المبادرة القطرية تلحق بالفرنسية… لا خرق حقيقياً قبل التدخل الأميركي؟

محمد شمس الدين

مبادرة تلو مبادرة تبوء بالفشل في خرق الجدار الصلب في الاستحقاق الرئاسي، فالمبادرة الفرنسية أخذت عدة أشكال من المقايضة إلى الحوار وما بينهما، وكلها فشلت. واليوم يعيش لبنان مرحلة المبادرة القطرية، التي تحاول التسويق لاسم ثالث، وتقدم اغراءات لمقايضة انسحاب مرشح “التحدي” كما تعتبره من أجل الوصول إلى تسوية، كون “حزب الله” شدد أمام الموفد القطري على أن مرشحه هو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية طالما هو مستمر في ترشيحه، ولذلك قدم الموفد الى الأخير عرضاً في محاولة لدفعه إلى الانسحاب من السباق، وبغض النظر عن مضمون العرض، الذي يضرب أصلاً صلاحيات رئيس الحكومة المقبل، فقد رفضه فرنجية، ما يعني أن المبادرة لم تستطع النجاح حتى اللحظة، وهنا يبرز السؤال، ماذا بعد المبادرة القطرية في حال فشلت؟

لو أن كل دولة من المجموعة الخماسية ابتعثت مندوباً إلى لبنان فلن يكون هناك حل إلا بالحوار، قد يتغير الاسم أو الشكل، ولكنه في النهاية حوار، هذا ما تؤكده مصادر مقربة من فريق الممانعة لموقع “لبنان الكبير”، مشيرة الى أن “الأميركي عندما يتدخل بصورة جدية سنرى نهاية الفراغ الرئاسي، لأنه يستطيع المونة على فريق المعارضة، وسيجترح حل لا غالب ولا مغلوب، يرضي الثنائي الشيعي، ويحفظ مكانة فرنجية، ولا يكسر المعارضة”.

وتتوقع المصادر أن يكون الدور الأساس في هذا الأمر للحزب “التقدمي الاشتراكي”، الذي يحسم النتيجة النهائية بعدد الأصوات في جلسة الانتخاب. وتستغرب كيف أن أحداً لم يعترض على المقايضة القطرية التي عرضت على فرنجية، بحيث أن الدنيا قامت ولم تقعد على فكرة المقايضة الفرنسية، سائلة: “هل هذه تخرق الدستور وتلك لا؟ هل فرنسا تضرب صلاحيات رئيس الحكومة المقبل وقطر لا؟ هل ضرب الدستور هو وفق الدولة أم الفكرة؟”.

أما بالنسبة الى بقية أركان الخماسية الدولية، فترى المصادر أن “مندوبيها هم مجرد أداة لاضاعة الوقت، إلا إذا تحقق خرق عبر مفاوضات حزب الله والتيار الوطني الحر، التي يمكن أن تؤمن وحدها العدد الكافي لانتخاب فرنجية رئيساً، إذا لم تتجه المعارضة الى إسقاط النصاب، وهذا له حسابات أخرى في حينه”.

وتتوقف المصادر عند تغيير رقعة الحفر في البلوك رقم 9، حيث تنتظر الدراسات من أخصائييها، لكي يعرف الموقف الرسمي من فريق الممانعة تجاهها، هل هو فعلاً مجرد أمر تقني، أما أن هناك ضغطاً سيُقرّش لاحقاً في السياسة والمفاوضات؟

أما المعارضة فترفض فكرة الاملاءات الخارجية، وتحمل لواء منع مرشح الممانعة من الوصول إلى بعبدا، وفي حال وصل، يكون عن غير طريقها، تحديداً إذا ما كان عبر اتفاق الحزب والتيار، بحيث تؤمن لها ذخيرة كاملة للتصويب على التيار، في بازار الرأي العام المسيحي، لاستعمالها في الانتخابات النيابية عام 2026، اذ ان البقاء في الضفة المعارضة هو لصالحها شعبياً، وخصوصاً إذا اعتبرت الدول الصديقة للبنان أن الانتخاب بهذه الطريقة هو تحدٍ لها.

ومن جهة رفض العرض القطري لفرنجية، ترى أوساط سياسية مطلعة أنه متوقع، ولكنها لا تستبعد فكرة عروض أخرى قد يقبل بها فرنجية في النهاية، ولكنها تصب في مصلحة فريقه السياسي كله وليس مصلحته فقط، معتبرة أن رئاسة الجمهورية اليوم في المزاد الدولي، بحيث ان من يستطيع تقديم عروض أفضل تكون لديه فرصة أكبر.

المشكلة في الاستحقاق الرئاسي اليوم لم تعد معارضة وموالاة فحسب، بل ان كل الفرقاء صعدوا إلى شجرة التصعيد بشكل لا يمكنهم التنازل أمام جمهورهم، وهذا الأمر قد يعني أن هناك تصعيداً ما في مكان ما سيحصل، يستعمل من أجل تبرير سبب التنازل للجمهور، لأن الثقافة السياسية لدى الأخير هي ثقافة أبيض وأسود فقط، كون هذا الأمر يشد العصب، بحيث لم تعمل الأحزاب على التثقيف السياسي الواقعي، بأن السياسة فن الممكن، وأن أعداء أو خصوم اليوم، هم أصدقاء الغد. وإلى ذلك الحين، على اللبنانيين انتظار مبادرات “الخماسية”، بل ربما كل دول العالم، وحتى قد ينتظرون مبادرات من كواكب أخرى حتى تحل أزمة الفراغ الرئاسي.

شارك المقال