البطريركية المارونية تنقلب على الانقلاب!

جورج حايك
جورج حايك

ثمة تغيير في لهجة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلال جولته في أستراليا، يبدو أنها فاجأت بعض القوى السياسية ولا سيما المعطّلون أي الثنائي الشيعي متوجهاً اليه: “نعرف المُعطّلين من أي جهة، وكمسيحيّ أسأل كيف تعطّلون الدور المسيحي في لبنان؟ ولماذا تهميش العنصر الماروني؟”.

وتقول مصادر البطريركية المارونية: “إن البطريرك يشعر أن هناك انقلاباً على الدستور ينفذّه هؤلاء المعطّلون، والهدف ابقاء الشغور في الموقع الرئاسي الماروني، واستهداف للمسيحيين في موقعهم الأول في الجمهورية والموقع الوحيد على مستوى العالم العربي، وهؤلاء علّقوا العمل بالدستور ويطيّرون النصاب ولا يدعون إلى جلسات ويرفضون الالتزام بآلية الانتخاب التي تنصّ على دورات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس، وهذا ما يتنافى مع أبسط شروط الديموقراطية”.

ولا يختلف اثنان على أن هذا الكلام موجّه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدرجة الأولى، وتلفت المصادر الى “أننا لا ننكر أن البطريرك أبدى كل مرونة مع الرئيس بري، وأرسل اليه موفدين وشجعه على الحوار، إلا أن الأخير يتمسّك بشكل معيّن للحوار لا يرضي كل القوى السياسية، من هنا تبادرنا شكوك حول الهدف من صيغة هذا الحوار”.

وتؤكد مصادر البطريركية “يبدو أن هناك اختلافاً حول شكل هذا الحوار، وما قصده البطريرك من كلامه عن الحوار، أحب أن يفهمه البعض كما يحلو له، لأن الراعي قصد حواراً بالتصويت!”.

ونسأل ماذا يعني حوار بالتصويت؟ وما شكله؟ تجيب المصادر: “حتماً لا يمكن أن يطرح البطريرك ما هو مخالف للدستور، بل على العكس يحترم الطرق الدستورية وهدفه المحافظة عليها، وما يقترحه يقضي بعقد جلسات مفتوحة يتنافس فيها مرشحان أو ثلاثة، إذا لم نصل إلى نتيجة، تحصل جلسات حوار أو تشاور ضمن العملية الانتخابية لتقريب وجهات النظر، وهذا ما يحصل عادة في جلسات انتخاب قداسة البابا”.

في الواقع، لا يدخل الراعي في اللعبة الطائفية، وتشير المصادر إلى أنه عندما يتحدث عن استهداف الموقع المسيحي الأول في الجمهورية، ليس هدفه طائفياً إنما يريد رئاسة جمهورية تشكل رأس حربة في الدفاع عن الجمهورية اللبنانية وحقّ اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، بالعيش في كنف دولة حضارية موصولة بالعالم الحديث وليس منقطعة عنه.

وتؤكد المعلومات أن البطريرك الماروني سيكون طوال شهر كامل خارج لبنان، وبالتالي سيتابع التطورات السياسية وخصوصاً في الشأن الرئاسي من الدول التي سيزورها، ومن المتوقع أن تكون لديه لقاءات سياسية في الدول التي ستستضيفه، إضافة إلى لقاءات مع المغتربين الفاعلين في بلدانهم. لكن تعتبر مصادر البطريركية أن الأنظار ستكون موجهة إلى اللقاء الذي سيجري اليوم بين البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مرسيليا، وما له من انعكاسات على لبنان رئاسياً، لأن كليهما مهتمان بالقضية اللبنانية ويضعانها في سلّم أولوياتهما، وقد تكون لديهما أفكار جديدة في الملف الرئاسي، ولدى البطريرك الراعي قناعة بأن هناك وسائل اعلام تسيء إلى فرنسا والرئيس ماكرون عبر وضعه في خانة الداعم لمرشّح على مرشّح آخر، وهو سمع من ماكرون شخصياً أنّ الحديث عن دعم فرنسي لسليمان فرنجيّة مجرّد اتّهام.

لا مبادرات جديدة للبطريرك الراعي، وفق المصادر، فهو قدّم ما لديه ولم يلمس أي استجابة، ويثني على الاهتمام الدولي بالانتخابات الرئاسية من خلال اللجنة الخماسية، إلا أنه يعلم أن ساعة الانتخاب لم تحدد بعد، فالداخل اللبناني ينتظر القرار الخارجي الذي لم يأتِ بعد، وربما يطول بسبب التباينات بين الدول المعنية بلبنان.

ولا شك في أن الاعتماد على الخارج يُزعج البطريرك، ويزعجه أكثر تحايل القوى السياسية المعطّلة للدستور، لذلك تبدو مواقفه من الخارج تصعيدية تلتقي مع قوى المعارضة وتريحها، بل تشكّل انقلاباً على انقلاب الثنائي الشيعي بطرحه الحواري المخالف للدستور، وكان لا بد من أن يكون رد البطريرك الماروني مزلزلاً على من حرّف عظته الداعية إلى حوار في إطار دورات متتالية حتى انتخاب رئيس، وأخذها إلى مكان آخر تخدم انتخاب رئيس للممانعة وليس للبنانيين.

شارك المقال