لا تصدقوا… لبنان في سلم أولوياتهم!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

سكتت السياسة في الداخل، فلا كلام مباح خارج عن الرأي والتحليل والتحذير، وتسلمت الديبلوماسيات الدفة بقوة، ليس لتقديم حل أصبح وراء الباب، انما ليقينها بأن البلد قاصر عن اجتراح الحلول وسلوك طريق الانقاذ.

على خطين يعلق اللبنانيون آمالهم في ايجاد الحل: الأول سعودي – ايراني والثاني أميركي – ايراني، وايران هي الدولة المشتركة التي تدخل في الاتفاقين، لكن ديبلوماسيتها غير ناشطة في الشأن اللبناني على عكس الرياض وواشنطن والزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان أجابت بوضوح عن مسألة عدم التدخل الايراني في ملف الرئاسة اللبنانية، فما هو تفسير هذا السلوك؟

تقول مصادر مقربة من طهران لموقع “لبنان الكبير”: “ان التوافق السعودي – الايراني هدف في أولوياته الى تخفيف حدة التوتر في المنطقة وبدأ يتفعل منذ عدة شهور وتمثل في توقيف الهجمات من أنصار الله على المصالح السعودية والاماراتية كذلك من الطرف الآخر وبدأت المصالح تعلو”. وتؤكد أن لبنان ليس موجوداً أصلا في هذا الاتفاق لا من قريب ولا من بعيد، لافتة الى دور واشنطن التعطيلي والمعرقل تجاه أي أمر ايجابي يحصل لايران أو حتى للمنطقة، فلا تقصر في تزكية كل ما من شأنه ضرب الاتفاق وخرق حلقة العلاقات الناشئة بين السعودية وايران ومعها سوريا والامارات، والمحللون الاستراتيجيون ينشغلون في قياس قدرة أميركا ونفوذها في المنطقة، منذ ٤٠ سنة، هل ضعفت أميركا أم ارتفعت قدراتها؟

هو تحليل تاريخي، لكن يكفي أن نقرأ الأحداث لنعرف مدى التغير في المنطقة، والسؤال أين لبنان من كل ما يحدث؟ تجيب المصادر: “ان لبنان ضعف جداً اقتصادياً، لكن مكانته قوية والا، لماذا خمس دول تجتمع من أجله؟ ولماذا لا تجتمع مثلاً من أجل الصومال أو السودان؟ بالنسبة الى ايران، لا يوجد شيئ مخفي، فالاتفاق واضح، ومنذ اللحظة الأولى قررت عدم التدخل وأبلغت الجميع بهذا الأمر علماً أنه اذا تدخلت يقولون انه احتلال ايراني واذا لم تتدخل يسألون لماذا لا تتدخل، وموضوع انضمام ايران الى الدول الخمس غير وارد وأي اتفاق حول لبنان لا يحصل بالطريقة التي تدار فيها الأمور حالياً”.

وتتابع المصادر: “ان أهداف أميركا داخل المنطقة بالتحالف مع الآخرين مرتبطة بموضوعين، أمني وعسكري وهذا على رأس الأولويات الأميركية داخل المنطقة، فقواعدها موجودة في ٦ دول عربية، ومن يريد التعاون معها، يجب أن يعكس هذا الاهتمام الأمني والعسكري، وهدفه الرئيس، اخلاء المنطقة من أي خطر على اسرائيل، وأي سلاح يهدد أمن اسرائيل يجب ازالته. وقد تعاونت معظم دول المنطقة مع واشنطن ضد ايران لازالة تهديد السلاح، وبعد الكثير من الحوادث رأت هذه الدول أن لا خطر أمنياً عليها ويجب تحديد المصالح الاقتصادية قبل كل شيئ، من هنا بدأت التحولات التي وصفت بالكبرى لأنها ستبدل خريطة المنطقة”.

هل توتر العلاقات بين طهران وفرنسا أثر سلباً على لبنان؟

سؤال محوري تجيب عنه المصادر بالتأكيد أن تصرفات غير لائقة صدرت عن بعض المسؤولين الفرنسيين تجاه ايران على خلفية اهانة المقدسات الاسلامية، وهذه التوترات تحصل عادة بين الدول لكن بالنسبة الى مهمة الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان، ايران لا تعارض هذه المهمة وتسهل أي أمر يستفيد منه لبنان ليخرج من الأزمة الرئاسية، وكل من يجتمع لمساعدة لبنان ستكون معه أما من يريد فرض مرشح أو واقع معين فستعارضه وترفضه، على الرغم من قرارها بعدم التدخل.

وتستبعد المصادر أن يصل الحراك الخارجي الى نتيجة في حل الأزمة الرئاسية (صفر + صفر = صفر) فالمعادلة مبنية على أهداف وليس أوهاماً، ولننظر الى الأهداف وأين لبنان منها وما هو المطلوب؟ نعرف كيف تسير الأمور منذ ٧٠ سنة، كل الاتفاقات والسيناريوهات تفشل ما دامت الأطراف المعنية بصورة مباشرة لا تدخل فيها. من هنا البداية وهنا النهاية، المهم الآن تؤكد المصادر أن الاتفاق السعودي – الايراني جدي الى أقصى الحدود ولا شيئ تحت الطاولة، وهذه الاستراتيجية واضحة مبنية على نقاط (قوة المقاومة نقطة مهمة جداً في كل الحسابات)، وفي عملية تجميع النقاط تتضح مسودة التسوية.

الخلاصة: لا حل قريب في لبنان وهذا مبني على وقائع وليس تحليلاً، والانتظار الآن لا يقتصر على التفاهم السعودي – الايراني انما على أوراق التفاوض بين طهران وواشنطن من الآن وحتى الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل، فلا خماسية ولا ثلاثية ولا سداسية ستتمكن من حل الأزمة لأن هذا الحل هو في مكان آخر.

ولعل المثل الذي أتت المصادر على ذكره يعبّر عن واقع الحال: هناك بلدة في ايران يأكل سكانها صباحاً وظهراً ومساء طبقاً رئيساً هو الأرز، وعندما تقرر ادخال طبق غيره على مائدة العشاء في أحد الايام، أكلوه ثم سألوا أين الأرز؟ ومتى العشاء؟

شارك المقال