كواليس إنتخابات “الشرعي” في البقاع: فشل التدخلات وامتعاض من النتيجة

راما الجراح

كان الرهان واضحاً على أن هناك شيئاً يُطبخ على نار هادئة وستكون نتيجة انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى في البقاع صادمة، وبالفعل، كانت مُفاجأة تفوّق المرشح المحامي محمد العجمي بـ ٥٨ صوتاً غير متوقعة حتى صباح يوم الانتخابات، مقابل ٥٥ صوتاً للقاضي الشرعي يونس عبد الرزاق. المرشحان الفائزان من المنطقة نفسها مجدل عنجر – البقاع الأوسط، أي لم تكن هناك حصّة للبقاع الغربي على الرغم من أن غالبية المرشحين من هذا القضاء. وعن قضاء بعلبك – الهرمل، لم يكن هناك مرشحون في الأساس باعتبار أن أصواتهم لا يمكن أن تأتي بعضو، وإحتمال تعيين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مرشحاً، وارد جداً في هذه الحالة. ولكن، هل هذه النتيجة طبيعية وعادلة؟ وماذا حصل في كواليس إنتخابات البقاع؟

لم تكن هناك معركة انتخابية بين طرفين سياسيين كما جرت العادة، بحيث أن غالبية المرشحين تدور في فلك تيار “المستقبل”. ويؤكد أحد كوادر التيار المعروفين على صعيد المنطقة لـ “لبنان الكبير” أن “كل الأقاويل والأحاديث عن دعم التيار للمرشحين الفائزين والتي يتم التداول بها على ألسنة الناس، أو المواقع الالكترونية التي تنتظر أي مناسبة أو استحقاق لتصوّب سهامها على المستقبل غير صحيحة وليست ورادة إطلاقاً، ونكرر الكلام نفسه في كل مرة أن الرئيس سعد الحريري لو أراد الاستمرار في التدخل في الشؤون السياسية هذه الفترة لما أعلن الاعتكاف ولا تعليق العمل السياسي للتيار، ونأمل من الجميع فهمها هذه المرة، ومن ناحية ثانية صحيح أنه معروف عن الفائزين ميولهم إلى تيار المستقبل ولكن هذا لا يعني أننا دعمنا أحداً، ومَن لديه دليل فليضعه أمامنا، ونبارك للفائزين وننتظر منهما ما فيه خير للطائفة والبلاد”.

ويوضح أن “أكثر من ٨٠٪ من الهيئة الناخبة في الأساس ميولهم للمستقبل، كما أن ٤ من أصل ٦ من المرشحين يعرف الجميع أنهم من المؤيدين للتيار، والنائب حسن مراد لم يكن لديه أي مرشح، ولكنه حاول أن يلعب على نسبة لا تتعدى الـ ١٠٪ لمحاولة إضعاف أصوات القاضي يونس عبد الرزاق الذي كان هناك اجماع عليه بأنه أكثر مَن يستحق ويليق به المنصب”.

في كواليس الانتخابات، تشير مصادر خاصة متابعة للحراك الانتخابي لموقع “لبنان الكبير” الى أن “ما حصل هو اتحاد ٣ قوى ضد القاضي عبد الرزاق لإضعافه أمام المجلس لأن إسقاطه كان شبه مستحيل. وفي التفاصيل، كان النائب حسن مراد أول المحاربين للقاضي وهمه الوحيد عدم نيله رقماً عالياً، أولاً لأنه يخالفه في السياسة، وثانياً لأن الملف القضائي لمؤسسات الغد الأفضل بين يديه، وقال مراد صباح الانتخابات لمجموعة أشخاص أمام دار الفتوى: ممنوع يونس يجيب أكثر من ٣٠ صوتاً ومَن يؤيده يعني هو ضد أبو حسين، أي والده الوزير السابق عبد الرحيم مراد، بالاضافة إلى انه أجرى عدة إتصالات ليل الانتخابات بأكثر من مرشح قائلاً أن القاضي عبد الرزاق يعتبر مرشحاً استفزازياً وتحدياً ولا يجب السماح بأن يمر بسهولة”.

وتضيف المصادر: “إلى جانب مراد، كان لمفتي راشيا وفيق حجازي دور بارز في عدم إيصال عبد الرزاق بأرقام عالية بسبب قُرب الأخير من مفتي زحلة والبقاع علي الغزاوي ودار الفتوى، وكأنه نوع من أنواع الغيرة وليست هناك أي إشكالية في الشخصي بينهما. وهناك أحد نواب السُنّة المعروف عنه أنه مستقل في العلن كان من الداعمين أيضاً للمرشح المحامي صالح الدسوقي والمحامي محمد العجمي، وعليه يمكن أن نقول إن هناك قوى سياسية حاربت علناً ولكنها فشلت بعدما استطاع القاضي الوصول إلى عتبة الـ ٥٥ صوتاً، والمستفيد الوحيد من هذه العداوة كان المحامي محمد العجمي أيضاً المعروف بقربه من جو المستقبل واستطاع التفوق بـ ٥٨ صوتاً”.

أما أهالي البقاع الغربي فامتعضوا من النتيجة، وتعتبر أوساط مرجعية أن “النتيجة ليست عادلة على الرغم من كفاءة الفائزين، ولكن في حال كان الايعاز أن يكون مرشح شيخاً وآخر محامياً، فالمحامي سعد حسنة من البقاع الغربي – المرج الذي يترشح للمرة الثالثة على التوالي والمعروف عنه نزاهته وحنكته واستقلاليته كان الأجدر بهذا المنصب، كما هناك المحامي بلال زين الدين من المرج أيضاً ويعتبر من الأوادم والذين يتمتعون بسُمعة طيبة وتفانٍ في العمل، والمحامي صالح الدسوقي من البقاع الغربي، فلماذا لَم يتم اختيار واحد منهم لتولي المنصب وبهذا يمكن إرضاء البقاعين الغربي والأوسط؟”.

شارك المقال