لبنان في عين العاصفة… ولا إمكانات لتحمّل حرب جديدة

راما الجراح

يتابع اللبنانيون عن كثب تطورات الحرب الدائرة بين إسرائيل و”حماس”، والتصعيد على الحدود الجنوبية للبنان مع سقوط ثلاثة قتلى لـ “حزب الله” بعد القصف الاسرائيلي لموقعهم، إثر محاولات تسلل لعناصر مسلحة شهدتها الحدود اللبنانية – الاسرائيلية أدت إلى قتلى وجرحى من الطرفين. وبعد أن أطلق الحزب وابلاً من الصواريخ على شمال إسرائيل رداً على مقتل عناصره، أعلن في بيان أن رده “أوليّ”، ما يعني أنه يخطط لتصعيد جديد.

يعيش اللبنانيون حالة ترقب وخوف مما إذا كانت الحرب ستندلع في بلدهم الغارق بأزماته المعيشية والاقتصادية والاجتماعية. ومع عودة مشهد النزوح من الجنوب اللبناني نتيجة تعرض عدة بلدات لقصف إسرائيلي، عاد مشهد الطوابير أمام محطات المحروقات للتزود بالوقود خوفاً من الأسوأ، وهرع المواطنون الى تخزين مواد غذائية، وجرى تعليق الدراسة في المدارس الرسمية والخاصة في الأقضية المتاخمة للحدود الجنوبية بقرار من وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي. وعليه، ما هي احتمالات دخول لبنان في حرب جديدة مع إسرائيل؟ وهل من إمكانات لتحمّل تبعاتها؟

لبنان في عين العاصفة وما يجري في الجنوب يثير القلق العميق، والمعالجة تتم بالتروي والعمل الدؤوب وتحمل المسؤولية بين الوزراء، بحسب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي شدد على دور الجيش لتكريس الأمن والهدوء والتعاون مع “اليونيفيل”، مؤكداً أن “قضية فلسطين هي قضية عادلة وكل انسان يؤمن بالحق”.

وقال بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس: “جميعنا معنيون بما يجري في غزة ولبنان في عين العاصفة وما يجري على حدودنا الجنوبية يثير قلقنا، وندين بشدة الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الاسرائيلي ويسكت عنها المجتمع الدولي، وإنني على تواصل مع المسؤولين الدوليين الذين بادروا الى الاتصال لوضعنا في صورة الطلب الينا السعي الى تهدئة الأوضاع وكل القوى السياسية الفاعلة في لبنان للطلب اليهم ضبط النفس وعدم الانجرار الى المخططات الاسرائيلية، ولبنان ملتزم بتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701، وطلبنا من جميع المعنيين أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ”.

ياسين: لا نريد الدخول في حرب

واعتبر النائب ياسين ياسين “أننا لا نريد أن ندخل في حرب ونتحمل ما لا طاقة لنا به. ولا يخفى على أحد أننا ومن دون حرب لا نستطيع أن نقوم بحياتنا اليومية من أكل، شرب، محروقات، تدفئة ومدارس. ورأينا ما حصل في سوريا من دمار وقتل وتهجير ما لا يقل عن ١٥ مليوناً من الشعب، كذلك الأمر في العراق وغيرها، واليوم سيناريو تهجير أهل غزة حاضر، ونحن إلى جانبهم ومع مقاومتها ومع أي مقاومة تهاجم إسرائيل قولاً واحداً، إنما زج لبنان في هذه الحرب مرفوض، وإن فُرضت علينا فهنا كلام آخر”.

وأكد ياسين في حديث عبر “لبنان الكبير” أن “عملية طوفان الأقصى حققت نصراً كبيراً في الساعات الأولى حتى أنني أسميتها بحطّين الجديدة، غيّرت المستقبل والتاريخ، ولم نشهد نصراً كهذا من قبل، واليوم للأسف نعيش تداعيات هذه العملية بقصف عنيف يطال غزة ونأمل أن ينتهي قريباً جداً. نحن مع الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية ولسنا على حياد في هذا الموضوع، وضد إسرائيل”. وقال: “في حال الانتقال الى حرب اقليمية، وبهذه الظروف التي يعيشها لبنان من انهيار اقتصادي ستكون نتائجها مأساوية كمثل ما يحصل اليوم في قطاع غزة، حمى الله لبنان وجميع اللبنانيين”.

الحشيمي: الضربات على الحدود لا نفع لها

ورأى النائب بلال الحشيمي أن “لا حرب ستحصل في لبنان، ولو أرادوها حرباً لبدأت منذ الضربة الأولى، والله يعين غزة وأهلها، وكل هذه الضربات على الحدود لا نفع لها وما يحصل لحفظ ماء الوجه فقط. ودخول لبنان اليوم في حرب مع إسرائيل مختلف تماماً عما كان عليه في العام ٢٠٠٦، ففي ذلك الحين كان هناك مال ودعم عربي أما في الوقت الحاضر فليس هناك شيئ من هذا، والأمور أسوء بكثير”.

ولا يعتقد الحشيمي أن “حزب الله” يريد الدخول في الحرب في هذا الوضع، مشيراً الى أن “الأمور محصورة ضمن مناوشات ليس أكثر، وفي ظل الأحداث اليوم تبين أن ليست لدينا دولة ولم يصدر أي قرار رسمي تجاه ما حصل في الجنوب أو ما يحصل في فلسطين، وللأسف كأننا خارج التغطية، لذلك نحن في أمس الحاجة الى انتخاب رئيس للجمهورية حتى يصبح لدينا أقله قرار رسمي، ويكون الرئيس مقرباً من الدول العربية الاقليمية لانتشال لبنان من كل الأزمات التي يعانيها”.

بحصلي: البضائع متوافرة في الأسواق

وشدد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ “لبنان الكبير”، على “أننا لا نستطيع أن نتحمل أي حرب جديدة في لبنان، وستكون أصعب بكثير من العام ٢٠٠٦ والمعطيات تختلف، ومهما حاولت طمأنة الناس في تصريحات وبيانات، ولكن في حال حصلت جميعنا لن نبقى موجودين”، مؤكداً أن “لا داعي في الوقت الحاضر للتهافت على شراء المواد الغذائية وتخزينها لأن الامدادات موجودة، وهناك بضائع كثيرة في الأسواق والمخازن ومن كل الأصناف وتكفي لثلاثة أشهر على الأقل والأسعار لن تتأثر بما يحصل في قطاع غزة”.

أما في الشأن الصحي، فأوضح وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن “الخطوة الأساسية الآن هي التنسيق مع الشركاء كافة في القطاع الصحي سواء من عاملين أم مستشفيات وشركات استيراد وتصنيع للمواد الطبية والمستلزمات، فضلاً عن الجهات الدولية كمنظمة الصحة العالمية، اليونسيف، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الصليب الأحمر اللبناني، الأونروا، منظمة أطباء بلا حدود، مفوضية شؤون اللاجئين، المنظمة الدولية للهجرة، وغيرها وكذلك الجهات المانحة الداعمة للقطاع الصحي بهدف رفع الجهوزية وتحضير القطاع لأي طارئ”.

وتوقع في مؤتمر صحافي، وصول مساعدات نهاية هذا الأسبوع ما سيسهم في رفع جهوزية المستشفيات ومراكز الطوارئ لتقديم الاسعافات الأولية أو التعامل مع الجرحى، لافتاً إلى أن “المنصة الاكترونية الموجودة في وزارة الصحة ستسمح بحسن استخدام الموارد المتوافرة ان بشرية أو استشفائية أو صحية أو غيرها، وأن الوزارة في طور التجهيز لحالتين، الأولى تتعلّق بالجرحى والثانية لضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية على جميع الأراضي اللبنانية في حال حصول أي نزوح داخلي من مناطق الى أخرى”.

شارك المقال