أسد متهالك في بلد النمور

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

أطلب الشرعية ولو من الصين. ما عادت المسافات بعيدة. أبعد نقطة على الأرض تبلغها في الطائرة بساعات. ليس المهم هنا تفاصيل صغيرة مثل البروتوكولات وجوقة النشيد الوطني. المجاملات لها لغتها الخاصة ولا تميز بين دولة عظمى ودويلة منهوشة. القمة بين إثنين متساويين، يفترض، بين رئيس جمهورية الصين الشعبية، الشاسعة مساحة وسكاناً وقدرات، ورئيس الجمهورية العربية السورية، المتوسطة الحجم والقدرات أصلاً قبل أن تتلاشى قدراتها في حرب النظام على المواطنين.

لم نعرف ما اذا كان الرئيس بشار الأسد أصيب بـ”دوار السماء” أو غثيان، بسبب ندرة سفراته خارج “سوريا الصغرى” التي أمكنه الحفاظ عليها بفضل الطيران الروسي والمشاة الايرانيين.

الصين هذه الأيام تتصدر الساحة أكثر فأكثر، باعتبارها الأقوى شرقاً، ليس لأنها فعلاً صارت الأقوى، بل لأن الشرقي الأقوى الأصلي، روسيا، تمرغ عنفوانه في الوحل الأوكراني، إذ لاحق أوهاماً قيصرية فخسر الهيبة وصار يفلفش في أوراق ترسانته السوفياتية.

حاكم “سوريا الصغرى” يتمنى الحصول على الكثير من الصين، ويمكن أن يكتفي بالصورة: بشار الأسد وشي جينبينغ جنباً الى جنب، تزيد من قوة شرعيته بعد صورته في القمة العربية، خصوصاً بعدما صارت المصالح الروسية والايرانية عبئاً ثقيلاً على البلاد تسهم في إفقار الناس أكثر وتلهب حرب لقمة العيش وتطلق موجات من النازحين.

لا تتسع “سوريا الصغرى” لقدم كبيرة جديدة، إذ هي اليوم مجرد جبهة روسية بعيدة في حرب أوكرانيا، وواجهة إيرانية في حروب النفوذ الإقليمي.

ثم نسمع: التوقيع على “شراكة استراتيجية” بين الصين العظمى وسوريا الصغرى. شراكة على أيه؟ ما الذي بقي لدى الأسد ليقدمه، بل هل مسموح له أن يقدم شيئاً مما لديه؟ وما الذي تريده الصين من أسد متهالك وهي التي تحرص على التعامل مع “نمور شابة”؟

شارك المقال