العلم الروسي يحلق في النيجر؟

حسناء بو حرفوش

ركز مقال في موقع “نيويورك تايمز” الالكتروني الأميركي على بروز الأعلام الروسية “بقوة” في النيجر، الأمر الذي يحمل دلالة كبيرة. ووفقاً للمقال، “أصبح العلم الأحمر والأبيض والأزرق للاتحاد الروسي مألوفاً وسط بحر من الأعلام التي ترفرف عالياً لتعكس موجة من الحماسة الوطنية في بوركينا فاسو ومالي ومؤخراً النيجر، وهي البلدان التي شهدت انقلابات عسكرية.

وعلى الرغم من أن العلم الروسي يحمل إيحاءات سياسية، ظهر باعتباره إكسسواراً عصرياً، يشبه إلى حد كبير الرمز الذي ارتبط برسم تشي جيفارا قبل جيل مضى في الغرب. وعلق بعض الشبان بالقول إن الألوان الروسية تدعو الى التفكر باكتشاف المزيد عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وما يمكن أن يقدمه للنيجر التي تعرضت لضغوط بسبب العقوبات وإغلاق الحدود من جيرانها في غرب إفريقيا في أعقاب الانقلاب.

رمز لمناهضة الغرب؟

وبينما حققت روسيا نجاحات في بعض دول غرب ووسط إفريقيا، كان علمها العلامة الأكثر وضوحاً على تحول جيوسياسي أوسع في المنطقة، إلى جانب الأسلحة الروسية والمرتزقة. وفي هذا السياق، قال كايل والتر، رئيس الأبحاث في شركة  Logically للتكنولوجيا التي تتبعت تزايد الحركات المؤيدة لروسيا والمناهضة لفرنسا: لقد أصبح العلم الروسي رمزاً للمقاومة في غرب إفريقيا، حيث يرتبط بالمواقف المناهضة للغرب والمعادية لفرنسا.

علامات استفهام طرحت مع ذلك حول كيفية وصول هذا العدد الكبير من الأعلام الروسية بهذه السهولة إلى عواصم غرب إفريقيا وبقيت مسألة العدد موضع تكهنات بين المحللين وبعض الديبلوماسيين الغربيين الذين يتتبعون أصل الأعلام، مقتنعين بأن الحكومة الروسية قامت بتمويل توزيعها لنشر نفوذها. وهناك بعض الأدلة على أن الكرملين فعل ذلك.

وقال أحمد بيلو، رئيس مجموعة PARADE النيجيرية التابعة للمجتمع المدني إنه وزع زهاء 70 علماً روسياً في كل احتجاج في نيامي، وإن عمله موّلته الحكومة الروسية من خلال وسطاء يقومون بعمليات مماثلة في مالي. وأضاف: نعمل معهم على تطوير توسع الأيديولوجية الروسية في أفريقيا، وقد حددت شركة مايكروسوفت PARADE على أن وزارة الخارجية الروسية أنشأتها. كما قال مسؤول عسكري أوروبي كبير، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن المجموعة كانت واجهة للعمليات التي يدعمها الكرملين في القارة. وأشار بيلو إلى أنه بدأ بإرسال الأعلام إلى مدن أخرى عبر النيجر. وفي اجتماع في وقت سابق من هذا العام مع سفير روسيا لدى مالي، أكد أن السفير ناقش معه كيف تمويل أنشطته مقابل تقديمه المساعدة في الترويج لافتتاح سفارة روسية في النيجر.

ولم تستجب السفارة الروسية في مالي لطلب التعليق على هذه النقطة بالتحديد. ولكن في النيجر، لا شك في الدور الذي تلعبه الموضة في شعبية العلم (…) وينظر العديد من الشباب الأفارقة إلى روسيا باعتبارها قوة مناهضة للاستعمار، موجودة لمساعدتهم على التخلص من ماضيهم الاستعماري وكتابة فصل جديد من نضالهم.

وبعد أن أطاح الحكام العسكريون في النيجر الرئيس المدني في أواخر تموز، انتشرت موجة من المشاعر المؤيدة لروسيا في جميع أنحاء العاصمة، إلى جانب غضب واسع النطاق ضد فرنسا، المستعمر السابق للنيجر والحليف الأمني القديم. وغادر سفير فرنسا لدى النيجر يوم الأربعاء، ومن المقرر أن تغادر القوات الفرنسية المتمركزة في البلاد بحلول نهاية العام. ومع تضاؤل الآمال في الفرص الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في ظل الشراكات مع فرنسا والغرب، تزايدت الرغبة في التقرب من بوتين.

وحتى الآن، لم يترجم الحماس تجاه روسيا الى تأثير سياسي لموسكو في النيجر. وكما هو الحال في بلدان أخرى في المنطقة، تتضاءل المشاركة الاقتصادية والانسانية لروسيا أمام مشاريع البنية التحتية والمساعدات والشراكات الأمنية مع الدول الغربية والصين وتركيا. ومع ذلك، أتى الظهور المفاجئ للأعلام الروسية في شوارع نيامي بمثابة صدى لظواهر مماثلة في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين، حيث استولت الحكومات التي يقودها الجيش على السلطة في انقلابات في السنوات الأخيرة ثم تحالفت مع روسيا سعياً وراء التعاون العسكري”.

كلمات البحث
شارك المقال