“نحلم ونحقق”… يختصر صعود الرياضة السعودية عالميّاً

عبدالرحمن قنديل

العيد الوطني السعودي هذه السنة هو عيد له نكهة خاصة على المستوى الرياضي في المملكة العربية السعودية، التي استطاعت في السنوات الأخيرة تغيير توجهات الشباب في قطاع الرياضة إن كان على صعيد المملكة، أو حتى على صعيد العالم العربي ككل من خلال الثورة التي غيّرت مجرى الرياضة في العالم من خلال استقطاب أهم اللاعبين عالمياً إلى ديارها ما حوّل الأنظار إليها وجعلها هي “الحدث” على المستوى الرياضي.

الداعم الأكبر والأبرز للتحولات التي برزت في هذا الملف وتوجت في مطلع العام 2023، هو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من خلال رؤيته 2030، فمع صعود نجم الأمير الشاب صاحب رؤية شابة برزت هناك خطة إستراتيجية محكمة، قوامها أن الرياضة السعودية هي بوصلة العالم وكانت بوابتها الكلام بلغة الشباب وتطلعاتهم من خلال استقطابهم إلى الرياضة السعودية كما إستقطاب النجوم الذين لطالما كانوا يشكلون محور متابعة وانقسام على صعيد العالم بين من هو الأفضل والأكمل في ما بينهم.

وكان ما قاله ولي العهد السعودي في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأميركية: “اننا نعمل كي تسهم الرياضة في 1.5 في المئة من الناتج المحلي قريباً، لا نمانع تطوير قطاع الرياضة كما أنه أصبح فاعلاً في العوائد الاقتصادية” دليلاً واضحاً على أن حدود الرياضة في السعودية نجمها سيكون عالمياً لا حدود له في خطى واضحة لتطوير قطاعات الرياضة والترفيه والثقافة، والمملكة الأسرع نمواً حالياً في جميع القطاعات، وتفعيل الاقتصاد يتطلب العمل فيها.

وكانت سوق الانتقالات داخل المملكة هي شرارة الانطلاقة، التي بدأت مع إعلان نادي النصر السعودي تعاقده مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الفائز بجائزة الكرة الذهبية 5 مرات حتى العام 2025، بعد فسخ عقده مع مانشستر يونايتد في تشرين الثاني الماضي، وقال حينها رئيس النادي مسلي آل معمر إن “هذه الصفقة أكبر من كتابة فصل تاريخي جديد، هذا اللاعب مثال أعلى لجميع الرياضيين والشباب على مستوى العالم، وبوجوده في النصر سنمضي قدماً لتحقيق المزيد من النجاحات للنادي والرياضة السعودية والأجيال القادمة”.

شكلت هذه الصفقة صدمة إيجابية للوطن العربي وللشباب السعودي خصوصاً وسط استبعاد الشباب العربي حينها من استطاعة النادي أن يحسم صفقة رونالدو، ما جعل الموازين الرياضية تختلف في العالم وتتحول إلى التركيز على المملكة العربية السعودية وأصبح هناك سؤال قادم لا محالة وهو ماذا بعد رونالدو؟ بالاضافة إلى التساؤلات حول قيمة الصفقة المالية المرتفعة أو مدى الافادة التي سيجنيها نادي النصر والسعودية منها؟

ولكن المملكة لم تتوقف عند رونالدو، بل أثبتت أن حدودها الرياضية أبعد ولا يمكن حصرها ضمن حد معين، لذلك أصبحت رقماً صعباً ضمن المعادلة الرياضية عالمياً لا يمكن تخطيه أو تجاهله، بل تحولت أخبار الرياضة السعودية إلى مادة جذابة لاستقطاب المتابع إن كان على صعيد العالم أم على صعيد الوطن العربي، ما شكل حالة توازن بين الجوري السعودي ودوريات أوروبا التي لطالما كانت عامل جذب واستقطاب لمشاهدي الرياضة.

كان لافتاً الاندماج السريع لرونالدو والتأقلم في حياته داخل السعودية، واصفاً السعوديين بأنهم شعب محب للحياة. وعبّر عن سعادته هو وعائلته في العيش فيها، وربما تفاعله وقيامه بالعرضة السعودية خير دليل على أنه في بلده الثاني وسط مجتمع ليس غريباً عنه ولا هم غريبون عنه، فضلاً عن الاندماج بينه وبين زملائه اللاعبين واستقبال فريق النصر السعودي العارم في شوارع طهران حيث حظيا بحفاوة بالغة خصوصاً من الأطفال الذين كانوا يرتدون قميص نادي النصر حاملين صور رونالدو، وهذا المشهد كان خير دليل على ظهوره كسفير لكرة القدم السعودية عالمياً وذلك من خلال مهمته كسفير لها في اليابان بالاضافة إلى أنه رمز لثورتها على صعيد الانتقالات الدولية.

سوق الانتقالات السعودية لم تتوقف بل استمرت في استقطاباتها، فكان النجم البرازيلي نيمار والنجم الفرنسي ذو الأصول الجزائرية كريم بنزيما سيدي الانتقالات الصيفية لكل من فريق الهلال وفريق إتحاد جدة السعودي، بالاضافة إلى إنضمام النجم الجزائري رياض محرز إلى نادي الأهلي السعودي وانضمام اللاعب السنغالي ساديو ماني للنصر السعودي.

مع نجاح السعودية في جذب عدد من اللاعبين العالميين الى الاحتراف في أنديتها خلال الموسم الحالي، حرص العديد من هؤلاء المحترفين على التعبير عن اندماجهم مع الثقافة السعودية، وبرز ذلك من خلال ظهور أكثر من نجم عالمي مرتدياً الزي السعودي، وهو ما فعله على سبيل المثال رونالدو الذي لم يكتفِ بارتداء الجلباب، بل تعلم أيضاً رقصة العرضة السعودية الشهيرة. كما ظهر بنزيما لاعب اتحاد جدة مرتدياً الجلباب في حفل قرعة كأس العالم للأندية، إضافة إلى النجم ساديو ماني.

سنة 2023 هي سنة الرياضة وبالأخص كرة القدم في المملكة والتي جعلت أنظار العالم كلها تنصب على الدوري السعودي وسوق إنتقالاته والنقلة النوعية التي زلزلت الرياضة على المستوى العالمي، ما جعل السعودية قبلة الشباب رياضيّاً، فشعار “نحلم ونحقق” للعيد الوطني السعودي هذه السنة هو عنوان معبّر يختصر الصعود الرياضي للعالمية في المملكة لتكون رقماً صاعداً على المستوى الرياضي كما على باقي المستويات.

شارك المقال