبقْه إليه أحد. عفواً إنه استنتاج أرخميدسي أفاقنا من سباتنا العميق لنكتشف ونستنتج أن الطاولة المستديرة يجلس حولها رئيس ومرؤوس، وهذا ما يجب رفضه بالمطلق!

(يا جبران، إذا بتحب العلي القدير، الطاولة المستديرة وُجِدَت كي لا يكون حولها رئيس ومرؤوس) ولأن مشكلة الشعب اللبناني السياسية والاقتصادية لا علاقة للتيار ولا للعهد القوي بها، وللقضاء على سوء التغذية عند فقراء لبنان عليهم تناول كمية كافية من اللحم وبيض السمك (الكافيار) والدجاج وتناول الفواكه، وخصوصاً تلك المليئة بفيتامينات الثورة على اتفاق الطائف وبالعقل العلمي والتقدم والتحديث – وهذا ما يتوافر لهم باللاّمركزية الادارية والمالية الموسعة، وفي حالة العجز من الصندوق السيادي. أما في المجال الصحي، فستتوافر لهم لدى مراكز بلديات اللاّمركزية الادارية كتب التداوي بالأعشاب، وستفيد بعضهم كأفراد… وتبعدهم عن كتب التداوي بالإصلاح والتغيير.

لا بد من الاشارة إلى أن اكتشاف جبران للطاولة المستديرة لا علاقة له بأية أفكار مستوردة بل نتج عن فائض من المعلومات تتفوق على معلومات الأرسوزي و”ماية حرف من الميثاق” لجمال عبد الناصر أو المنطلقات النظرية لـ”البعث”، وبتفوق لا يقاس عن كل أطروحات زكي نجيب محمود وأين منها “كتاب النزعات المادية” لحسين مروِّه. وهذا الاكتشاف تجاوزٌ لكتاب “في التناقض” لمهدي عامل وأثمن بكثير من كتاب “العرب والفكر التاريخي” لعبد الله العروي؛ وكي لا ننسى أحداً، لا بدّ من التّأكيد أن اكتشاف جبران أهم من كل مؤلفات لينين المترجمة إلى العربية بحيث تبدو هشة أمام هذا المفكر والقائد المُجَدَّد له ولاية جديدة على رأس التيار. وكي ننتهي لا بد من إضافة بسيطة تتعلق بكتاب الجمالي “عربي يفكر” حيث يمكن تغيير العنوان إلى “مفكر عبقري من بلدي”، ولا ضرورة للقول ان الاكتشاف المتعلق بالطاولة المستديرة يجعلنا نبحث عن كتاب سمير أمين “أزمة المجتمع العربي” – انتهى.

شارك المقال