هل يكون فرنجية صانع الرئيس؟

صلاح تقي الدين

تشير المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مقربة من الثنائي الشيعي كما من مصادر في قوى المعارضة، الى أن الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني الذي وصل إلى بيروت وسيبدأ جولته على القيادات السياسية اعتباراً من اليوم، يحمل تفويضاً أميركياً صلباً مدعوماً من المملكة العربية السعودية مفاده أن لا إمكان لوصول رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، وأن قائد الجيش العماد جوزيف عون هو المفضل لديهم لانتخابه رئيساً عتيداً للجمهورية اللبنانية.

وفي هذا الاطار، كشف مصدر مقرب من الثنائي الشيعي أن المرشح الوحيد لديه لغاية هذه اللحظة هو فرنجية، غير أن عدم وصول المفاوضات مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إلى نتيجة إيجابية، ستجعل الثنائي يتخذ القرار الذي يعتبر أنه يصب لصالحه من دون الأخذ في الاعتبار موقف باسيل، حتى لو كان هذا الخيار الجنوح نحو انتخاب قائد الجيش رئيساً.

ويبدو أن الموفد القطري الذي يتحرك هذه المرة بتفويض كامل من “الخماسية”، أو بالتحديد من دول اللجنة كافة باستثناء فرنسا، لن يخفي حقيقة مهمته وهي الدفع باتجاه انتخاب قائد الجيش رئيساً، خصوصاً أن واشنطن على وشك إعلان موقفها المؤيد لهذا الطرح، وأن الرياض سبق لها أن أبلغت ممثلي الدول المشاركة في “الخماسية” أنها لا تريد وصول فرنجية إلى بعبدا.

وقال المصدر المقرب من المعارضة: “ان المملكة العربية السعودية لم تغيّر موقفها المعلن منذ بداية أزمة الشغور الرئاسي، بأن لا فيتو لديها على أي اسم وأنها لا تتدخل في شأن تعتبره شأناً لبنانياً داخلياً، وإذا صحت المعلومات حول وصول الرياض إلى قناعة بعدم تأييد انتخاب فرنجية رئيساً، فإن ذلك يعتبر تطوراً مهماً في الموقف السعودي الذي أصبح أكثر وضوحاً”.

وشدّد المصدر المعارض على أن المرشح الذي لا يزال يحظى لغاية الآن بتأييد قوى المعارضة هو وزير المال السابق جهاد أزعور، إذا استمر الثنائي الشيعي في دعم فرنجية، لكن الأيام القليلة المقبلة ستشهد اتصالات كثيفة بين أركان هذه القوى خصوصاً بعد اجتماعها إلى الموفد القطري لتبيان حقيقة الموقف المستجد للسعودية والولايات المتحدة الأميركية.

وعما إذا كانت المعارضة في وارد القبول بعون رئيساً، أكّد المصدر أن اسم قائد الجيش كان مطروحاً في المباحثات بين قوى المعارضة منذ البداية، وأن اللائحة الثلاثية التي اقترحها رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط تضمنت اسم عون، كما أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع سبق له أن أعلن موقفاً إيجابياً من عون وكذلك فعل رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل.

لكن المصدر المقرب من الثنائي الشيعي عاد وأكد أن انتخاب قائد الجيش يحتاج إلى تعديل دستوري ما لم يتمكن من الحصول على 86 صوتاً لانتخابه رئيساً، وأن الدعوة إلى الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتي لا يزال يتمسك بها، ولن تشمل مواضيع غير رئاسة الجمهورية، يمكن أن تشهد نقاشاً حول اسم قائد الجيش كمرشح توافقي. الا أنه شدد على أن الثنائي لن يبحث في أي احتمال آخر ما لم يعلن فرنجية شخصياً تراجعه عن الترشيح، لذلك يبقى السؤال: هل يفعلها سليمان فرنجية ويعلن انسحابه من السباق الرئاسي لصالح ترشيح قائد الجيش؟

إن خطوة كبيرة مثل هذه الخطوة قد تقع في صالح فرنجية لتعزيز صورته كرجل دولة يقدّم المصلحة العامة للوطن على مصلحته الشخصية، وقد تكون بمثابة “إكسير” الحياة للبنان الذي لم يعد يحتمل كدولة ومؤسسات استمرار الفراغ والانهيار الذي وقع فيه، وقد يجعله ليس صانعاً للرئيس العتيد وحسب، بل قد يضعه في مقدمة المؤهلين بعد ست سنوات لتبوؤ الرئاسة.

من الناحية السياسية، يلتقي المصدران على أن إعلان فرنجية انسحابه من السباق الرئاسي لصالح العماد عون، سيكون بمثابة ضربة قاسية وموجعة لجبران باسيل، وهما سيعتبران ذلك بمثابة انتصار لكلا الفريقين، خصوصاً بعد كلام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي وضع بري في خانة “العدو” الذي يجابهه في معركة رئاسة الجمهورية.

إن السيناريوهات المتداولة حول الرئاسة قد تنقشع خلال الأيام القليلة المقبلة بعد الجولة التي ينوي الموفد القطري القيام بها على القيادات السياسية، ومن شرب البحر لن يغص بالساقية، بمعنى أن من انتظر سنة على الفراغ الرئاسي، يمكنه انتظار أيام قليلة لمعرفة مسار الأمور، فعسى الله أن يقدّم خيراً.

شارك المقال