المرأة السعودية… شريكة فاعلة في القيادة ونموذج للتميز

راما الجراح

لطالما كانت المرأة السعودية عنصراً أصيلاً في بناء الوطن، وشريكاً فاعلاً في رفعته ونمائه، ومكوّناً كامل الأهليّة. نالت مواقع مشرّفة، وحققت نجاحات نوعية تباينت في مجالات عدة، حتى توّجت الرياض “عاصمة للمرأة العربية” عام 2020 مع ترأسها الدورة 39 لاجتماع لجنة المرأة العربية. وجاءت رؤية 2030 لتلعب المرأة فيها محوراً أساسياً من خلال استراتيجية التنمية للمملكة العربية السعودية، حيث زاد عدد النساء في المناصب الادارية بصورة ملحوظة خلال العقد الماضي، وطبقت المملكة مؤخراً إصلاحات جديدة تسهم في تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، لتكون عاملاً مساعداً في مسيرة التطور ودعم عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لتتعدى إنجازاتها العالمية، وتصبح مثالاً مشرفاً يحتذى به في العالم العربي والاسلامي، وعلى المستوى الدولي.

لم يكن تعيين أول امرأة سعودية في منصب مساعد رئيس مجلس الشورى، نابعاً من توجهات شكلية، بل تتويج لمسيرة حافلة بالعطاء والانجازات. واعترف تقرير البنك الدولي “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2020” بالمملكة العربية السعودية كأفضل دولة مطبقة للإصلاحات المتعلقة بهذه الشؤون على مستوى العالم، حيث قامت بإصلاحات تاريخية لتعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية، والسماح بحرية السفر والتنقل للنساء فوق سن الـ21 عاماً. وتبوأت المرأة مكاناً يليق بها من توليها مناصب سياسية، ومشاركتها الفاعلة في مجلس الشورى والمجال الأمني، كما دخلت انتخابات المجالس البلدية، ولم يقتصر دورها على تلك الأدوار بل تعداه الى توليها لأول مرة في المملكة منصب “سفير”.

المرأة على لسان قادة السعودية

للمرأة تاريخ حافل في المملكة، وكان معروفاً عن المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود في عزوته الشهيرة “أنا أخو نورة”. وذكر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المرأة وأهمية تعليمها في خطاباته. وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في خطابة السنوي لمجلس الشورى ١٤٢٦هـ : “قررنا مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضواً اعتباراً من الدورة القادمة وفقاً لضوابط الشريعة… نحن نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي”. ومن أشهر تصريحاته “المرأة هي أمي، هي أختي، هي زوجتي، أنا مخلوق من المرأة”.

وحضرت المرأة في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وقال: “إن المرأة هي مصدر التطور لأي مجتمع، فمن غير نساء ممكنات يصعب إصلاح المجتمعات، حيث إن المرأة هي نصف المجتمع وهن مربيات الأجيال، وقد أثبتت عبر التاريخ دورها البارز والفاعل في قيادة التغيير وصنع القرار”. وبرز دور المرأة أكثر قولاً وفعلاً في تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: “أنا أدعم السعودية، ونصف السعودية من النساء؛ لذا أنا أدعم النساء”، كما قال في تصريح آخر: “تمكين المرأة والشباب محوران أساسيان لتحقيق النمو المستدام”.

مكاسب ورؤية 2030

مكاسب عديدة حصلت عليها المرأة السعودية في ظل رؤية الأمير محمد بن سلمان، في الفترة من 2016 وحتى 2020 ارتفعت مشاركتها في سوق العمل بصورة مستمرة وحققت ارتفاعاً بنسبة 13.9%، إذ زادت مشاركتها من 19.3% في 2016 إلى 33.2% في 2020 لتحقق بذلك أكبر معدل مشاركة لها في سوق العمل منذ بدء عمل المرأة في المملكة.

وأسهمت رؤية المملكة 2030 في تعزيز مكانة المرأة وحصولها على مزيد من الحقوق عن طريق التمكين على الصعيد الوطني والدولي، ما أتاح لها القيام بدور مهم في التنمية، بحيث أمر الملك سلمان في 26 أيلول 2017م بإصدار رخص قيادة المرأة للسيارات، وبدأ التنفيذ في 24/ 6/ 2018.

وأوضح تقرير الهيئة العامة للاحصاء أن نسبة الإناث من 15 – 64 سنة بالنسبة الى إجمالي الإناث في المملكة ضمن متوسط النساء اللاتي في سن العمل في دول مجموعة العشرين. وتعتبر رياضة المشي الأكثر تفضيلاً بين السعوديات بنسبة 82.5%، كذلك تشكل المشتغلات السعوديات في سوق العمل ما نسبته 35% من إجمالي المشتغلين السعوديين، فيما بلغت نسبة مشاركة المرأة خلال الربع الثاني من العام 2022، 32.9% وهو ما يفوق مستهدف الرؤية للعام 2025 والبالغ 30%.

وفي تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، جاءت السعودية الدولة الأعلى زيادة في العالم على صعيد مشاركة المرأة في القوى العاملة، بحيث ارتفعت نسبة مشاركتها من 20.5 في المئة في 2019 لتصل في 2022 إلى 33.6 في المئة، وهي أعلى نسبة زيادة شهدتها المملكة في مشاركة المرأة.

المناصب القيادية

على صعيد المناصب القيادية، عيّنت الدكتورة حنان الأحمدي بأمر ملكي في تشرين الأول 2020 مساعداً لرئيس مجلس الشورى كأول امرأة سعودية في هذا المنصب. كما صدر أمر ملكي في تموز 2022 بتعيين الأميرة هيفاء بنت محمد بن سعود بن خالد آل عبد الرحمن آل سعود نائباً لوزير السياحة بالمرتبة الممتازة، والشيهانة بنت صالح العزاز نائباً للأمين العام لمجلس الوزراء بالمرتبة الممتازة. وفي أيلول 2022 تم بأمر ملكي تعيين الدكتورة هلا بنت مزيد بن محمد التويجري رئيساً لهيئة حقوق الانسان بمرتبة وزير، بالاضافة إلى تمثيل سفيرات سعوديات لوطنهم في كل من واشنطن، فنلندا، النروج والسويد.

مجال التحول الرقمي

مع التحول الرقمي نتجت أيضاً تحديات أخرى مثل حماية البيانات والمعلومات على الفضاء السيبراني وحماية الطفل. وتشاطر المملكة تالعالم همومها وبطريقة فاعلة من خلال المبادرات. فمثلاً أطلق ولي العهد عام 2020 مبادرتين مهمتين جداً، الأولى كانت عن حماية الطفل في الفضاء السيبراني، والثانية عن تمكين المرأة في مجال الفضاء السيبراني. وفاز 20 فريقاً في مجال تحدي الأمن السيبراني و30 في المئة من الفرق الفائزة كانت من النساء. وبلغ عدد السعوديات العاملات في مجال الأمن السيبراني 22 في المئة في 2021، وبعد عام فقط ارتفع إلى 27 في المئة، وهذه نتيجة جهود حثيثة في التدريب، فمثلاً بلغ عدد المتدربات في برنامج سايبر- بروبلس CyberProPlus التابع للهيئة الوطنية للأمن السيبراني 55 في المئة. وتتماشى هذه الجهود مع الاهتمامات الجارية الآن والتي يجب أن تنتبه اليها جميع الدول في أن تكون المرأة حاضرة.

مجالات جديدة لعمل المرأة

تستمر مكاسب المرأة في ظل رؤية المملكة 2030، بحيث رفع الحظر عن دخول النساء وظائف عدة في مؤسسات الدولة، من الأمن والجيش والحرس الوطني، وصولاً إلى وزارة العدل التي عينت كاتبات عدل للمرة الأولى، والمطارات، التي شهدت تولي مراقبات جويات تسيير حركة الملاحة، ما أدى إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 31.4%.

حقوق حصلت عليها المرأة

في ظل رؤية الأمير محمد بن سلمان حصلت المرأة في السعودية على عدة حقوق إضافية، ففي 26 أيلول 2017، أصدر الملك سلمان أمراً سامياً بالسماح بإصدار رخص قيادة للسيارات للنساء في السعودية، وفي كانون الثاني 2018 تم السماح ولأول مرة بدخول العائلات الى الملاعب. وفي العام 2019 وافق مجلس الوزراء على تخفيف قيود مفروضة على المرأة السعودية بما يسمى “قوانين الوصاية”، وأنهى شرط الحصول على إذن ولي أمرها – الذي عادة يكون الزوج، الأب، الابن، الأخ – في مسائل العمل والشؤون المالية والقانونية والصحية وشؤونها الحياتية كافة.

وتسمح المراسيم الأخرى التي شملها التعديل بتقديم المرأة طلباً للحصول على جواز السفر وتسجيل الزواج أو الطلاق أو ولادة طفل، وإصدار وثائق أسرية رسمية، ما أدى إلى تخفيف العقبات التي تواجهها النساء في الحصول على بطاقة هوية وطنية. كذلك، يمكن للأب أو الأم أن يكونا وصيين قانونيين على أطفالهما، وبموجب القواعد الجديدة، تتمكن المرأة السعودية من السفر إلى الخارج من دون الحاجة إلى الحصول على موافقة ولي أمرها من الذكور.

اذاً، نستنتج أن مشاركة المرأة وتفعيل دورها أضاف تميزاً الى النمط القيادي المطلوب في القرن الواحد والعشرين، وهدف رؤية 2030 لتحقيق المزيد من الازدهار والتقدم تتسع أكثر فأكثر، وأثبتت المرأة السعودية أن لها دوراً ريادياً في بناء النهضة الاقتصادية، من خلال مشاركة مستدامة، كونها شريكاً أساسياً في بناء قدرات الوطن وتعزيزها وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

شارك المقال