ترامب و”مسك الختام”: حرب ضد إيران بتحريض إسرائيلي

حسناء بو حرفوش

تستمر “الفضائح” حول عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بالظهور تباعاً، وبعد فضيحة دعوته لـ”تكسير جماجم المتظاهرين” إثر الاضطرابات التي اندلعت في البلاد في نهاية عهده، طفت قصة جديدة على السطح، ومفادها نيته أن يختم سنوات رئاسته في البيت الأبيض بضربة عسكرية ضد إيران، كادت أن تدخل البلدان في أتون الحرب، بحسب موقعي “ذا هيل” (The Hill)  و”بيزنس إنسايدر (BusinessInsider) الأميركيين. كما أشار موقع “المونيتور” (Al-Monitor)  إلى دور التحريض الإسرائيلي في حثّ ترامب على اعتماد هذا الخيار.

“ستخوض حرباً سخيفة”

ووفقاً لـ”ذا هيل”، “أصدر الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، تحذيراً صارخاً لترامب حول توجيه ضربة محتملة لإيران في الأشهر الأخيرة من رئاسته، متخوفاً من أن خطوة كهذه قد تغرق البلاد في “حرب سخيفة”، بحسب كتاب يرتقب صدوره في العام المقبل، بتوقيع الكاتبة سوزان جلاسر، مراسلة صحيفة “نيويوركر”(The New Yorker). ويعتمد كتاب جلاسر عن الرئيس السابق، الذي كتبته بالمشاركة مع زوجها بيتر بيكر من صحيفة “نيويورك تايمز” (NewYork Times)، على نحو 200 مقابلة مع مصادر موثوقة كما يفصل ارتياب ميلي في ما يتعلق بإصرار ترامب على ضرب إيران بسبب تصرفاتها التي تناقض المصالح الأميركية. كما يشارك الكتاب قلق ميلي من أن ترامب لن يوفر جهداً للبقاء في السلطة، بما في ذلك شن انقلاب عسكري وصولاً إلى إشعال شرارة الحرب مع إيران (…) ويورد الكتاب تفاصيل اجتماع 3 كانون الثاني الذي ضم ميلي ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ليخمد أخيراً المخاوف من إطلاق ترامب لضربة ضد إيران، في ضوء تحديد ثلاثة عواقب لهكذا قرار. وبدا أن تحذيراتهم لاقت آذاناً صاغية لدى ترامب. وأكد كتاب آخر عن ترامب، موقع بقلم اثنين من مراسلي “واشنطن بوست” (Washington Post) من المقرر صدوره الأسبوع المقبل، أن ميلي يشعر بالقلق أيضاً من إمكانية قيام ترامب بانقلاب عسكري لاستعادة السلطة وأنه لا يزال يرفض، بعد مرور أشهر عديدة، القبول بنتيجة الانتخابات. وردّ ترامب يوم الخميس على التقارير عن مخاوف ميلي من وقوع انقلاب واصفاً إياها بـ”السخيفة!”

إيران في قلب الاستشارات

وبدوره، نقل “بيزنس إنسايدر” عن جلاسر، أن إيران ذكرت مراراً وبشكل كبير، في اجتماعات البيت الأبيض عقب الانتخابات، حيث بدا أن ترامب “مستعد لفعل أي شيء للبقاء في السلطة”. كما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في أواخر تشرين الثاني أن ترامب استشار كبار المستشارين، ومن ضمنهم ميلي، حول الخيارات لضرب الموقع النووي الإيراني الأساسي. وفي أحد الاجتماعات التي عقدت بدون ترامب، أعاد مستشاروه إثارة مسألة الإجراءات ضد إيران، وتساءل ميلي عن السبب وراء عزمهم على مهاجمة البلاد، حسبما أفادت جلاسر. وأتت الإجابة من نائب الرئيس مايك بنس، بأنهم “أشرار”. وقال التقرير أن ميلي ساعد في نهاية المطاف في حسم وإنهاء احتمال نشوب صراع مع إيران. وفي 3 ك2، عقد ترامب اجتماعاً في المكتب البيضاوي حول آخر المستجدات المتعلقة بأنشطة إيران النووية. وحينها، أبلغ ميلي، جنبًا إلى جنب مع روبرت أوبراين وبومبيو، ترامب بأن أي عمل عسكري ضد إيران مستحيل في تلك المرحلة. بالنتيجة، استجاب ترامب فيما يبدو للتحذيرات، وتلاشى التركيز على إيران.

إقرأ أيضاً: إيران بين ممحاة بايدن وبصمات ترامب

خصومة قديمة

ولا يخفى على أحد أن خصومة الولايات المتحدة وإيران تعود لعقود خلت، وتحديداً إلى الثورة الإسلامية التي اندلعت في إيران في العام 1979 وأزمة الرهائن في السفارة الأميركية التي بدأت في العام نفسه، لكن التوترات وصلت إلى مستويات تاريخية في عهد ترامب. وحلّ قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في قلب العداء. كما استخدمت إدارته حملة “ضغوط قصوى” ضد طهران، وسعت لشل الاقتصاد الإيراني من خلال عقوبات قاسية للغاية على أمل التفاوض في نهاية المطاف على نسخة أكثر صرامة من الاتفاقية النووية. لكن استراتيجية ترامب لم تنجح واتخذت إيران خطوات تدريجية بعيدا عن اتفاق 2015، الذي يهدف في الأساس لمنعها من تطوير سلاح نووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. وبالتزامن، أثارت سلسلة من المناوشات في الخليج العربي، تضمنت هجمات على ناقلات نفط، ألقت الولايات المتحدة فيها باللوم على إيران، مخاوف من اندلاع صراع جديد في المنطقة. أضف إلى ذلك أن ترامب أصدر في كانون الثاني 2020، أمراً بضربة بطائرة مسيرة أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني. ودفعت الضربة بالولايات المتحدة وإيران إلى حافة الحرب، وحفّزت هجوماً صاروخياً انتقامياً ضد القوات الأميركية في العراق، أسفر عن إصابة عشرات الأشخاص. وابتعد الطرفان في النهاية عن صراع أوسع، لكن التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران ما زالت مستمرة في عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.

نتنياهو يحرّض ترامب

وفي السياق عينه، نقل موقع “المونيتور” الأميركي، عن دور رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو في تحريض ترامب على ضرب إيران خلال الأيام الأخيرة من منصبه. ونقل عن صحيفة “نيويوركر” أن نتنياهو حثّ ترامب على شن ضربات عسكرية ضد إيران. وأتت دعوة نتنياهو بالتزامن مع سؤال ترامب مراراً لكبار مستشاريه عن خيارات ضرب إيران رداً على هجمات صغيرة ضد القوات الأميركية في المنطقة. كما هددت حكومة نتنياهو بضرب إيران خلال محادثات خاصة مع المسؤولين الأميركيين من قبل، وعلى الأخص خلال سعي إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لإجراء محادثات نووية مع طهران. وأكد مسؤولو دفاع أميركيون سابقون لـ “المونيتور” أن أي ضربة أميركية-إسرائيلية مشتركة ضد إيران ستشعل بشكل شبه مؤكد، صراعاً بين الدول وربما حرباً إقليمية على نطاق أوسع.

المصادر:

The Hill
Business Insider
Al Mmonitor

شارك المقال