لبنان بين طوفان النزوح وطوفان الأقصى

لينا دوغان
لينا دوغان

من جديد تختلط الأوراق في المنطقة لتجر معها الورقة اللبنانية المتهاوية أصلاً، وهذا ما كانت المخاوف بشأنه تدور في الكواليس بأن شيئاً ما يحضر له في المنطقة والخوف على لبنان لأنه لم يتوصل الى انتاج رئيس على الرغم من كل المحاولات والمساعي.

لن يكون لبنان بمنأى عما يجري في غزة أو أقرب أقرب من غزة، إذ إن حدود فلسطين المحتلة شمالاً ليست هادئة منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، والحديث عن عملية فتح الساحات قال به أكثر من مسؤول في “حزب الله”، الذي تضامن مع المقاومة الفلسطينية باستهدافه ثلاثة مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، وردّ الجيش الاسرائيلي بقذائف أطلقها باتجاه مواقع رويسات العلم ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وقيل أيضاً من ضمن الاتصالات التي تجري على ما يبدو بعيداً عن الاعلام، بأن مصر أبلغت اسرائيل أن “حزب الله” سيقتحم مستوطنات الشمال في حال قيام تل أبيب بعمل عسكري بري في غزة.

الموقف الرسمي اللبناني الخجول صدر فقط عن وزارة الخارجية بأن العدو الاسرائيلي مسؤول عن التطورات الميدانية في فلسطين المحتلة. وعبّرت عن احترامها للقرارات الدولية، لكن في ظل عدم وجود رئيس جمهورية ولا حكومة غير حكومة تصريف أعمال ومجلس نواب ، يعني باختصار الواجهة الرسمية للبلد معطلة والخوف يبقى أكثر من أي وقت مضى من أن يكون لبنان ساحة أساسية هذه المرة يحدد فيها قرار الحرب فقط “حزب الله” وحده.

لبنان في هذا الوضع، وفي ظل عملية “طوفان الأقصى”، التي كما لم يعرف أحد توقيتها، يتحدث الجميع عن عدم معرفة توقيت نهايتها، سيكون ملفاً صغيراً أمام هذا الحدث الكبير، وسنكون أمام عملية جمود في موضوع تحريك الملف الرئاسي، ما يعني جموداً في كل الأمور اللبنانية، وأحوال اللبنانيين الى مزيد من السوء والتدهور، على كل الصعد.

أساساً لبنان الواقع في الأزمات لم يستطع حتى الساعة ايجاد حل لمشكلاته، لا عن طريق حل داخلي كما بات معروفاً لتمسك كل فريق بموقفه، ولا عن طريق الطروح التي يحملها الموفدون والتي أقفلت كل الأبواب في وجههم، حتى فتحت أبواب جهنم على اسرائيل، لنكون في غياهب تفكير القاصي والداني من الوافد وغير الوافد.

مصيبتنا أن واقعنا الهش لا يحتمل أية هزة وكان علينا أن نتحصن، ولكن بما أننا لم نقم بذلك، علينا أن نتحمل ويلات بدأت تداعياتها تتظهر على الأرض وبصورة يومية، متنقلة من منطقة الى أخرى، والأمور ذاهبة الى انفجار كبير غير معروف التوقيت! فالداخل اللبناني يغلي من تضخم النزوح السوري، وكان ما حصل في الدورة بمثابة جرس انذار خطير لاحتمال اندلاع أعمال عنف تتخذ بعداً لبنانياً – سورياً عنصرياً، وهذا ما بدأ يتضح شيئاً فشيئاً، إذ إن ملف النزوح السوري جعل المشهد الداخلي مضطرباً أمنياً وسياسياً وإعلامياً، خصوصاً أن الجيش كان أوقف في حادثة الدورة ٢٧ سورياً، كما أن عمليات الهجرة غير الشرعية تجددت عبر سواحل الشمال.

ومع مشهد الاضطرابات المتنقلة، تتصاعد المخاوف من التحدي الكبير ألا وهو الوضع الأمني، وسط عجز عن القدرة على المواجهة، بوجود أزمة سياسية ودستورية وسلطة مفككة، يتراشق وزراؤها الاتهامات، وقوى سياسية تتواجه في ما بينها بالمزايدات، فيما الكارثة تتربص بنا شراً، لنعيش مزيداً من الاضطرابات والبلبلة اليومية.

وما فعله مختارو منطقة الجديدة – البوشرية – السد، دليل واضح على أن الواقع لا ينذر بالخير، من خلال الكتاب الذي أرسلوه الى الأمن العام ويحذرون فيه من الوضع الخطير ويطالبون بإغلاق المحال المشغولة من غير اللبنانيين.

في الوقت الراهن، اللبناني المعدوم الذي يعيش أسوأ وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي والمتخوف من تردي الوضع الأمني، يعيش الآن قلق الحدود وقلق الداخل، فلا يعرف اذا كانت عملية “طوفان الأقصى” ستتوسع ويكون هو جزءاً منها على الرغم من أن وضعه لا يحتمل فأساساته منهارة، ولا اذا كان طوفان النزوح سيقف عند حده وتوجد له حلول، أم أنه سيشكل أزمة لا تحمد عقباها؟

شارك المقال